بيت اكيلا وبريسكلا

[walaa farouk]

زار أحد خدام الرب بيتاً لأول مرة ، ولما عاد الزوج إلى بيته، قالت له زوجته : لقد زارنا الخادم اليوم . فقال الزوج : إنى سعيد أن يزورنا أحد من خدام الرب ، لكن ماذاقال ؟ أجابت الزوجة : لقد سألنى سؤالاً واحداً ومحدداً هو: هل يقيم يسوع في بيتكم ؟ فقال الزوج : وهل قلت له أننا قوم محترمون ، لا نفعل الشرور ، ندفع الضرائب ، ولا نكسر إشارات المرور . واننا نسلك بلياقة مثل باقي سكان المدينة الطيبين .. اجابت الزوجة: لم اقل شيئاً من ذلك ، لأن ذلك ليس جواباً مناسباً لسؤاله . كان سؤاله هو: هل يقيم يسوع هنا؟ ، اجاب الزوج : لماذا لم تقولي له اننا اعضاء فى الكنيسة, واننا نذهب للصلاة كل يوم احد ، وانت تعملين فى مدرسة الاحد وابنائنا مشتركين في نادي الكنيسة , وانا واحد من شيوخها؟ اجابت : كلا ، لم اقل له كل ذلك … لقد قلت له: إنى لا اعرف, لأن سؤاله كان محددا:ً هل يقيم يسوع في بيتكم ؟ ثم صمتت وقالت : آه يا زوجي العزيز ( جون) إنى احس بغياب يسوع ، إننا نفتقده! انه عاى ما يبدو لا يقيم فى بيتنا !
فهل يقيم المسيح فى بيوتنا حقاً؟ ، ان الرجل العاقل هو الذى يبنى بيته على الصخر والجاهل يبنيه على الرمل (والرمل هنا يعني أي شخص أو أى شئ ولو كان كل أموال الدنيا) ، وعندما ينزل المطر و تأتي الانهار وتهب الرياح ( وهذه صورة للضيقات ) ُتمتحن متانة البيوت فبدون المسيح الصخر تنهار البيوت امام اقل زلزال بل و أمام أتفه الرياح, (مت 27:7),لذلك فإن معدلات الإنفصال والطلاق التي تدمرالبيوت وتشرد الأطفال في ازدياد مطرد .. يقول الكتاب "الحكمة بنت بيتها نحتت اعمدتها السبعة ." ( امثال 1:9) ،و من اجمل البيوت الأرضية ( أما بيت الآب في السماء فهو الأسمى والأجمل على الإطلاق) فى العهد الجديد هو بيت اكيلا وبريسكلا( اكيلا معناه نسر، وبريسكلا معاناه إمرأة صغيرة )أى ستستمر هكذا امرأة لا تعرف الشيخوخة, ولم لا ؟ وقد ارتبطت بالنسر اى السماوى الذى يجدد " كالنسر شبابك ") ، وللبيت المسيحي أعمدة سبعة كما نراها في هذا البيت الجميل و هى:
1ـ وحدة وانسجام :
لقد جاء اسم اكيلا وبريسكلا فى 6 مواضع ، يذكر اسم اكيلا اولاً إذا كان الأمر مرتبطاً بالقيادة مثلاً( اع 2:18، 16 )، وفى (رو3:16 ,4) يذكر الرسول بولس بريسكلا اولا تقديرا لها وهنا نتعلم درسا عظيما ان المكافآت الأعظم لا ترتبط بالضرورة بالذين يعملون اعمالا ظاهرة لذلك طوبى لأولئك الذين يخدمون سيدهم باتضاع وبساطة قلب حتى ولو كانت خدمتهم غير ظاهرة للناس ربما اكثر من الخدام المشهورين الذين لم يطيعوا الرب من كل قلوبهم وبضمير طاهر.
واكيلا وبريسكلا لا تجدهما اثنين, بل جسداً واحداً له رأس واحد لأنه إذا كان للجسد رأسين يصبح كياناً مشوهاً وكذلك إذا كان للرأس جسدين .. لكننا نرى هنا فكراً واحداً اى فكر المسيح، وقلباً واحداً هو قلب المسيح ،وعواطفه، ومحبته للخطاة، ولهما غرض واحد وهو مجد وإكرام المسيح وحينما يخضع الجسد ( الزوجة ) للرأس( الرجل ) وحينما يحب الرجل امرأته كنفسه, كما أحب المسيح الكنيسة, ينتج بيتا نموذجياً فى انسجام بديع .
2ـ بيت آثاثه الخيام :
عاش اكيلا كالسائح الغريب فكان يمكنه ان يكون ثروة ,ويكون غنياً (ام16:15) , لكنه اكتفى بالقليل وكان سعيداً, ولأنه كثير الترحال كان آثاث بيته بسيطاً. وما أسعد البيت باثاث بسيط ومريح نستعمله ولايستعبدنا, باختصار بيت نعيش فيه لا نعيش له, نتحرك فيه بحرية, مقاعد نسترخى عليها ولا نكتفى بمجرد صقلها وتلميعها والفرجه عليها,يقال ان من يزور بيت"بيل جراهام"احد اشهر الوعاظ المعاصرين يجده بسيطا وما زال يقطن في الحى البسيط مع انه بامكانه ان يعيش فى أغنى وارقى الاحياء.
3ـالبيت مفتوح:
"فتح للمسافر ابوابه وغريب لم يبت فى الخارج " (اى32:31) والرسول بولس الذى "ليس له إقامة "(1كو11:4) أقام فى بيتهما سنه وستة اشهر .
فما أبرك البيت الكريم المفتوح لقد أضافت المرأة الشونمية رجل الله" أليشع" عندما عملت له" ِعلية" فكان إكرام الرب لها ان اخذت إبن مرتين ،واضاف ابراهيم وسارة ثلاثة رجال فكافأهما الرب باسحق ، اما رفقة التى اضافت عابر سبيل غلبان فكانت المكاقأة ان أحضر لها إسحق اغنى واجمل العرسان.
"لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون ." (عب 2:13) ، ويعتبر بيت اكيلا وبريسكلا واحد من بيوت ثلاثة بها كنائس,(مع نمفاس وفليمون)
4ـ الكتاب مشروح :
لقد فهم اكيلا وبريسكلا معنى الإنتذار الصحيح فحلق شعر رأسه فى كنخريا ، فالتكريس الحقيقى لا يقتصر على إرخاء الشعر حرفياً بل تكريس القلب و خضوعه وطاعته للرب ، وعندما علما ان حدود معرفة ابلوس هى معمودية يوحنا المعمدان اخذاه إلى بيتهما وشرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق(اع 18) ..

