منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 07 - 2018, 04:02 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,318,934

من رتبة العبيد لرتبة الأبناء
(ملخص مفهوم التبني في العهد الجديد على ضوء رسالة غلاطية)
الإنسان في البداية سقط من رتبته الأولى،
فهبط من مستوى حرية المجد النوراني الذي كان لهُ في الفردوس على مستوى رؤية الله والتمتع بالحضرة الإلهية، لمستوى العبودية تحت سلطان الظلمة وعدم القدرة على رؤية نور وجه الله الحي [وَقَالَ (الله لموسى): «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ» خروج 33: 20]، لذلك قَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:
«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تلاَمِيذِي. وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ. كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَاراً؟». أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ، الْحَقَّ، أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً. أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِناً. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ». فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ اللَّهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي. لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. (يوحنا 8: 31 – 36؛ 41 – 44)
ومن هُنا يظهر معنى التبني الحقيقي من الناحية الواقعية العملية، أي من جهة الفعل والعمل، لأن التبني ليس نقلة فكرية، وبالتالي ليس نظرية فلسفية ولا موضوع بحثي لدغدغة مشاعر الإنسان وإثارته عاطفياً، بل قوة فعل إلهي سماوي ضارب بجذوره في أعماق النفس من الداخل، لأن أن كنا نؤمن بالابن الوحيد إيماناً حقيقياً، فإيماننا هذا يُمتحن بفعله في حياتنا على المستوى الشخصي، لأن حياتنا تُظهر إيماننا، لأن هنا في هذا الموقف الرب كشف إيمان اليهود به، بأنه إيمان شكلي ظاهري مزور ليس بذات قيمة لأنه لم ينقلهم من مرتبة العبيد لمرتبة الأبناء من الناحية العملية، لأن هذا الإيمان ليس فيه حرية أبناء الله الحي، بل إيمان عبيد تحت قيد وسلطان الظلمة [وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً – يوحنا 3: 19]، لذلك لم يفهموا كلام الرب عن الحرية: [لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. (والسبب) أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا]
وهنا يتضح جداً أمامنا الفرق العظيم ما بين العبد والابن: [مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ].
فمن الواضح جداً أن التبني الحقيقي = الحرية [فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً]، والحرية هنا = الخروج من تحت سلطان الظلمة والدخول في سلطان النور الحقيقي الآتي إلى العالم:
[فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ. وَالنُّورُ يُضِيءُ (shines يُشرق، يشع، يتلألأ، يتألق – جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم – تثنية 33: 2) فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ (لم تُدركه، لم تعرفه، لم تفهمه = لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟). كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا. هَذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ، بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ. كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ. كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.] (يوحنا 1: 1 – 13)
فمن يحيا في سقوطه، ويفعل الخطية كمنهج حياته المستمر والدائم، فأنه يحيا حياة الإثم والتعدي [ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين – متى 24: 12]، إذ أن قلبه مرتبط بالعالم الساقط تحت سلطان عبودية الخطية، وبذلك يثبت أنه ما زال عبداً ولم ينتقل بعد إلى مرتبة البنوة، لذلك يقول القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى:
+ وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. مَنْ قَالَ قَدْ عَرَفْتُهُ وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقّاً فِي هَذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ:/ "مَنْ قَالَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ، يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هَكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضاً (إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تلاَمِيذِي)". وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ بَارٌّ هُوَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصْنَعُ الْبِرَّ مَوْلُودٌ مِنْهُ، كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ (كمنهج يحيا به) يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي. وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. كُلُّ مَنْ يَثْبُتُ فِيهِ لاَ يُخْطِئُ. كُلُّ مَنْ يُخْطِئُ لَمْ يُبْصِرْهُ وَلاَ عَرَفَهُ. أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ بَارٌّ. مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ (يعيش بها كمنهج حياته الخاص) فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ. لأَنَّ هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً. لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ. [أنا عالم انكم ذرية إبراهيم لكنكم تطلبون أن تقتلوني لأن كلامي لا موضع له فيكم، ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله هذا لم يعمله إبراهيم؛ أليس موسى قد أعطاكم الناموس، وليس أحد منكم يعمل الناموس، لماذا تطلبون أن تقتلوني – يوحنا 8: 37، 40؛ 7: 19] (1يوحنا 1: 5، 6؛ 2: 3 – 6، 28، 29؛ 3: 4 – 12)
