والطبيعة نفسها تُعلمنا من جهة معرفة الناس لبعضهم البعض،
فأنهم لا يستندون على معرفة مشيئة كل واحد للآخر بالاستنتاج والتخمين والتأمل وسمو الأفكار وسردها، بل بالتعامل الشخصي المباشر، هكذا بالمثل أيضاً فالله وحده المسئول أن يوصل فكره وإرادته بنفسه وبشخصه، لكي يعرفها للإنسان ليعيش ويحيا بها، أي دعوة الله للإنسان نجدها في الكتاب المقدس واضحة بغرض الدخول في شركه معهُ بالتقديس والاتحاد:
+ هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ؛ فَقَالَ الرَّبُّ لِي: أَحْسَنْتَ الرُّؤْيَةَ لأَنِّي أَنَا سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِي لأُجْرِيَهَا؛ أَلَيْسَتْ هَكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ يَقُولُ الرَّبُّ وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطِّمُ الصَّخْرَ؟؛ لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرِقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ؛ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً؛ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُضِلُّونَ شَعْبِي الَّذِينَ يَنْهَشُونَ بِأَسْنَانِهِمْ وَيُنَادُونَ: سَلاَمٌ! وَالَّذِي لاَ يَجْعَلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ شَيْئاً يَفْتَحُونَ عَلَيْهِ حَرْباً.
(أشعياء 55: 11؛ إرميا 1: 12؛ 23: 29، 30؛ حزقيال 13: 3؛ ميخا 3: 5)
لذلك فأن موهبة الشرح والتفسير تُعطى (بإلهام الروح القدس، روح الإعلان والقوة)، للإنسان المدعو من الله، بعد نضوجه وبلوغه لمستوى الروح وإدراك ما لا يُدرك بالتفكير الدماغي الفلسفي، وهذه الهبة لا تُأخذ عنوة أو بقدرة شخصية أو عن استحقاق أو بسبب كثرة الاضطلاع والمعرفة والدراسة المتخصصة، بل هي هبه وعطية مجانية من الله حينما يدخل الإنسان في شركة الابن الوحيد، إذ هي موهبة من مواهب الروح الواحد لأجل البنيان على مستوى التعليم في الكنيسة، وعلى المستوى الشخصي بالنسبة للنمو.