إذا قمتَ للصلاةِ قدام الله احرص أن تجمع عقلَك طارحاً عنك الأفكار المقلقة. ضع نُصبَ عينيك كرامة الله ونقِ حركاتك من الميول الشريرة. فإن شعرتَ بحرارةِ النعمة تقدَّم ولا تضعف، فإذا أبصر الله صبرَك فإنه بسرعة يسكب فيك نعمتَه ويتقوى عقلُك وينشط للعمل بواسطة السخونة (حرارة النعمة) فتضيء أفكار نفسك ويسمو بك الشعور إلى تمجيد عظمة الله كلِّ حين. ولن يكون لك ذلك إلا بطلباتٍ كثيرةٍ وفكرٍ نقي، كما أنه لا يليق أن يوضع البخورُ الطيب في إناء منتن، كذلك الله لا يُظهر عظمته في فكرٍ رديء.
إذا قمتَ في صلاتك قدام الله فأولُ شيءٍ قل: «قدوس قدوس قدوس الله القوي، السماء والأرض مملوءة من تسابيحك». وبعد ذلك قل: «اللهم أهلنا بنعمتِك لذلك الشرف الذي أعددتَه في العالم الجديد ولا يديننا عدلُك في مجيئك العظيم. اللهم أهلني لمعرفتك الحقانية والخلطة بحبك التام». وحينئذ اختم صلاتك بالصلاةِ التي علَّمها الله لتلاميذهِ دائماً واتلُها دائماً بتأملٍ. الذي يظن في نفسه أن حياته في هذه الدنيا إنما هي يومه الذي هو فيه فإنه يكاد لا يخطئ.