![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تابع ولادة المسيح من أم عذراء هي أعظم نساء العالمين على الإطلاق (2) 5 – حفظها وأبنها من مس الشيطان وطهارتهما من الذنوب: كانت العذراء القديسة مريم هي الوحيدة بين رجال ونساء العالمين، بمن فيهم الأنبياء، المطهرة والطاهرة، بحسب هذا المفهوم، من الذنوب حتى من قبل أن تولد، وأن الشيطان لم يمسها منذ لحظة ولادتها من بطن أمها إلى لحظة وفاتها، كانت معصومة من مس الشيطان، خاصة في فترة حملها بالمسيح وولادته!! قال الرازي "ثم حكى الله تعالى عنها كلاماً ثالثاً وهو قولها" وِإِنّى أُعِيذُهَا بِكَوَذُرّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ ٱلرَّجِيمِ" وذلك لأنه لما فاتها ما كانت تريد من أن يكون رجلاً خادماً للمسجد تضرعت إلى الله تعالى في أن يحفظها من الشيطان الرجيم، وأن يجعلها من الصالحات القانتات، وتفسير الشيطان الرجيم قد تقدم في أول الكتاب. ولما حكى الله تعالى عن حنة هذه الكلمات قال: "فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ"000ذكر المفسرون في تفسير ذلك القبول الحسن وجوهاً: الوجه الأول: أنه تعالى عصمها وعصم ولدها عيسى عليه السلام من مس الشيطان روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان إلا مريم وابنها" ثم قال أبو هريرة: اقرؤا إن شئتم "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". وروى الأمام الطبري في تفسيره عدة روايات تؤكد نفس المعنى ونفس الحديث: "تعنـي بقولها: "وِإِنّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيَّتَهَا" وإنـي أجعل معاذها ومعاذ ذرّيتها من الشيطان الرجيـم بك000عن أبـي هريرة، قال: قال رسول الله "مَا مِنْ نَفْسِ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ يَنَالُ مِنْهُ تِلْكَ الطَّعْنَةَ، وَبِهَا يَسْتَهِلُّ الصَّبِـيُّ؛ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ مَرْيَـمَ ابْنَةِ عِمْرَانَ فَـإِنَّها لَـمَّا وَضَعَتْها قَالَتْ: "رَبّ إِنّى أُعِيذُهَا وَذُرّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ ٱلرَّجِيمِ" فَضُرِبَ دُونَها حِجابٌ، فَطَعَنَ فِيهِ"000"ما مِنْ بَنِـي آدَمَ مَوْلُودٌ يُولَدُ إِلاَّ قَدْ مَسَّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَـيَسْتَهِلّ صَارِخاً بِـمَسِّهِ إيَّاهُ؛ غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِها000"كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ بَنِـي آدَمَ يَـمَسُّهُ الشَّيْطَانُ بـأُصْبُعِهِ، إِلاَّ مَرْيَـمَ وَابْنَهَا"000"ما مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَقَدْ عَصَرَهُ الشَّيْطَانُ عَصْرَةً أَوْ عَصْرَتَـيْنِ؛ إِلاَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَـمَ وَمَرْيَـمَ"000عن ابن عبـاس، قال: ما ولد مولود إلا وقد استهلّ، غير المسيح ابن مريم لم يسلط عليه الشيطان ولم يَنْهَزْه". وعن وهب بن منبه يقول: لـما ولد عيسى، أتت الشياطين إبلـيس، فقالوا: أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها، فقال: هذا فـي حادث حدث! وقال: مكانكم! فطار حتـى جاء خافقـي الأرض، فلـم يجد شيئاً، ثم جاء البحار فلـم يجد شيئاً، ثم طار أيضاً فوجد عيسى قد ولد عند مذود حمار، وإذا الـملائكة قد حفت حوله؛ فرجع إلـيهم فقال: إن نبـياً قد ولد البـارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا أنا بحضرتها إلا هذه! فـأْيِسُوا أن تعبد الأصنام بعد هذه اللـيـلة، ولكن ائتوا بنـي آدم من قبل الـخفة والعجلة. وأيضاً "كُلُّ بَنِـي آدَمَ طَعَنَ الشَّيْطَانُ فِـي جَنْبِهِ إِلاَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَـمَ وَأُمَّهُ، جُعِلَ بَـيْنَهُما وَبَـيْنَهُ حجابٌ، فأصَابَتِ الطَّعْنَةُ الـحِجابَ وَلَـمْ يَنْفُذْ إِلَـيْهِمَا شَيْءً وذكر لنا أنهما كانا لا يصيبـان الذنوب كما يصيبها سائر بنـي آدم. وذكر لنا أن عيسى كان يـمشي علـى البحر كما يـمشي علـى البرّ مـما أعطاه الله تعالـى من الـيقـين والإخلاص. وأيضاً "كُلُّ آدَمِيٍّ طَعَنَ الشَّيْطَانُ فِـي جَنْبِهِ غَيْرَ عِيسَى وأُمِّهِ، كانا لا يُصِيبـانِ الذُّنُوبَ كَما يُصَيبُها بَنُو آدَمَ" قال: وقال عيسى (ص) فـيـما يثنـي علـى ربه: "وأعاذنـي وأمي من الشيطان الرجيـم فلـم يكن له علـينا سبـيـل". وهذه الأحاديث وهذه الروايات تكررت عند معظم المفسرين كما وردت في كتب الصحاح خاصة كتاب الصحيح البخاري الذي يعتبره علماء المسلمين الكتاب الثاني بعد القرآن. 6 - تقبلها الله بقبول حسن ورباها في الهيكل واشرف على تربيتها بملائكته وأطعمها من طعام أهل الجنة: يقول القرآن والحديث أن العذراء القديسة مريم نشأت نشأة متميزة على سائر البشر في العالمين، فيقال أنها تربت في الهيكل بمجرد بلوغها سن الثالثة، وعاشت في الهيكل حتى خطبت ليوسف النجار، أي عاشت كل حياتها منذ الطفولة منقطعة للعبادة ولا تعرف شيئاً غير العبادة. وأن الله تقبلها قبولاً حسناً وأنبتها نباتاً حسناً، أي تربت ونمت ونشأت تحت رعاية الله المباشرة، وأن الله كان يعتني بها وقد حفظها من مس الشيطان كما بينا أعلاه. وأنها الإنسانة الوحيدة في العالمين التي أطعمها الله من طعام الجنة، فيقال أن الملائكة كانوا يكلمونها ويأتون لها بطعام من السماء (الجنة). قال الرازي "أن الله تعالى تقبلها بقبول حسن، ما روي أن حنة حين ولدت مريم لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الأحبار أبناء هارون، وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة، وقالت: خذوا هذه النذيرة، فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت إمامهم، وكان بنو ماثان رؤوس بني إسرائيل وأحبارهم وملوكهم فقال لهم زكريا: أنا أحق بها عندي خالتها فقالوا لا حتى نقترع عليها، فانطلقوا وكانوا سبعة وعشرين إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون الوحي بها على أن كل من ارتفع قلمه فهو الراجح، ثم ألقوا أقلامهم ثلاث مرات، ففي كل مرة كان يرتفع قلم زكريا فوق الماء وترسب أقلامهم فأخذها زكريا". وقال الطبري "يعنـي بذلك جل ثناؤه: تقبل مريـم من أمها حنة بتـحريرها إياها للكنـيسة وخدمتها، وخدمة ربها بقبول حسن، والقبول: مصدر من قبلها ربها000وأما قوله: "وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا "فإن معناه: وأنبتها ربها فـي غذائه ورزقه نبـاتاً حسناً حتـى تـمت فكملت امرأة بـالغة تامة000قال الله عزّ وجلّ: "فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ" قال: تقبل من أمها ما أرادت بها للكنـيسة وآجرها فـيها "وَأَنبَتَهَا"، قال: نبتت فـي غذاء الله". ويكمل الطبري فيقول "عن قتادة فـي قوله: "كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقا ً"قال: كنا نـحدّث أنها كانت تؤتـى بفـاكهة الشتاء فـي الصيف، وفـاكهة الصيف فـي الشتاء". وقال ابن كثير "وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا"، أي: جعلها شكلاً مليحاً، ومنظراً بهيجاً، ويسر لها أسباب القبول، وقرنها بالصالحين من عباده؛ تتعلم منهم العلم والخير والدين000ثم أخبر تعالى عن سيادتها وجلالتها في محل عبادتها، فقال "كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا". قال مجاهد000وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف". وقال الطبرسي "عن ابن عباس" وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً "أي: جعل نشوءها نشوءا حسنا. وقيل: سوى خلقها، فكانت تنبت في يوم ما ينبت غيرها في عام، عن ابن عباس. وقيل: أنبتها في رزقها وغذائها حتى نمت امرأة بالغة تامة، عن ابن جريج. وقال ابن عباس: لما بلغت تسع سنين، صامت النهار وقامت الليل، وتبتلت حتى غلبت الأحبار000"كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" يعني وجد زكريا عندها فاكهة في غير حينها، فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، غضا طريا، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي. وقيل: إنها لم ترضع قط، وإنما كان يأتيها رزقها من الجنة عن الحسن. "قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا" يعني: قال لـها زكريا: كيف لك؟ ومن أين لك هذا؟ كالمتعجب منه "قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" أي: من الجنة". وقال الأستاذ محمود شلبي " فتقبلها ربها بقبول حسن ٍ00أي بأحسن قبول00وأي قبول هو أحسن من اختيارها أن تكون هي وأبنها00آية للعالمين؟! وأنبتها نبات حسن00أي أحسن إنبات00طفولتها في رعاية أمها الصالحة00في الناصرة00وسنوات من بعدها00في الهيكل00في كفالة زكريا!!! فلما أسلمتها أمها00إلى الهيكل00وأخذها زكريا في كفالته00عكفت في محرابها00أي معبدها00المخصص لها00تتعبد00وتتأمل00وتركع وتسجد00ومن حولها في كل مكان00الترانيم والصلوات!!! 000كل مرة00يدخل عليها (زكريا) محرابها00ليتفقد شئونها00يفاجأ بعجائب لا تخطر على باله!!!00فاكهة00ليست كفاكهة الدنيا00رزقاً ؟!!00لا يخطر على قلب بشر00". 7 - وأن الله جعلها مع أبنها آية للعالمين: يقول القرآن " وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ " (الأنبياء:91). فقد كانت آية في ميلادها ونشأتها واختيار الله واصطفائه لها وأطعمها من الجنة. قال الرازي " أما مريم فآياتها كثيرة: أحدها: ظهور الحبل فيها لا من ذكر فصار ذلك آية ومعجزة خارجة عن العادة. وثانيها: أن رزقها كان يأتيها به الملائكة من الجنة وهو قوله تعالى: " أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ". وثالثها ورابعها: قال الحسن إنها لم تلتقم ثدياً يوماً قط وتكلمت هي أيضاً في صباها ". قال الأمام محمد أبو زهرة " هذه الأحوال التي اكتنفت الحمل بالبتول مريم، وولادتها وتربيتها، ويلاحظ القارئ، أن العبادة والنسك أظلاها، وهي جنين في بطن أمها إلى أن بلغت مبلغ النساء واصطفاها الله لأمر جلل خطير ". وهنا تبرز عدة أسئلة هي: لماذا اصطفى الله العذراء وطهرها من دون نساء العالمين؟ ولماذا جعلها آية للعالمين؟ ولماذا عصمها من الزلل والخطيئة؟ وللإجابة على هذه الأسئلة يقول الأمام أبو زهرة " ولقد كانت تلك التنشئة الطاهرة التي تكونت في ظلها بريئة من دنس الرزيلة – لا يجد لها الشيطان سبيلا أو منفذا ينفذ إلى النفس منها – تمهيداً لأمر جليل قد اصطفاها الله تعالى له دون العالمين 000 وقد كان ذلك الاصطفاء هو اختيار الله لها لأن تكون أماً لمن يولد من غير نطفة آدمية ". وهنا يبرز سؤال آخر وهو: إذا كانت رسالة العذراء هي أن تكون أماً للمسيح، فمن يكون إذاً المسيح؟ وهل حدث ذلك مع بقية أمهات الأنبياء؟ ويجيبنا الأستاذ أحمد بهجت فيقول " أن الله يختارها ويطهرها ويختارها ويجعلها على رأس نساء الوجود 000 هذا الوجود، والوجود الذي لم يخلق بعد ... وهي أعظم فتاة في الدنيا وبعد قيامة الأموات وخلق الآخرة ". أما السؤال الأول فلا نجد له إجابة إلا في الكتاب المقدس الذي يقول " ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني " (غل4:4و5). وإجابة السؤال الثاني نجدها في الكتاب المقدس أيضاً، وهي: لأن المسيح هو كلمة الله " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس 000 والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا " (يو1:1-3 و14)، وحكمة الله وقوة الله " فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " (2كو1:24)، " المذّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم " (كو2:3)، " بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله " (1كو1:30)، وصورة الله " الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا للّه " (في2:6)، " الذي هو صورة الله غير المنظور" (كو1:15)، بهاء مجده ورسم جوهرة " الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته " (عب1:2)، الذي من ذات الله وفي ذات الله والواحد معه في الجوهر " أنا والآب واحد " (يو10:30)، " الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر " (يو1:18)!!! 8 – ما بين آدم والمسيح: يزعم البعض ويقولون أن الله خلق آدم بدون أب ولا أم، وأنه خلق حواء من أب ولكن بدون أم، وهكذا وُلد المسيح من أم بلا أب مثلما ولدت حواء من أب بلا أم، بل ويقول بعضهم أن آدم أعظم من المسيح!!! كما يقول البعض أيضاً هل تكون معجزة ولادة المسيح من أم بلا أب أعظم من خلق الكون بما فيه من مجرات ونجوم وكواكب؟!! ونقول لهم جميعاً أن الله خلق الكون كله بما فيه من مخلوقات ووضع له نواميس ثابتة لا يتعداها، وهو ما يعرف بقوانين الطبيعة أو ناموس الطبيعة، يقول الكتاب عن الإنسان: " فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم أثمروا واكثروا وأملأوا الأرض " (تك1 :27و28). وعن خلقة الحيوان والطير والأسماك والنباتات يقول " وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الأرض. وكان كذلك. فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بزره فيه كجنسه 000 فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبّابة التي فاضت بها المياه كأجناسها وكل طائر ذي جناح كجنسه 000 وقال الله لتخرجالأرض ذوات انفس حية كجنسها. بهائم ودبابات ووحوش ارض كأجناسها. وكان كذلك. فعمل الله وحوش الأرض كأجناسها والبهائم كأجناسها وجميع دبابات الأرض كأجناسها " (تك1 : 11و12و21و24و25). وفي تسبحته العظيمة يقول داود النبي بالروح القدس " سبحيه يا أيتها الشمس والقمر سبحيه يا جميع كواكب النور. سبحيه يا سماء السموات ويا أيتها المياه التي فوق السموات. لتسبح اسم الرب لأنه أمر فخلقت. وثبتها إلى الدهر الأبد. وضع لها حدا فلن تتعداه " (مز148). ومن ثم فمعجزة ولادة المسيح من أم بلا أب هي أعجب وأعظم! لماذا؟ أولاً: لأن آدم كان هو الإنسان الأول الذي خلقه الله مباشرة ولم يُولد من أب أو أم لأنه لم يكن هناك قبله رجل أو امرأة ليولد منهما، فقد كان هو الإنسان الأول، ومن ثم فقد خلقه الله من التراب مباشرة بدون أب أو أم. وما كان من الممكن أن يولد آدم من أب وأم!! لأن ذلك يتطلب أن يكون هناك أب مخلوق وأم مخلوقه بنفس الطريقة التي خلق بها آدم وحواء أو بأي طريقة أخرى يراها الله، فيكون هذا الأب الأول هو آدم، أو الإنسان الأول، وهذه الأم الأولى هي حواء لأنها أم كل إنسان حي!! كما خُلقت حواء من ضلع أخذه الله من أضلاع آدم، دون أن يكون لها أب أو أم، ولم يكن آدم أباً لها لأنه لم يتزوج بامرأة أخرى لينجبها، ولا حتى حبل بها وولدها!! فكيف يكون أبوها وهي مخلوقة مثله من الله مباشرة وأن كانت منه؟! " فأوقع الرب الإله سباتا على آدم فنام 000فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرءٍ أخذت " (تك2 :21-23). ويقول العلامة الفخر الرازي بلسان أئمة المفسرين في تفسير قوله " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ " (الحجر:26): " ثبت بالدلائل القاطعة أنه يمتنع القول بوجود حوادث لا أول لها، وإذا ثبت هذا ظهر وجوب انتهاء الحوادث إلى حادث