القمص تادرس يعقوب ملطي
مرض الوالد
في إحدى الأُمسيات في بداية الستينيات إذ كنت أفتقد إحدى بيوت الطلبة أيام الامتحانات، وجدت الطلبة في حالة ارتباك شديد.
- لماذا أنتم مرتبكون؟
- زميلنا يعاني من فكرٍ قد يحطم مستقبله.
- ما هو هذا الفكر؟
- يتخيل أن والده بالصعيد قد توفي اليوم مع أنه غير مريض، إنه مُصِّر أن يترك امتحاناته ويسافر إلى الصعيد. إنه في إعدادي طب، إذا جاءت بالنتيجة "ضعيف جدًا" نتيجة سفره وغيابه يفقد التحاقه بالكلية.
قال لي الطالب: "أنا مُتأكد إن والدي توفي اليوم! لا أستطيع أن أكمل الامتحانات؛ لابد أن أسافر اليوم!"
تدخل أحد زملائه: "كلنا عانينا من الـhomesickness في السنة الأولى من تغرّبنا، وتخيّلنا أن لنا أقرباء قد ماتوا أو أصيبوا بمرض أو بحادثٍ الخ.
أجاب الطالب: "أنا متأكد... والدي توفي اليوم!"
إذ حاولت تهدئة نفسيته قلت له: "لنرسل تلغرافًا لوالدك نسأل عن صحته، وننتظر الرد". استصوب الفكرة، وبالفعل كتب التلغراف وجلس يراجع مواد الامتحان. وفي اليوم التالي جاءه الرد: "والدك مريض بالمستشفي، احضر بعد الامتحانات".
أكمل الطالب امتحاناته وسافر ليجد أنه في اللحظات التي فيها صرخ: "والدي توفي" قد رقد بالفعل.
هذا ما يدعوه علماء النفس بالحاسة السادسة، بها يشعر الإنسان بأمور غير منظورة كأنها منظورة وأكيدة.
هذه قصة واقعية لمستها بنفسي... إن كنتَ وأنت بعد في الجسد يمكنك بالحاسة السادسة أن تشارك أحباءك مشاعرهم أينما وُجدوا كم بالأكثر أولئك الذين تركوا الجسد وانطلقت نفوسهم إلى الفردوس يعيشون مع اللَّه، الحب كله، يشعرون بك ويطلبون لأجلك كي تشاركهم مجدهم. قلوبهم اتسعت بالأكثر وامتلأت بالحب نحوك.
ليكن لك أصدقاء من الفردوس يشاركونك مشاعركن ويعملون لحسابك، فلا تعش في عزلة قاتلة!
عاش أبونا بيشوي بيننا صديقًا لرئيس الملائكة ميخائيل ولكثير من القديسين والقديسات؛ هذا أعطاه قوة وملأ حياته بالرجاء ووهبه بشاشته المعهودة!
كثيرون ممن عاشوا بيننا حملوا هذا الروح، وعلى رأسهم المتنيح القديس البابا كيرلس السادس... الذي عُرف بصداقته الشديدة مع مارمينا، وقيل إنه كثيرًا ما كان يراه كملازم له... الآن ها هو معه ويسند الكثيرين!
أنا لست وحدي!
* كثيرًا ما أعاني من العزلة، كأن أبي وأمي قد تركاني،
حتى ألصق الأصدقاء لا يشاركونني مشاعري!
* لتسكن أنت يا ربي في قلبي، لِتُشبع حياتي، ولتهبني قوة ونصرة!
أُناجيك وتناجيني يا شهوة قلبي!
* بك ألتصق بملائكتك، وأُصادق قديسيك وأهيم حُبًا،
ولا أعاني بعد من العزلة!