![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() فى رفضه للتعصب العرقى عند بئر يعقوب التقى السيد المسيح بالمرأة السامرية عند بئر ماء وهو صاحب الينبوع الحى الذى يمنح الماء الحى لمن يطلبه. كانت المرأة تعيش فى مشكلتين فى علاقتها بالله: المشكلة الأولى: مشكلة عرقية لها صلة بالدين وحرفيته والتعصب فيه. والمشكلة الثانية: مشكلة داخلية تخص انقيادها لرغبات الجسد وشهواته. وفى الحقيقة أن السيد المسيح قد جاء إلى العالم ليحل هاتين المشكلتين فى حياة البشر جميعاً. وإن كان اللقاء مع السامرية هو وسيلة لإيضاح هاتين الحقيقتين المريرتين فى طبيعة البشر. اليهود لا يعاملون السامريين قالت المرأة للسيد المسيح “كيف تطلب منى لتشرب وأنت يهودى وأنا امرأة سامرية؟! لأن اليهود لا يعاملون السامريين” (يو4: 9). كان اليهود يحتقرون السامريين لاختلاطهم بالأمم بعد أن انقسمت المملكة، وصار ملوك السامرة يقيمون شعائر العبادة فى هيكل آخر فى جبل السامرة بخلاف هيكل اليهود فى جبل صهيون، وذلك لكى يمنعوا أفراد شعوبهم من الذهاب إلى أورشليم للسجود هناك. وفى هيكل السامريين اختلطت عبادة الله بالعادات والممارسات الوثنية أحياناً. وتفاقم الصراع بين المملكتين، وتداخلت العوامل الدينية مع العوامل السياسية لتزداد العداوة بين اليهود والسامريين. وجاء السيد المسيح ليزيل العداوة، وليحرر اليهود من التعصب العرقى والدينى. فبدأ هو بالمبادرة نحو السامريين متخطياً الحواجز التى فصلت بين الشعبين. وتكلّم مع المرأة السامرية طالباً منها أن تعطيه ليشرب. وحينما قالت له المرأة السامرية متسائلة: “آباؤنا سجدوا فى هذا الجبل، وأنتم تقولون إن فى أورشليم الموضع الذى ينبغى أن يُسجد فيه” (يو4: 20). أجابها السيد المسيح “يا امرأة صدقينى إنه تأتى ساعة لا فى هذا الجبل ولا فى أورشليم تسجدون للآب، أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم” (يو4: 21، 22). وقد قصد السيد المسيح أن يوضح لهذه المرأة عدم تمسكه بمكان معيّن للسجود للآب السماوى.. لا فى جبل السامرة، ولا فى جبل صهيون بأورشليم. لأن الله هو فوق حدود المكان. ثم بدأ يوضح لها أن الموقف الأهم هو مفهوم العبادة ونقاوة العقيدة، ومعرفة الله المعرفة الحقيقية لكى تقدم له العبادة المقبولة. وشرح لها أن الخلاص يُبنى على المعرفة السليمة، وأقوال الكتب المقدسة التى هى أنفاس الله، والتى حُفظت فى أورشليم إلى مجيء المخلّص. ولهذا قال لها: “لأن الخلاص هو من اليهود” (يو4: 22)، أى من وسطهم سوف يأتى المسيح مانحاً الخلاص والبنوة للذين يقبلونه. وأوضح لها أيضاً أن العبادة المقبولة أمام الآب هى “بالروح والحق” (يو4: 24). ليس بعتق الحرف.. أى ليس بالعبادة الحرفية الناموسية التى يفتخر بها المتزمتون من اليهود، بل بالروح الجديد (بجدة الروح).. أى بالعبادة الروحانية التى يتمتع بها أولاد الله الذين يتمتعون بشركة الروح القدس، ويستنيرون ويبتهجون ويشبعون بعمل الروح فيهم. عبادة تتحرر من الارتباط بالمكان والشكليات.. بل حيث يعمل الروح القدس فى الكنيسة بقوة من أقاصى المسكونة إلى أقاصيها.. يقود ويرشد ويعلم ويمنح سلطان الخدمة الكهنوتية بالخلافة الرسولية، وبها يتم مسح الخدام والمؤمنين والكنائس كما تتم جميع الأسرار المقدسة لخلاص المؤمنين. وهى ليست عبادة يتمتع فيها الإنسان روحياً فقط، بل تمتلئ بالحق والاستقامة. أى لا يكفى أن يشعر الإنسان بنشوة روحية مبهمة فى العبادة بل ينبغى أن يستوعب بعقله الإيمان وما فيه من حق.. لأن الروح القدس يعلن الحق فى داخلنا.. يعلن المسيح الذى قال: “أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو14: 6). والحق الذى يعلنه الروح القدس هو الإيمان المستقيم.. الإيمان المسلّم مرة للقديسين.. الإيمان الذى يخلو من البدع ومن الخرافات ومن الهرطقات. الحق الذى قال عنه السيد المسيح: “كل من هو من الحق يسمع صوتى” (يو18: 37). لهذا كله قال السيد المسيح للمرأة السامرية: “تأتى ساعة وهى الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا” (يو4: 23، 24). لم تعد العبادة لله قاصرة على