أول هو أول الحوادث، وإذا كان كذلك فلا بد من انتهاء الناس إلى إنسان هو أول الناس، وإذا كان كذلك فذلك الإنسان الأول غير مخلوق معالأبوين فيكون مخلوقاً لا محالة بقدرة الله تعالى. فقوله: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ " إشارة إلى ذلك الإنسان الأول، والمفسرون أجمعوا على أن المراد منههو آدم عليه السلام، ونقل في " كتب الشيعة " عن محمد بن علي الباقر عليه السلام أنهقال: قد انقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف ألف آدم أو أكثر وأقول: هذا لا يقدح فيحدوث العالم بل لأمر كيف كان، فلا بد من الانتهاء إلى إنسان أول هو أول الناس وأما أن ذلك الإنسان هو أبونا آدم، فلا طريق إلى إثباته إلا من جهةالسمع ". كانت الضرورة وحدها هي التي جعلت آدم وحواء يوجدان بهذه الطريقة التي وجدا بها، أي بواسطة عمل الله مباشرة وبعيداً عن ناموس الوراثة والولادة التي تتطلب وجود أب وأم. وبعد خلق آدم وحواء بهذه الكيفية لم يعد هناك حاجة لولادة أحد من غير أم أو أب فقد وضع الله ناموس الوراثة والولادة عن طريق الذكر والأنثى. ومن هنا فلا يوجد أي وجه للمقارنة بين آدم أو حواء والمسيح، فقد ولد المسيح بطريقة إعجازية خارقة لناموس الوراثة والولادة، وقد أنفرد وتميز بهذه الولادة، التي لم تحدث ولن تحدث لأحد على الإطلاق، وحده!! لماذا؟ لأنه القدوس ابن الله العلي، الذي يفوق الملائكة والبشر، الأعظم. ثانياً: أما المسيح فقد كانت ولادته من أم بلا أب خارقة لكل نواميس الطبيعة والكون والولادة. لم يكن هناك حاجة لخرق نواميس الطبيعة والكون لو كان المسيح مجرد إنسان مثل سائر البشر أو مجرد نبي مثل سائر الأنبياء!! وقد ولد جميع الأنبياء في كل العصور من أباء وأمهات وبولادة عادية مثل سائر البشر وأدوا رسالتهم كما أراد لها الله!! ولكن لأن المسيح فوق الجميع وفوق الطبيعة ونواميسها فقد ولد هكذا. كان المسيح كلمة الله التي ألقي إلى مريم وروح منه. وسوف نبين في الفصل التالي رأي الذين قالوا أنه الروح، روح الله، الذي ظهر لمريم ثم حل فيها، رأته قبل أن يحل فيها ويتمثل بشراً، أو أنه روح من روح، بينما آدم خلق من طين من حمأ مسنون و " سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ " (السجدة: 9)، إلا أن نفخه الله في آدم هي المعطية الحياة أما المسيح فبالرغم أنه من روح الله " من روحنا " (الأنبياء 91 والتحريم 12)، إلا أنه هو ذاته " وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " ومن ثم كان المسيح يلقب دائما بروح الله ويخاطب بـ " يا روح الله " وفي حديث نبوي جاء في جامع الترمزي وكذلك في مشكاة المصابيح وكتاب ظلال الجنة يصف المسيح بقوله "وعيسى روح الله وكلمته، وجاء في السيرة النبوية أنه عندما سأل النجاشي ملك الحبشة " ماذا يقول صاحبكم في ابن مريم؟ قال يقول فيه الله هو روح الله وكلمته أخرجه من العذراء التي لم يقربها بشر ". كما تقول الأحاديث الخاصة بنزوله آخر الزمان أنه ينادى بلقب " روح الله ". ويقول الكتاب المقدس في الفرق بين آدم والمسيح " هكذا مكتوب أيضا. صار آدم الإنسان الأول (آدم) نفسا حية وآدم الآخير (المسيح) روحا محييا 000 الإنسان الأول من الأرض ترابي. الإنسان الثاني الرب من السماء " (1كو15 :45-47)، وقال الرب يسوع المسيح نفسه موضحاً الفرق بينه وبين الجميع " انتم من اسفل. أما أنا فمن فوق. انتم من هذا العالم. أما أنا فلست من هذا العالم " (يو8 :23-24)، وقال عنه يوحنا المعمدان " الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع.والذي من الأرض هو ارضي ومن الأرض يتكلم. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع " (يو3 : 31) . من كتابات القس عبد المسيح بسيط أبو الخير |
![]() |
|