مريم متى رأت الخاطئ آتياً أمام قدميها مستغيثاً بها وطالباً الرحمة، فهي لا تلاحظ المآثم المتدنس هو بها، بل تنظر الى نيته وقصده الصالح الذي به التجأ هو اليها. فاذاً حينما يقصدها الخاطئ بعزمٍ جيد وبنية مقدسة، فهي تعنقه وتقبله. ولا تستنكف من أن تشفيه من كل جراحاته الأثيمة المقرحة بها نفسه، ولو كان هو قبلاً صنع الخطايا الموجودة في العالم بأسرها، لأن هذه الأم الكلية الحب لبنيها مدعوة منا بقلب أم الرحمة، لا نعتاً وتبجيلاً وتكرمةً، بل هي حقاً وصدقاً كذلك. وبالعملية تظهر حقائق تسميتها هذه، وتعلنها الى الجميع، بالحب والرأفة والانعطاف والحنو الرحمة، التي بها تسعفنا وتساعدنا وتنعم علينا. وهذا جميعه يتضح جلياً من كلمات هذه السيدة الفائقة القداسة عينها. المقولة منها حياً للقديسة بريجيتا (كتاب1 رأس23 من سيرة حياتها) بهذه الألفاظ وهي: أن الخاطئ مهما صنع من الشر وأقبل اليَّ بحسن عبادةٍ، فلا ألاحظ كثرة مآثمه، بل أنظر الى نيته وعزمه اللذين أقبل اليَّ بهما. ولا أستنكف من أن أضمد جراحاته وأشفيه منها، لأني ألقب بأم الرحمة وأنا بالحقيقة كذلك*