فلما سمعتْ أنه أنبا دانيال، خرجت مسرعةً إلى البابِ الثاني، والعذارى يجرين خلفها، وهن يفرشن بلالينهن في الطريقِ إلى موضع الشيخِ، فما أن دخلَ الديرَ حتى قدمت له لقّاناً فيه ماء، وغسلت رجليه، ولما فرغت من غسلهما، جعلت العذارى يأخذن الماء ويغسلن وجوهَهن، ما خلا أختٌ واحدةٌ، كن يقلن له الهبيلة، مطروحةً عند البابِ، بخرقٍ زريةٍ جداً، فلما فرغوا من الغسل، خرج الأب أنبا دانيال عند البابِ، فنظر إلى تلك الأختِ، فلم تسلِّم عليه، ولا التفتت إلى كلامِه، فصرخت عليها الأخواتُ، أن تقبِّل يدي أبينا أنبا دانيال، فلم تقف، فقالت الأم للأنبا دانيال: «يا أبانا إنها مجنونةٌ، وطلبتُ مراراً كثيرةً أن أطرحها خارجَ بابِ الديرِ، ولكني خشيتُ من الخطيةِ».
ثم إنهن قدمن للأنبا دانيال طعاماً ليأكلَ، وبعد ذلك أكلن، ثم قال لتلميذِه: «اسهر معي الليلةَ، لتنظرَ عِظم فضائل هذه القديسةِ التي يدعونها مجنونةً».