رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح العجيب مَنْ صدَّق خبرنا؟ (إش53: 1)في أضيق ظروف العيش وُلد، لكن الفضاء من فوقه عطرته هللويات جُند السماء. كان مهده مذوداً للبهائم، لكن من فوقه كان نجم لامع يهدي خطوات المجوس من المشرق ليسجدوا له. كان مولده على خلاف قوانين الحياة، وكان موته على خلاف قوانين الموت. وحياته وتعليمه كان فيهما معجزة الدهور أغلقت على التفكير والتفسير. لم يكن يملك حقول قمح، ولا مصايد أسماك، لكنه استطاع أن يرتب مائدة لخمسة آلاف ولأربعة آلاف أكلوا خبزاً وسمكاً وفضل عنهم ما يملأ القفف والسلال. لم يمشِ في حياته على بساط وردي جميل يليق بكرامة قدميه، لكنه مشى يوماً على مياه البحر فحملته طائعة كما حملت تلميذه أيضاً بناء على كلمة خرجت من شفتيه. كان صليبه أفدح الجرائم جميعاً، لكن من جانب الله لم يكن ثمن أقل من آلامه الكفارية يمكن أن يصنع لنا الفداء. وقبيل أن مات، بكت عليه حفنة من الأوفياء، لكن الشمس اتشحت بظلمة كثيفة السواد. ومع أن الناس لم يرتعدوا من أجل خطاياهم، لكن الأرض تزلزلت تحتهم من هول ما حدث. وكل الطبيعة احترمته عرفاناً، إلا العُصاة والخطاة فقد رفضوه نكراناً. خطية أو شبه خطية لم تمسسه، ولم يكن ممكناً أن يرى جسده فساداً. لمدة ثلاث سنين، تكلم كارزاً، لم يكتب فيها كتاباً، ولم يبنِ هيكلاً، ولم يترك مالاً يورث. لكنه بعد قرابة ألفي عام لم يَزَل الشخصية التي تحتل مركز تاريخ البشرية. ولم يَزل موضوع الكرازة الممتد عبر القرون. ولم يَزل المحور الذي حوله تدور عظائم المتغيرات وحوادث الدهور. ولم يَزل صوت كلمته هو الباعث والبعث الجديد في حياة الملايين. هل كان هذا ابن مريم: مجرد إنسان بين الناس، وهو الذي طبق صيته الآفاق، مئات من السنيين؟ هل كان دم الجلجثة مجرد دم بشري، وهو الذي جرى لفداء الخطاة، فصنع العجب في الأفراد والجماعات والشعوب حكاماً ومحكومين، كل هذه القرون؟ وهل يستطيع إنسان عاقل أن يسكت أو يكتم العجب وهو يقول « ربي وإلهي »؟ يسوعُ وحـدهُ حَـوَى جميعَ أوصافِ الكمالْ وهو العجيبُ في البها والعزِّ أيضاً والجـلالْ |
|