المسيح يبين للرجل استحكام الداء
لم يكن المسيح يقصد فقط تحريك إرادة الرجل نحو الشفاء، بل أراد أيضًا أن ينهض أمام ذهنه وخياله استحكام الداء، إن الرجل تحول بسنواته الثماني والثلاثين إلى صورة مرعبة لما يمكن أن يفعله المرض في حياة أي إنسان، بل لعل الرجل في هذه السنوات الطويلة أضحى رمزًا ناطقًا في كل التاريخ شاهدًا على ما يفعله الشر، وقدرة السيد الظاهرة عليه، ومن ثم أخذ بعض المفسرين الذين يعمدون إلى الرمزية لا يرون في مرضه رمزًا لما هو أعتي وأقسى وأشد، ... وقيل إن الرجل كان يمثل الأمة الإسرائيلية بأكملها، والأروقة الخمسة في بيت حسدا، هي أسفار موسى الخمسة، أسفار الناموس، وفي هذه الأروقة ينطرح المرضى المعذبون المفلوجون العاجزون، وهم لا يجدون في الناموس شفاء من ضربة الخطية، ولعنة الأثم لأن بالناموس معرفة الخطية، ولكنه لا قوة فيه على الشفاء من ضربة القلب، إن الناموس في الواقع أشبه بالقانون في الأمة، ولا يمكن لأمة أن تعيش بغير قانون، وكلما كان القانون صادقًا وعادلاً ودقيقًا كلما كان أقل الناس في الحياة أجمل وأكمل وأقوى، لكن القانون في أي مكان في الأرض لم يمنع الجريمة يومًا من الأيام، فالناس رغم علمهم بالقانون، يكسرونه، ورغم معرفتهم بالعقوبة يرتكبون الجريمة!! ويذهب المفسرون الرمزيون أيضًا إلى أن الثماني والثلاثين سنة، تشير إلى السنوات التي قضاها الإسرائيليون في البرية بعد خروجهم من أرض مصر، أو لعلها تشير إلى عدد القرون التي انتظرتها البشرية حتى يأتي المسيح مخلص العالم!!