يقول القديس أغسطينوس: [لا نستطيع أن نفهم الأطفال والرضع إلا أنهم أولئك الذين قال عنهم الرسول: "كأطفال في المسيح سقيتكم لبنًا لا طعامًا" (1 كو 3: 1-2)]. وبسطاء المؤمنين الذين ينعمون بتسبحة الطفولة العذبة "بسبب أعدائك"، بمعنى آخَر ينعمون بالقدرة على هزيمة المضطهِدين والهراطقة والفلاسفة الملحدين وذلك بإيمانهم. تظهر قدرة الله المعجزية في الحقيقة العجيبة أنه "اختبار جهال العالم ليخزي الحكماء، واختار ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء؛ واختار أدنياء العالم والمُزدَرى وغير الموجود ليُبطِل الموجود. لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمام الله (1 كو 1: 27، 29). مسرَّة إلهنا وربنا يسوع المسيح أن يفتح أبواب ملكوته للأطفال الصغار (مت 11: 25-26 لو 10: 21؛ 18: 17)، واهبًا لهم الحكمة الإلهية والقدرة والفرح ليشتركوا في التسابيح الملائكية السماوية.
* يقول داود: "تفرح نفسي بالرب وتبتهج بخلاصه" (مز 35: 9). ولهذا السبب فإنه عند دخول الرب إلى أورشليم عرف كل الذين كانوا في طريقه – داود ملكهم في حزن نفسه، ففرشوا على الأرض ثيابهم، وزينوا الطريق كله بالأغصان الخضراء صارخين ومهللين بصوت عظيم وفرح عجيب: "أوصنا لابن داود"... أما الوكلاء الأشرار الحاسدون الذين قمعوا الذين حولهم ومعهم، وسيطروا على قليلي الحكمة، هؤلاء الذين لم تكن لديهم الرغبة في مجيء الملك، فقالوا له في غضب: "أتسمع ما يقول هؤلاء؟!" أجابهم الرب: "أما قرأتم قط من أفواه الأطفال والرضع هيأت تسبيحًا؟!" (كت 21: 16)، مُعلِنًا أن ما سبق داود وكتبه بخصوص ابن الله، قد تحقق فعلاً في شخصه، كاشفًا عن مدى جهلهم لفهم الكتب المقدسة وعدم معرفتهم لتدبير الله، وأنه هو نفسه الذي تنبأ عنه أنبياء العهد القديم بكونه المسيح، الذي يُسبَّح باسمه في كل الارض، الذي كمّل سبحًا لأبيه من فم الأطفال والرضع، لهذا يرتفع مجده فوق السموات[226].
القديس إيرناؤس