فمن يحيا حياة الإثم والتعدي كمنهج لحياته محباً للشهوة (بالطبع هذا يختلف عن الضعف العادي لأي إنسان تعثر في الطريق، بل الكلام هنا عن منهج الحياة نفسه) فهو عبد ومن أب هو إبليس وشهوات أبيه يُريد أن يفعل، ولن يستطيع أن يقبل المسيح رباً ومخلصاً بل سيرفضه أو على الأقل لن يكترث به ولن يهتم بخلاص نفسه، ومن كان عبداً لإبليس لن يستطيع من ذاته أن يتحرر من سلطانه حتى لو أراد بكل طاقته وقوته، لذلك فهو يحتاج من هو أقوى منه ليفكه من الأسر ويعتقه، ويعطيه الحرية الكاملة، ولا سبيل على وجه الإطلاق إلى الحرية إلا بواسطة الابن الوحيد، ابن الله الحي، لأنه الوحيد من له سلطان الحياة والموت والقادر على أن يعتق المأسورين.
أن كنت بإصبع الله أُخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله. حينما يحفظ القوي داره متسلحاً تكون أمواله في أمان. ولكن متى جاء من هو أقوى منه فأنه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه؛ روح السيد الرب عليَّ لأن الرب مسحني لأُبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأُنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق؛ جميع عظامي تقول يا رب من مثلك: المنقذ المسكين ممن هو أقوى منه، والفقير والبائس من سالبه؛ لأن الرب فدى يعقوب وفكه من يد الذي هو أقوى منه. (لوقا 11: 20 – 22؛ إشعياء 61: 1؛ مزمور 35: 10؛ إرميا 31: 11)
فواضح هنا قوة سلطان الابن الوحيد كمُخلِّص الذي أظهر مشيئة الآب من جهة القصد الأزلي والتدبير، لأن القصد كله هو أن يدخل الإنسان بالشركة في ميراث الابن الوحيد، ومن هنا نُدرك معنى التجسد كخبرة في حياتنا الشخصية على مستوى الإيمان الحي العامل بالمحبة، لذلك كانت طلبة الرسول وصلاته من أجل المؤمنين هي: مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين (أفسس 1: 18)
لذلك ينبغي أن نعلم علم اليقين،
بأن الخطية خاطئة جداً، تستعبدنا ولا ترحمنا أبداً، ولا نستطيع الفكاك منها أن ملكت علينا، ومشكلتها ليس في مجرد ارتكابها، بل فيما تصنعه في داخلنا من تشويه وتفقدنا هدف الحياة الإيجابي وهو الحياة مع الله كأبناء في الابن الوحيد، ونتيجة الاستمرار فيها هو الموت المحتوم، لأن خطورتها تكمن في قساوة القلب وتحجره، لأنها تُصيب الإنسان بشلل روحي لا شفاء منه، أن تمسك بها للنهاية [أن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون – لوقا 13: 3]، لذك وضع الرسول هذه المقابلات لكي نستوعب مشكلة الخطية الحقيقية، وأظهر اتجاهين للطاعة لا ثالث لهما، إما للخطية أو للمسيح الرب، فالإنسان حسب ما يُطيع يكون له، أي أن الثمرة التي يحصل عليها هي ثمرة طاعته الشخصية:
[ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيداً للطاعة، أنتم عبيد للذي تطيعونه (أنتم عبيد لمن تقدمون له الطاعة): إما للخطية للموت أو للطاعة للبر؛ لأنكم لما كنتم عبيد الخطية كنتم أحراراً من البرّ. فأي ثمر كان لكم حينئذ من الأمور التي تستحون بها الآن، لأن نهاية تلك الأمور هي الموت] (رومية 6: 16، 20، 21)
[فشكراً لله أنكم كنتم عبيداً للخطية ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها. وإذ أُعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبرّ، وأما الآن إذ أُعتقتم من الخطية وصرتم عبيداً لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية حياة أبدية. لأن أجرة الخطية هي موت وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا] (رومية 6: 17، 18، 22، 23)
وهذه المقابلة تُظهر حالتين، حالة الطاعة للخطية وثمرتها الموت، وحالة العتق من الخطية، أي الخروج من عبودية الخطية للحرية والدخول في عبودية أُخرى فيها هبة الله حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا.
فبعدما كان الإنسان يفعل الخطية الضاغطة عليه من كل جانب،
والمحركة فيه كل شهوات جسده، لأنها متسلطة على أعضاؤه [أرى ناموساً آخر في أعضائي يُحارب ناموس ذهني ويسبيني إلىناموس الخطية الكائن في أعضائي – رومية 7: 23]، أصبح يفعل الحق: وأما من يفعل الحق فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة (يوحنا 3: 21)، وفعل الحق هنا يختص بالمفهوم العبري بالأخلاق واستقامتها حسب الوصية الإلهية المقدسة، وكذلك كل ما هو صيته حسن ونافع:
أَخِيراً أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هَذِهِ افْتَكِرُوا (فيلبي 4: 8)
ومما سبق نستطيع الآن أن نفهم ونستوعب
كلام الرسول عن الحرية والتبني في رسالة غلاطية، لأنها مرتبطة بالقداسة في السيرة الحسنة حسب وصية المسيح الرب، لذلك نختتم هذا الجزء بكلام الرسول في هذه الرسالة المعزية لكل إنسان دخل في سر حياة التبني:
فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهَذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. وَلَكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ: الَّتِي هِيَ زِنىً، عَهَارَةٌ، نَجَاسَةٌ، دَعَارَةٌ، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، سِحْرٌ، عَدَاوَةٌ، خِصَامٌ، غَيْرَةٌ، سَخَطٌ، تَحَزُّبٌ، شِقَاقٌ، بِدْعَةٌ. حَسَدٌ، قَتْلٌ، سُكْرٌ، بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضاً: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. وَلَكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضاً بِحَسَبِ الرُّوحِ. (غلاطية 5: 1، 13، 16 – 25)
موضوع مغلق


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
التجسد الإلهى
القديس إيريناوءس | غاية التجسد النهائية
غاية التجسد الإلهى كملت فى يوم الخمسين " و " اكتسبت الكنيسة كل ما للمسيح " ؟
التجسد الإلهي
عطر التجسد الإلهى


الساعة الآن 03:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025