رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كثيرون يتطلعون إلى يونان مجرد نبي هارب من وجه الرب، الأمر الذي لا يستطيع أحد أن يتجاهله، لكنهم يتجاهلون موقفه بكونه النبي الوحيد الذي أرسله الرب قديمًا للكرازة في بلد أممي، نينوى عاصمة أشور. وإذ أدرك بروح النبوة أن خلاص الأمم يتحقق خلال رفض إسرائيل للإيمان لم يحتمل يونان هذه الإرسالية، هاربًا من الخدمة، ليس كراهية في الأمم وإنما خوفًا من خاصته. لعله أدرك خلال ظلال النبوة ما أعلنه الرسول بولس عن إسرائيل: "بزلتهم صار الخلاص للأمم... كانت زلتهم غنى للعالم" (رو 11: 11، 12). شاهد يونان إسرائيل كيقطينة ظللته إلى حين بالشريعة والنبوات، لكنها يبست بدودة الجحود وعدم الإيمان والخيانة للمسيا المخلص، لذا اغتم غمًا شديدًا واغتاظ (4: 1). هكذا كان حبه لإسرائيل الذي استظل به هو علة هروبه من خدمة الأمم وسرّ غمه الشديد. والعجيب أن الله فاحص القلوب حوَّل هذا الهروب بالرغم مما فيه من عصيان للأمر الإلهي إلى كرازة وخلاص لفئة جديدة من الأمم هم البحارة ورئيس النوتية الذين خافوا "الرَّبِّخَوْفًا عَظِيمًا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَةً لِلرَّبِّ وَنَذَرُوا نُذُورًا" (سفريونان 1: 16) بعد إلقاء يونان في المياه ودخوله جوف الحوت، فصار عملًا رمزيًا لخلاص الأمم بعد أن أُلقى السيد المسيح "يوناننا الجديد" في القبر. ليحملنا روح الله القدوس إلى يوناننا الحق فنراه من أجلنا يسلم نفسه ليُلقى في بحر حياتنا الثائرة، نازعًا عنهااضطراباتها، حاملًا إيانا معه لا في جوف الحوت وإنما في قبره المقدس لنُدفن معه كل يوم ونقوم أيضًا حاملين شركة أمجاده الإلهية. |
|