الجواهرجي الحكيم _ الأب زوسيما

[sama smsma]

الجواهرجي الحكيم _ الأب زوسيما








حدث أنّ جواهرجي كان يمتلك لآلئ وأحجار كريمة، وركب سفينًة مع عبيده قاصداً أن يبيع الجواهر. وبتدبير من الله تصادق مع أحد خُدامه الذي كان يقوم بخدمته ويأكل معه. ومرًة سمع هذا الخادم البحارة يفكرون بالسوء على ذلك الجواهرجي ويتفقون على أن يطرحوه في البحر لكي يأخذوا الجواهر التي بحوزته. وعندما دخل الخادم عند التاجر ليخدمه كالعادة كان شديد التأثُّر. فسأله: ’لماذا أنت حزين اليوم‘؟ فظلّ صامتاً، ولكنه سأله مرًة أخرى: ’بالحق قل لي ماذا بك‘؟ فانفجر باكياً وقال له: ’إنّ البحارة يتآمرون ضدك‘. فسأله: ’أحًقا هذا‘؟ فأجابه: ’هذا هو ما اتفقوا عليه فيما بينهم‘.


حينئذٍ دعا التاجر عبيده وقال لهم: ’كل ما أقوله لكم افعلوه دون تردّد‘. وجاء بملاءة وفرشها وقال لهم: ’قدموا لي الصناديق‘. فلما قدموها له فتحها وأفرغ ما يها من الجواهر ثم قال لهم: ’هل في هذه تكون حياتي؟ من أجل ذلك أنا في خطر أن أصارع البحر وبعد قليل أموت دون أن آخذ معي شيًئا من العالم‘! ثم قال لعبيده: ’ألقوا كل شيء في البحر‘. وفي الحال طرحوا الكل في البحر. فلما رأى البحارة ذلك ُذهِلوا، وهكذا آلت مكيدتهم الشريرة إلى لا شيء.


فلنتأمل كيف أن ذلك الرجل في اللحظة التي اتخذ فيها قراره صار فيلسوًفا (أي محباً للحكمة) في أقواله وأفعاله، وذلك لكي يربح زماناً قليلاً من عمره، وكان مُحقّاً. فقد قال: ’إن أنا مُتُّ فما المنفعة التي أحصل عليها من هذه الجواهر‘؟


ونحن لا نريد أن نحتمل أقل خسارة من أجل وصية المسيح!


إن كان هناك ما يستحق الحزن فلنحزن بالأولى على خسارة ذاك الذي أساء إلينا أكثر من الخسارة التي لحقت بممتلكاتنا. فالذي يظلِم يطرح نفسه خارج الملكوت لأن « الظالمين لا يرثون ملكوت الله » (1 كو 6). أما أنت يا من أصابتك الخسارة فقد جَلبتَ لنفسك الحياة لأن الرب قال: « اِفرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم في السموات » (مت 5). ولكننا بدلاً من أن نحزن على هلاك أحد أعضاء المسيح تثور أفكارنا من
أجل أشياء زائلة تافهة ليس لها أيّة قيمة. في الحقيقة إنّ في ذلك ما يوجب عقابنا.


لقد جعَلنا الله في منزلة أعضاء الجسد ورأسنا هو المسيح إلهنا كما يقول الرسول القديس، « كل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد ... ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح » (1 كو 12). فإذا فعل أخوك شراً يكون تماماً كأن يدك هي التي تتأّلم أو كأن عينك مريضة. ومع ذلك، فنحن وإن كنا نتألم لكننا لا نقطع اليد ونطرحها عنا ولا نقلع أعيننا، لأننا نعتبر هلاك هذه الأعضاء خسارة عظيمة جداً. ولكننا بالعكس نرسم عليها ختم المسيح الفائق القدر ونبذل جهدنا أيضاً في التشفُّع بالقديسين، ونرفع إلى الله الصلوات لأجل هذا الأمر، ونأتي بالعقاقير والمراهم لعلاج العضو المتألم.


إًذا، فكما تصلِّي من أجل عينك أو يدك لكي تعود صحيحة سالمة من المرض، هكذا يجب عليك أن تفعل ذلك من أجل أخيك. ولكننا عندما نرى أعضاء المسيح تتألم لا نحزن من أجلها، وليس هذا فحسب بل إننا نشتمها. وهذا هو صنيع الذين ليست لهم
أحشاء رحمة.


مَن اقتنى أحشاء رأفة المحبة والتحنن يجلب الفرح والمنفعة لنفسه أولاً ثم للقريب. أمّا الشر فهو على النقيض من ذلك يُفسِد ويُهلِك كل مَن يسود عليه. ولعله من السهل أن ندرك أن مَن يضرّ قريبه في ممتلكاته أو في سمعته أو جسده فهو يبتعد من الحياة.


”ما لا يضرّ النفس لا يضرّ الإنسان“.

المرجع: أقوال الأب زوسيما، كتاب فردوس الآباء الجزء الثاني، إعداد رهبان ببرية شيهيت.

[Mary Naeem]

مشاركة جميلة جدا

ربنا يبارك حياتك

[نرمين واصف]

روعة ربنا يبارك مجهودك سما