رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خائف الرب وبيته المقدس نَسْلُهُ يَكُونُ قَوِيًّا فِي الأَرْضِ. جِيلُ الْمُسْتَقِيمِينَ يُبَارَكُ [2]. تمتع بولس الرسول بالحياة المطوَّبة كمؤمنٍ خائف الرب، ولم يكن له نسل حسب الجسد، لكنه ولد كثيرين في الإنجيل، وصار له أبناء أقوياء يشهدون لإنجيل المسيح. أي ميراث نُقَدِّمه لأبنائنا وأحفادنا أعظم من بهجتنا بوصايا الرب، وتمتعنا بالحياة المُطوَّبة، أي إيماننا العملي الحي! * إنني أنا الذي أطيع الله باختياري أتأهل أن أكون أبًا لقديسين... ليت الرب يمنحكم أيضًا يا من تستمعون لي أن تكونوا جيلًا مستقيمًا. القديس جيروم * اعتاد الكتاب المقدس أن يدعو النسل ليس من هو مولود حسب نظام الطبيعة، وإنما من يتبع الفضيلة. هكذا أيضًا بولس يفسر: "لنسلك أعطي هذه الأرض" (تك 12: 7)، قائلًا: "ولا لأنهم من نسل إبراهيم هم جميعًا أولاد؛ بل بإسحق يُدعَى لك نسل" (رو 9: 7)... تبعًا لذلك فإن الشعب الفاضل وأبناء خائفي الرب هم في عداد هؤلاء: "نسله يكون قويًا في الأرض" [2]. لماذا يقول: "في الأرض"؟ لكي يُظهِرَ أن هذا يتم قبْل الرحيل من هنا، وقبْل خبرة الخيرات هناك. كما قلتُ سابقًا إن الفضيلة لها مكافأتها حتى قبل أن تُمنَح الأكاليل... ليس شيء أقوى من الفضيلة، إنها أصلب من الصخر، وأكثر متانة من الصلب. وبالتالي ليس شيء أدنى من الرذيلة، ليس ما هو أضعف منها، حتى وإن كانت تحوطكم ممتلكات بلا حصر؛ حتى وإن كان لكم سلطان خارجي له اعتباره. الآن إن كانت قوتها هكذا على الأرض، تأملوا كم تكون عظمة القدرة التي للذين سيتمتعون بالسماء. القديس يوحنا الذهبي الفم * إن افتخر اليهود فيما أُعطوا، وهو أن نسلهم يكثر على الأرض ويقوى، تقول لهم إن كثيرين من أتقياء الله لم يذكر الكتاب لهم نسلًا مثل ملكي صادق ويشوع بن نون وإيليا وإرميا وغيرهم من الأنبياء. فإذًا قول النبي هنا لا يعني النسل البشري، إنما النسل الروحي، أي جماعة المؤمنين الذين قبلوا مثل أرضٍ جيدة البذرة التي يغرسها الرسل القديسون، وأثمروا ثلاثين وستين ومائة، وكثر عددهم على الأرض، وقووا على محاربة قوات الظلمة، وغلبوها بالإيمان بالمسيح الإله. الأب أنسيمُس الأورشليمي رَغْدٌ وَغِنًى فِي بَيْتِهِ، وَبِرُّهُ قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ [3]. إذ يلتصق خائف الرب بالله، يسكن الله فيه، ويقيم من قلبه بيتًا له، يفيض فيه من غنى نعمته وعطاياه الإلهية، فلا يحتاج إلى شيءٍ، بل يصير مصدر عطاء للآخرين. يتمتع خائف الرب بثمر روح الله القدوس من محبة وفرح وسلام ووداعة وتعفف وصلاح؛ يصير قلبه جنة مُغْلَقَة تحمل ثمارًا روحية. * أشار الرسول بوضوح إلى الغنى الذي للمؤمنين: "ألستم أنتم إكليل مجدي؟" (راجع 1 كو 1: 5) القديس جيروم * يشهد الرسول أن أعمال الرحمة هي بذور المحصول المُقْبِل، إذ يقول: "لا نفشل في عمل الخير، لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكل" (غل 6: 9). وأيضًا: "هذا وأن من يزرع بالشُح، فبالشُح أيضًا يحصد" (2 كو 9: 6). ولكن أيها الإخوة أي شيء أقدر من أنه ليس فقط اشترى زكا ملكوت السماوات بنصف أمواله (لو 19: 8)، وإنما حتى الأرملة اشترته بفلسيْن (مر 12: 42)، وكل منهما سينال نصيبًا مساويًا للآخر هناك؟ وماذا أكثر قدرة من أن نفس الملكوت الذي يستحقه الغني بتقديم كنوزه، يناله الفقير بكأس ماء بارد...؟ "مجدًا وغنى يكون في بيته" [3]. لأن بيته هو قلبه، ففيه بالتسبيح لله يعيش في غنى أعظم، مع رجاء في الحياة الأبدية عن الناس المتملقين الذين يعيشون في قصور من الرخام، مُزيَّنة بأسقف فخمة مع الخوف من الموت الأبدي. "برُّه قائم إلى الأبد". هذا هو مجده، هناك يوجد غناه. القديس أغسطينوس * هذا هو الغنى الحقيقي، ألا تشعر أنك في عوزٍ إلى غنى. * "مجد وغنى في بيته" [3]. هذا لا يحتاج إلى تفسير. فإن هؤلاء لهم مجد من الله... لقد قبلوا (الرسل) مثل ملائكة الله، وأتوا بممتلكاتهم ووضعوها عند أقدامهم. وصاروا أكثر شهرة من الذين يلبسون الأكاليل. أي ملك جعل دخوله في بهاء مثل بولس، هذا نلاحظه أينما كان يتكلم، إذ كان يطرد الموت، وينزع الأمراض، ويجعل الشياطين تهرب، ويصنع عجائب حتى من ثيابه نفسها. لقد حوَّل الأرض إلى سماء، وقاد كل واحدٍ إلى الفضيلة. نعم، إن كانوا قد حققوا مثل هذه الأمور على الأرض، تأملوا أي مجد سينالونه في السماء. الآن ماذا يعني: "في بيته"؟ تعني في نفسه الثروة التي تأتي من مصادر خارجية لا تنتمي لصاحبها، لأنها لا تبقى في أمان هناك، بل هي في أيدي المغرورين والمتملقين والحكام والخدم. لهذا السبب يقوم بتوزيعها في كل الاتجاهات، وهو غير واثقٍ أن يحتفظ بها في بيته في أمان. هذا هو السبب لوجود حراس للخفارة، وإن كان هذا لا يفيد مادام هو نفسه معرضًا أن يتركها. * "برّه قائم إلى الأبد" [3]... كل ما هو بشري يخضع للفناء. أما ثمر الرحمة فيبقى بدون فساد إلى الأبد. ولا تشوهه مشكلة ما مع الزمن، فإنه حتى الجسم ينحل، أما (الرحمة) فلا تختفي مدى الحياة، بل وتتقدم لتعد مسكنًا رائعًا لكم. وكما يقول المسيح: "في بيت أبي منازل كثيرة" (يو 14: 2). بهذا فهي أسمى من أشياء البشرية في هذا الأمر، إذ تتسم بالديمومة والثبات، الأمر الذي لا وجود له في أي شيء من هذه الحياة. إن ذكرتم الجمال، فإنه يذبل مع المرض، ويضيع من الزمن. إن ذكرتم السلطان، فغالبًا ما لا يكون موثوقًا فيه. إن ذكرتم الثروة أو أي شيء من الغنى والشهوة في الحياة الحاضرة، فإن هذه إما أنها تفارق الناس وهم أحياء أو يصير الميت عاريًا ومجردًا من كل شيء. ثمر البرّ على العكس تمامًا، لن يفسده الزمن، ولا يُحَطِّمه الموت، بل يصير أكثر أمانًا، خاصة عندما يصل إلى النقطة التي فيها يبلغ إلى الميناء ويصير محميًا من العواصف. القديس يوحنا الذهبي الفم * الممتلكات الرديئة تلك التي قيل عنها: "الأشبال احتاجت وجاعت" (مز 10:34)، "ولكن ويل لكم أيُّها الأغنياءُ، لأنكم قد نلتم عزاءَكم" (لو 24:6). انتزاع هذا الغنى فيه سمو في الكمال، إذ يقول الرب عن الفقراء (الذين ليس لهم هذا الغنى): "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات" (مت 3:5). وجاء في المزمور: "هذا المسكين صرخ، والربُّ استمعهُ" (مز 6:34)، وأيضًا "الفقير والبائس ليُسَبِّحا اسمك" (مز 21:74). والغنى (الممتلكات) الصالح هو ما يمتلكه مقتنى الفضائل... صانع البرّ الذي يمدحه النبي داود، قائلًا: "نسلهُ يكون قويًّا في الأرض. جيل المستقيمين يُبارَك. رغد وغنًى في بيتهِ، وبُّرهُ قائِم إلى الأبد" (مز 2:112-3). وأيضًا: "فدية نفس رجلٍ غناهُ" (أم 8:13). ويتحدث سفر الرؤيا إلى المفتقر والمُعدَم من هذا الغنى قائلًا: "أنا مزمع أن أتقيَّأَك من فمي. لأنك تقول إني أنا غنيّ وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيءٍ، ولستَ تعلم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان. أشير عليك أن تشتري مني ذهبًا مصفًّى بالنار لكي تستغني. وثيابًا بيضًا لكي تلبس، فلا يظهر خزي عريتك" (رؤ 16:3-18) الأنبا بفنوتيوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 112 | الشرير يتصاغر أمام خائف الرب |
مزمور 112 | خائف الرب المترفق |
مزمور 112 | خائف الرب الثابت إلى الأبد |
مزمور 112 | خائف الرب يتحدى الظلمة |
مزمور 112 | خائف الرب المتهلل |