كان شيخٌ قديس، إذا قام بخدمةِ القداسِ، يرى ملاكين واقفين، واحداً عن يمينِه، والآخرَ عن اليسارِ، هذا كان قد أخذ نسخةَ القداسِ، من واحدٍ من ذوي البدع في الإيمانِ، وإذ كان ساذجاً، لا يعرفُ تحريرَ الآراءِ الإلهيةِ في تقديسهِ بسذاجةٍ، فقد كان يقولُ كما في النسخةِ، ولا يعلم أنه يغلط. وبتدبيرٍ من اللهِ، زاره شماسٌ، راهبٌ، عالمٌ، فلما خدم الشيخُ القداسَ بحضرتِه، قال له: «هذا ليس قولَ أصحابِ الأمانةِ الصحيحةِ»، وإذ كان الشيخُ يبصرُ الملاكين في قداسِه، فإنه لم يلتفت إلى قولِ الشماس. أما الشماسُ، فإنه لبث يقول له: «غلطتَ يا أبي، والكنيسةُ الأرثوذكسية، لا تقبلُ هذا القولَ». ولما رآه الشيخُ لا يكفُّ عن توبيخهِ، التفتَ إلى الملاكين، وقال لهما: «ما معنى قول الشماس»؟ فقالا له: «اقبل منه، فقد قال لك الصوابَ». فقال لهما الشيخُ: «وأنتما، ما بالكما لم تقولا لي»، فقالا: «إنَّ اللهَ رسمَ هذا التدبيرَ، أن يُصلحَ الإنسانَ، إنسانٌ مثله». فانصلح رأيُ الشيخِ من ذلك اليوم، وشكر الله تعالى، والشماسَ.
قال القديس يوحنا ذهبي الفم: «إذا ما أخطأنا، فإن الله قد يُنهض علينا أعداءَنا ليؤدبونا، وعلى هذا فلا ينبغي أن نحاربهم، بل يجبُ أن نحاسبَ نفوسَنا ونثقفها، ولكونه أطلقهم علينا لأجلِ خطايانا، فمتى حاربناهم، نصرَهم علينا، ولهذا أمرنا أن لا نكافئَ أعداءنا، فلنقبل الامتحانات، كقبولِ الأدويةِ من الحكيمِ لنخلصَ، وكقبول التأديب من الأب لنتشرف، فلهذا قال الحكيمُ ابن سيراخ: أيها الولدُ، إن تقدمتَ لخدمةِ ربك، فهيئ نفسَك للتجاربِ».
قال القديس باسيليوس: «إن النصارى قد مُنعوا من محبةِ المجدِ الباطلِ، ومن إرضاءِ الناسِ، ومن المباهاة، أما العلمانيون فإنهم يَخزون من المسكنةِ، ويهيئون أنواعَ المأكولات للضيفِ، وأما نحن، فلا نرذل المسكنةَ التي طوَّبها الربُّ. وكما لا يليق بنا إعداد الآلات الكريمة الثمينة في الضيافات، وإحضار البُسط فيها، كذلك لا يحسن بنا الاحتفال بالمأكولات اللذيذة الثمينة، الخارجة عن مأكولاتنا.
فإن قَصَدَك أيها الأخُ غريبٌ، فإن كان حالُه كحالِك، قدم له الخبزَ، فإنه يعرفُ فائدته ويجد عندك ما تركه في قلايته، فإن كان قد أتعبه، فقدم له ما يزيل تعبَه.