سؤال: «كيف ينبغي لي أن أقضي يومي»؟
الجواب: اقرأ في المزامير قليلاً واحفظ قليلاً، وفتِّش أفكارَك قليلاً ولا تجعل ذاتَك تحت رباطِ قانون، ولكن اعمل بقدر ما قوَّاك الله على فعلِه، ولا تترك تلاوة المزامير والقراءة قليلاً قليلاً هكذا، وبذلك يمكنك أن تقضي يومَك بمرضاةِ الله، لأن آباءنا لم يكن لهم قوانين لساعاتٍ، بل كانوا يجتازون النهارَ كلَّه: في القراءةِ وقتاً، وفي تلاوة المزامير وقتاً، وفي تعلُّم حاجات طعامِهم وقتاً آخر، وهكذا.
سؤال: «كيف يمكن للإنسانِ أن يفتشَ أفكارَه لينجوَ من السوءِ»؟
الجواب: تفتيشُ الأفكار هو هكذا: إذا أتاك فكرٌ فانظر أيَّ شيءٍ يَلِد. ولكي أُقرِّب لك المعنى أسوقُ إليك مثلاً: إذا اتفق وشتمك إنسانٌ، وأتاك الفكرُ أن تردَّ عليه، قل لفكرِك إن أنا رددتُ عليه أحزنته وأعثرته، فلأصبر أنا قليلاً والأمر يجوز بسلام. كذلك إن كنتَ واجداً على إنسانٍ أو في داخلك فكرٌ بالشرِّ من ناحيةِ إنسانٍ، فقل ما يأتي: «إن الذي يفكر بالشرِّ يعاقبه الله». وللحال يكفُّ الفكرُ الرديء. وفي الوقتِ الذي يعرض لك فيه الفكرُ فتِّشه واقطعه عنك. أما بخصوصِ الشهوةِ فإنها تحتاج انتباهاً كثيراً. كما قال الآباء: «إن أنت وجدتَ عقلَك محارَباً في الزنى فجيء به إلى القدسية. وإن حورب في الحنجرةِ فجيء به إلى الإمساك. وإن حورب في البغضةِ فجيء به إلى المحبة. وبذلك تصبح على الدوام في يقظةٍ وحذرٍ ونجاةٍ».
سؤال: «قل لي يا أبي عن الصلاةِ الدائمة، ما هو حدُّها؟ وهل ينبغي لي أن آخذ قانوناً إزاءها»؟
الجواب: افرح بالربِّ يا أخي، افرح بالربِّ يا حبيبي، افرح بالربِّ أيها الوارث معي. إن الصلاةَ الدائمة تكون للذين قد كَمِلوا وبلغوا حدَّ انعدامِ الأوجاعِ عنهم. لأنهم إذا بلغوا ذلك عرفوها، لأن الروحَ يعرِّفهم كلَّ شيء. إذ يقول الرسول: «إننا لا نعرف كيف نصلي كما ينبغي، ولكن الروحَ يطلب من أجلِنا بتنهدٍ لا يُنطق به». وماذا ينفعك إن وصفت لك مدينة رومية وأنت لم تدخلها بعد؟ إن الإنسانَ الساكت خاصة يستمر وليس عليه قانون، ولكن كن مثلَ إنسانٍ يجوع ويأكل ما يلذُّ له، فإذا جاءتك شهوةُ القراءةِ وأحسستَ تخشعاً في قلبك فاقرأ ما أمكنك. كذلك في تلاوةِ المزامير افعل هكذا وتمسَّك بالشكرِ وقل: «يا إلهي ارحمني». تقوَّ ولا تفزع. لأن مواهب الله ليس فيها رجعة. اترك عنك من اليومِ الاهتمامَ، لأنك بعدم اهتمامك بشيء من الأشياء تصير قريباً من الله ومن مدينة القديسين. وإذا لم تحسب نفسَك شيئاً، صيَّرك ذلك أهلاً للسُكنى في مدينةِ الأبكار، وإذا متَّ عن كلِّ إنسانٍ، صيَّرك ذلك مُتحداً بالله. وكلّما أطفأتَ حرارةَ الغضبِ ساعد ذلك على دوامِ سلامتِك.