أورشليم وحدها مثلما كان الأمر فى العهد القديم قبل مجيء السيد المسيح. ولم يعد هيكل سليمان هو المكان المختار للعبادة. بل قال معلمنا بولس: “أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم” (1كو3: 16). اتسع الهيكل فى العهد الجديد، ليكون هو الكنيسة المقدسة الممتدة من أقاصى المسكونة إلى أقاصيها. وصار هيكل الله الآب هو المكان (فى الكنيسة) الذى يحضر فيه السيد المسيح بجسده ودمه الأقدسين بفعل الروح القدس فى سر الإفخارستيا ليمنح المؤمنين باسمه الاشتراك فى الحياة الأبدية التى منحت لنا بموته عوضاً عنا على الصليب. حقاً صار حضور المسيح بذبيحته المقدسة -بكل ما تُعلن عنه فى الموت والقيامة والصعود والمجيء الثانى- حقيقة واقعة فى كنيسته المحبوبة، إعلاناً مبكراً للعرس بين المسيح وعروسه الكنيسة التى اقتناها بدمه الكريم، وعربوناً للحياة الأبدية التى وعد بها جميع قديسيه. لم يفهم اليهود فى نظرتهم الضيقة للعبادة هذه الحقائق الثمينة، وجعلوا يتمسكون بهيكل مبنى بالحجارة وربما يحلمون بإعادة بنائه بعد خرابه، حسبما قال لهم السيد المسيح: “هوذا بيتكم يُترك لكم خراباً” (مت23: 38). وحينما يقولون: “مبارك الآتى باسم الرب” (مت23: 39) فسوف يفهمون المعنى الحقيقى للهيكل. ألم يقل لهم السيد المسيح عن جسده: “انقضوا هذا الهيكل وفى ثلاثة أيام أقيمه” (يو2: 19). أما هم فلم يفهموا أنه كان يُكلمهم عن هيكل جسده المقدس بل صاروا يعترضون ويسخرون من كلامه قائلين عن هيكل الحجارة: “فى ست وأربعين سنة بنى هذا الهيكل أفأنت فى ثلاثة أيام تقيمه؟” (يو2: 20). بعد مجيء المسيح لم يعد هناك لزوم للهيكل القديم لأن الذبائح الحيوانية قد أبطلتها ذبيحة الصليب وقد شرح القديس بولس الرسول هذه الحقيقة بقوله للعبرانيين (أى لذوى الأصل اليهودى) “لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة، لا نفس صورة الأشياء، لا يقدر أبداً بنفس الذبائح كل سنة التى يقدمونها على الدوام أن يكمّل الذين يتقدمون.. لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا. لذلك عند دخوله إلى العالم يقول ذبيحة وقرباناً لم تُرد، ولكن هيأت لى جسداً.. فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، طريقاً كرّسه لنا حديثاً حياً بالحجاب أى جسده. وكاهن عظيم على بيت الله” (عب10: 1، 4، 5، 19-21). اذهبى وادعى زوجك (يو4: 16) أراد السيد المسيح أن يقود المرأة السامرية إلى التوبة، حتى يأتى بها إلى العبادة بالروح والحق. فلم يكن من الممكن أن تبدأ علاقتها مع الله فى العبادة، بينما هى تحيا فى سيرة خاطئة ومشاعر خاطئة. لهذا طلب منها أن تذهب وتدعو زوجها “أجابت المرأة وقالت: ليس لى زوج. قال لها يسوع: حسناً قلت ليس لى زوج لأنه كان لك خمسة أزواج، والذى لك الآن ليس هو زوجك. هذا قلتِ بالصدق” (يو4: 17، 18). بدأت المرأة من خلال كشف المسيح لها، تدرك أنها أمام شخصية غير عادية. فقالت: “يا سيد أرى أنك نبى” (يو4: 19). قالت ذلك معترفة بخطئها. ولما تكلم السيد المسيح معها عن السجود لله بالروح والحق، وعدم التقيد بجبل السامرة ولا جبل صهيون فى السجود للآب، أرادت أن تجد مرجعاً يتفق فيه اليهود والسامريون. فقالت له: “أنا أعلم أن مسيا الذى يقال له المسيح يأتى. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شئ” (يو4: 25). كان بالنسبة لها مجيء السيد المسيح هو الحل لجميع مشاكلها الروحية والفكرية وقد اشتاقت بالفعل أن تعرف من محدثها الذى لم تكن تعرفه، أن يخبرها متى يأتى المسيا المنتظر. عند هذه النقطة كشف لها السيد المسيح عن شخصيته الحقيقية، وقال لها: “أنا الذى أكلمك هو” (يو4: 26). فتركت المرأة جرتّها إلى جوار البئر، وذهبت إلى أهل السامرة لتدعوهم لرؤية السيد المسيح. وآمن الكثيرون بسبب كلامها- ثم بالأكثر بسبب رؤيتهم للمسيا مشتهى الأجيال. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يعتبر التسامح مُعاكساً للتعصب الديني |
يامقيم الساقطين الغرقي |
المسيح في رفضه للتعصب العرقي |
لا للتعصب |
«الأزهر» يدعو لوقف حملات التطهير العرقي ضد المسلمين في «بورما» |