خلاص نفس
كم هو رائع أن تنفتح عيوننا على الرب في صلاحه وغنى نعمته، فندرك شيئًا عن أفكاره وطرق معاملاته معنا، فنصرِّح مع المرنم قائلين: «آثارك تقطر دسمًا» (مز65: 11). فدعونا نتعرف على طبيعة هذا الإله الذي صار من امتيازنا أن نرتبط به.
لقد قصد الرب في صلاحة أن يكون له علاقة متميزة مع الإنسان، وأن تكون تلك العلاقة محسوسة وملموسة يُدركها الإنسان بصورة تتناسب مع عقله. فعندما يريد الإنسان أن يظهر ترحيبًا وحفاوة لشخص ما يضيفه على مائدة طعامه، ويأكل معه، وهذا يُعتبر ترحيبًا متميزًا، الأمر الذي لم يستطع يوسف - بعد أن صار متسلطًا على كل أرض مصر - أن يفعله مع إخوته. فإن كان قد أضافهم في بيته، إلا أنه لم يستطع أن يشترك معهم على ذات المائدة، «لأن المصريين لا يقدرون أن يأكلوا طعامًا مع العبرانيين، لأنه رجسٍ عند المصريين» (تك43: 32). والأمر الذي قدَّره كلٌّ من مفيبوشث، عندما عرض عليه داود الملك أن يأكل على مائدته، وراعوث عندما عرض عليها بوعز أن تأكل معه، فكان جواب مفيبوشث لداود: «من هو عبدك حتى تلتفت إلى كلب ميت مثلي» (2صم9: 8)، وكان جواب راعوث لبوعز: «كيف وجدت نعمة في عينيك حتى تنظر إليَّ وأنا غريبة» (را2: 10). ومن هذا المنطلق يتضح أمامنا المغزى الرائع من مثل الابن الضال، في قول الآب عن ابنه الذي رجع إليه «قدموا العجل المُسمن واذبحوه فنأكل ونفرح» (لو15: 23). لقد منع ”البروتوكول“ المصري يوسف أن يأكل مع إخوته، وقد استكثر كلٌّ من مفيبوشث أن يجلس على مائدة داود الملك، وراعوث أن تأكل مع بوعز، ولكن نعمة الله وصلاحه حطمتا كل الموانع والحواجز، وها نحن نجد الرب نفسه يُسر بأن يشارك الإنسان ويأكل معه، في جو من الفرح والطرب (لو15: 25).