القرعة الهيكلية بين الكتاب المقدس والتاريخ-6
السبت 30 يونيو 2012
القمص روفائيل سامي
غرست القرعة الهيكلية جذورها في أعماق التاريخ القديم والحديث معتمدة علي تلك النصوص الكتابية المقدسة والتي أدار بها الله بعض الأمور الحياتية التي كان يحتاج الأمر فيها للمفاضلة بين المختارات البشرية في سائر أمور الحياة ولعل هذا الاستحسان هو الذي قاد الآباء في الكنيسة الأولي لاستخدام القرعة في اختيار القيادات الكنسية حتي يتأكد للجميع عمل الله في وسط الكنيسة وبين شعبه الذي أحبه وكما رأينا في اختيار قداسة البابا كيرلس السادس وكيف كانت يد الله في اختياره وهكذا نري في هذه الحلقة كيف كان دور القرعة الهيكلية واضحا في اختيار مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث الذي وصل عدد الذين تمت تزكيتهم حتي أواخر أبريل عام1971م 9 أشخاص وهم الأنبا باسيليوس والأنبا دوماتيوس والأنبا بولس والأنبا صموئيل والأنبا غريغوريوس ومن الرهبان القمص متي المسكين والقمص شنودة السرياني والقمص تيموثاوس المقاري ثم اجتمعت اللجنة وتم عمل تصفية حتي وصل العدد إلي خمسة وكانوا هم الأنبا باسيليوس والأنبا صموئيل والأنبا شنودة والأنبا دوماتيوس ومعهم الراهب القمص تيموثاوس المقاري وكان يوم الجمعة 29 من أكتوبر1971م ميعاد توجه الناخبين لاختيار شخص واحد أو اثنين أو ثلاثة من الخمسة السابقين وكان مقيدا في جداول الناخبين700 ناخب حضر منهم 622 ناخبا حضروا من كل مكان,وكانت اللائحة تنص علي أن لوكلاء الشريعة في المطرانيات و24كاهنا من القاهرة و7من الإسكندرية وأعضاء المجلس الإكليريكي لهم حق الانتخاب كما حضر عملية الانتخاب وفد من الكنيسة الإثيوبية هما:المطران توماس والقمص هايت مريم سكرتير إمبراطور أثيوبيا ورئيس كلية الثالوث اللاهوتية,وحضر أيضا مع الوفد الإثيوبي سفير أثيوبيا في مصر في هذا الوقت السيد ملس وكان مقر الانتخاب هو الكنيسة المرقسية بالأزبكية ,وحضر عملية الانتخاب مندوب من وزارة الداخلية منذ البداية وحتي النهاية وانتهت عملية الانتخاب في الساعة الخامسة مساء وكان آخر من أدلي بصوته هو الأنبا مرقس مطران كرسي أبو تيج وأسفرت النتيجة عن اختيار ثلاثة من الخمسة وهم:الأنبا صموئيل وحصل علي440 صوتا والأنبا شنودة وحصل علي434 صوتا والقمص تيموثاوس المقاري وحصل علي312 صوتا وتحدد قداس القرعة الهيكلية يوم الأحد31 أكتوبر 1971م حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا وحضر أعضاء المجمع المقدس وأعضاء لجنة الأملاك بالبطريركية وأعضاء هيئة الأوقاف والوزراء الأقباط ومندوبو الإذاعة والتليفزيون والصحافة وحضر أيضا سفير أثيوبيا بالقاهرة والآلاف من الشعب القبطي وكان طقس الصلاة كالتالي:قبل تقديم الحمل دخل نيافة الأنبا أنطونيوس القائمقام البطريركي وأحضروا مائدة وضعوها أمام الهيكل ووقف الأنبا أنطونيوس وفي يده ثلاثة أوراق بكل واحدة اسم من أسماء المرشحين وقال نيافته:سأريكم الآن الثلاث ورقات كلها بمقاس واحد,ولون واحد ومختومة من الجانبين بختمي وختم لجنة الانتخاب سأطبق كل واحدة أمامكم وسأضعها في العلبة وأغلقها بالشمع أمامكم وأختمها بختمي ووضع الثلاث ورقات التي تحمل الأسماء في العلبة ثم أعلق العلبة وختم علي العلبة وسلم الخاتم للسيد الوزير المهندس إبراهيم نجيب ثم أخذ العلبة ووضعها علي المذبح لتحضر القداس وبعد اتهاء القدس أعادوا المائدة مرة أخري أمام الهيكل وجمعوا كل الأولاد الذين حضروا الصلاة وتناولوا حتي يختاروا واحدا ليسحب ورقةالقرعةوكانوا تسعة أولاد,ووقع اختيارهم علي أصغرهم وكان في العاشرة من العمر واسمة أيمن منير كامل غبريال,العجيب أنه حضر مع أبويه من الإسكندرية ولم يكن معهم تذاكر لدخول الكنيسة يومها ولكنهم استطاعوا حضور القداس بعد مشقة كبيرة,وشاءت المشيئة الإلهية أن تكون يد الطفل غير المدعو من الناس لهذا الحفل أن تسحب ورقة بابا الأقباط القادم والبسوا الطفل أيمن ملابس الشمامسة وحمله نيافة الأنبا أغابيوس وأتي به إلي القائمقام,وهنا رفع الأنبا أنطونيوس العلبة التي بها الثلاث ورقات إلي أعلي مربوطة ومختومة حتي يراها الناس بأربطتها وأختامها وجاءوا بالطفل أيمن بعد أن أخفوا عينيه حتي لايري شيئا من الأوراق التي سوف يسحب إحداها وفي أثناء ذلك بدأ الآلاف من الشعب القبطي المتواجد في الكنيسة يصلون قائلين يارب ارحم 41 مرة ثم مد الطفل أيمن يده إلي العلبة وهو مغمض العينين وسحب ورقة فأخذها منه القائمقام وكان الجميع صامتين وكأن علي رؤوسهم الطير,وأمسكها بيده وأخذ يفتحها والكل مترقب وقرأ الأنبا أنطونيوس الاسم المكتوب في الورقة وأعلنه للشعب وهو:نيافة الأنبا شنودة..أسقف التعليم وكانت هذه هي آخر قرعة هيكلية لاختيار البابا الـ 117 الذي من أقوالهالقرعة الهيكلية المقصود بها أن يكون اختيار البابا من خلال صوت ربنا فهذا هو الفرق رئاسات العالم ترشح نفسها وتتنافس أما قيادات الكنيسة ولاسيما البابا البطريرك فيزكيه الشعب وأحيانا كانوا يحضرونه مقيدا ليتولي هذا المنصب بناء علي تزكية الشعب له والاختيار الإلهي عن طريق القرعة الهيكلية البعيدة عن الشك والريبة ونصلي ليختار لنا الرب راعيا صالحا يقود الكنيسة بالروح والحق.