هل يوجد كتاب مقدس فى بيتك ؟ وإن وجد اين تضعه ؟ إن المكان الصحيح و اللائق به هو " شريعتك فى وسط احشائى " (مز8:40) فالإنجيل ينبغي ان ُيفهم ويُحفظ و ُيعاش .
5ـ الأنقياد بالروح :
لقد انتقل اكيلا ومعه بريسكلا امرأته من روما,ومنها إلى افسس, ثم إلى كورنثوس وحيثما حلوا كانوا بركة لمن حولهم، فإن" كنا نعيش بالروح فلنسلك أيضاً بحسب الروح "(غل25:5)، لأن "كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم ابناء الله" (رو14:8) .
لا فرق في موضع عندي ولا زمِن ما دام فيّ يقود النفسَ للظـــــفِر

6ـ صورة المسيح :
لا نقصد هنا صوراً ورقية اوخشبية، انما الصورة المقصودة هنا هي صورة المسيح العملية، محبته وتضحيته , وعلينا أن نحب لا بالكلام بل بالعمل والحق ،لقد تعرض الرسول بولس لمحاولة إغتيال فما كان من اكيلا وزوجته إلا أنهما وضعا عنقيهما من اجل حياة الرسول ، فإذا كان المسيح وضع نفسه لإجلنا فعلينا ان نضع نفوسنا من اجل الاخوة, يقول الرسول بطرس فى رسالته الأولى( 21:2)"لأنكم لهذا دعيتم فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته"
7 ـ شهادة تقدير ومديح :
" ليمدحك الغريب لا فمك الأجنبى لا شفتاك ." ( أم 2:27) .إن بيتا كهذا البيت لابد ان يكون بيتا ممدوحا ومحبوبا , وهل ننسى التحية الرقيقة, والسلام الغالي, وربما الوحيد من الرسول بولس وهو في سجنه الاخيروالذي استشهد بعده ا ذ يوصي تيموثاوس وفي آخر كتاباته"سلم على فرسكا وأكيلا" (2تى19:4) والاسم فرسكا لقب ربما اطلقه بولس اعزازاً ومحبة وتقديراً منه لبريسكلا .
وفى ختام الرسالة إلى رومية يذكر الرسول بولس: " سلموا على بريسكلا و اكيلاالعاملين معى فى المسيح يسوع ، اللذين وضعا عنقيهما من اجل حياتى اللذين لست انا وحدى اشكرهما بل ايضاً جميع كنائس الامم ." ( رو3:16،4) . وإننا نظير كنائس الأمم نقدم جزيل الشكر لأكيلا وبريسكلا لأنهما حافظا على حياة الرسول بولس النافع والأمين الذي أعلن لنا بالوحي سر الكنيسة بل و أسرار الله .
إن بيتا كهذا لا يجد القديس صعوبة او حرجاًً من دخوله فالبيت بسيط ، والإضافة كريمة خالية من التكلف، والمحبة عاملة لا غرض لها سوى مجد المسيح , بيتاً فيه نتعلم كلمة الله بل وكل هدفه عبادة وخدمة الله , ليته يكون بيتي و بيتك انت أيضاً

[بشرى النهيسى]

موضوع جميل جدا جدا جدا
الرب يباركك

[walaa farouk]

ميرسى على مرورك الغالى