رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
استغاثة من الأعداء اَللهُمَّ الْمُتَكَبِّرُونَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ، وَجَمَاعَةُ الْعُتَاةِ طَلَبُوا نَفْسِي، وَلَمْ يَجْعَلُوكَ أَمَامَهُمْ [14]. كلما تهللت نفس المؤمن، والتصقت نفسه بمراحم الله، وانفتحت أمامه أبواب السماء، ثار عدو الخير وقوات الظلمة ضده. هؤلاء هم المتكبرون وجماعة العتاة الذين لن يطلبوا أقل من نفسه، وتدميرها تمامًا، غير واضعين في اعتبارهم أن نفسه محفوظة في يدي الله، وخلاصه قد دُفع ثمنه على الصليب. لا نخشى هذه المعركة الشرسة، فإن العدو لم يتوقف قط عن إعلان الحرب ضد الآباء الأولين والأنبياء والرسل والتلاميذ وكل مؤمني العهدين القديم والجديد، بل وضد المسيح الخالق نفسه! جاء في الترجمة السبعينية: "اللهم إن مخالفي الناموس قد قاموا عليّ". وكما يقول القديس أغسطينوس إن مخالفي الناموس ليسو الأمم، إذ كانوا بلا ناموس، بل هم اليهود. * إنهم لم يحفظوا الناموس، واتهموا المسيح كما لو كان مخالفًا للناموس. ونحن نعرف ما احتمله الرب. أتظنون أن جسده لا يعاني من هذا الآن؟ كيف يمكن أن يكون هذا؟ "إن كانوا قد لقبوا رب البيت بعلزبول، فم بالأحرى أهل بيته. ليس التلميذ أفضل من المعلم، ولا العبد أفضل من سيده" (مت 10: 24، 25). الجسد يعاني أيضًا من مخالفي الناموس، ويقومون على جسد المسيح... "ومجمع العتاة طلبوا نفسي". مجمع العتاة هم جماعة المستكبرين... قاموا على الرأس، أي على ربنا يسوع المسيح، صارخين وقائلين بفمٍ واحدٍ: اصلبه، اصلبه (يو 19: 6). هؤلاء الذين قيل عنهم: "بني آدم أسنانهم أسنة وسهام، ولسانهم سيف ماضٍ" (مز 57: 4). القديس أغسطينوس * لقد بلغنا الاحتفال بالخلاص الذي كنا نشتهيه. إنه يوم قيامة السيد المسيح، يوم السلام والمصالحة، اليوم الذي فيه بطل الموت وانهزم الشيطان. في هذا اليوم انضم البشر إلى الملائكة. اليوم يقدم البشر تسابيحهم مع القوات الروحية. اليوم أُبطلت أسلحة الشيطان، انفكت قيود الموت، وأُبيد جبروت الجحيم. اليوم سحق ربنا يسوع المسيح الأبواب النحاسية، وأزال شوكة الموت. اليوم نستطيع أن نقول مع النبي: "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟" (1 كو 55:15) لقد غير حتى اسم الموت، فلا يدعى بعد موتًا، بل نومًا ورقادًا. كان اسم الموت مخيفًا قبل ميلاد المسيح وصلبه، لأن الإنسان الأول عندما خُلق سمع: "يوم تأكل من هذه الشجرة موتًا تموت" (تك 17:2). وداود النبي يقول: "الشر يميت الإنسان" (مز 21:34). كما كان انفصال النفس عن الجسد يُدعى موتًا وهاوية، ويقول يعقوب أب الآباء: "تنزلوا شيبتي بحزنٍ إلى الهاوية" (تك 38:42). وإشعياء يقول: "وسعت الهاوية نفسها، وفغرت فاها بلا حدود" (إش 14:5). وأيضًا: "لأن رحمتك عظيمة نحوي، وقد نجيت نفسي من الهاوية السفلى" (مز 13:86). هذا المفهوم عن الموت نجده في مواضع أخرى كثيرة من العهد القديم، غير أنه منذ أن قدم المسيح ذاته ذبيحة من أجل كل البشرية، وقام من الأموات ألغى كل هذه الأسماء، وقدم للبشرية حياة جديدة لم تعرفها من قبل، فلا يُسمى بعد الخروج من هذا العالم موتًا بل نومًا أو انتقالًا . القديس يوحنا الذهبي الفم * يقول النبي "المنافقون" عن القوات الشيطانية الشريرة. وأما "جماعة الأعزاء" فعن رؤساء الشعب الذين طلبوا قتل المسيح الإله، لأنهم لم يجعلوا الله أمامهم، أي لم يخافوه ولا هابوه. الأب أنسيمُس الأورشليمي أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلَهٌ رَحِيمٌ ورءوف، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ [15]. قدر ما يثور العدو علينا ويهيج لتحطيمنا معه أبديًا في عنفٍ شديدٍ وقوةٍ، نمتلئ بالأكثر رجاء في الله الرءوف الرحيم الطويل الروح وكثير الرحمة والحق. فالمعركة في حقيقتها هي بين الله القدوس وإبليس المحتال. * لماذا هو طويل الروح وكثير الرحمة والحق؟ لأنه عندما عُلق على الصليب قال: "يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23: 34)... الابن يصلي للآب وهو مصلوب من أجل الأشرار، في وسط إهاناتهم له ذاتها، لا بالكلمات بل بالموت، مُعلقًا على الصليب. وكأنه قد بسط يديه أجل هذا، أن يطلب عنهم، وأن صلاته تتوجه كالبخور نحو الآب، يديه مثل ذبيحة مسائية (مز 141: 2) . القديس أغسطينوس الْتَفِتْ إِلَيَّ وَارْحَمْنِي. أَعْطِ عَبْدَكَ قُوَّتَكَ، وَخَلِّصِ ابْنَ أَمَتِكَ [16]. مادامت المعركة في جوهرها هي بين طرفين أحدهما الله نفسه والثاني إبليس، فما على المؤمن إلا أن يطلب من الله أن يلتفت إليه ويسنده برحمته، بل ويهبه أن يلتحف بقوته، لأنه ابن أمته. هنا يميز الآباء بين السيد المسيح ابن الله الوحيد، قوة الله، وبين المؤمنين أبناء الله بالتبني يتمتعون بقوة الله بالنعمة الإلهية المجانية! ما نناله من قوة هو هبة مجانية ننالها لا عن استحقاقنا الشخصي، بل خلال سؤالنا له! من جانبنا نحن أبناء أمته، نلتزم بالطاعة لأننا نحبه، ومن جانبه سبق فأحبنا وقدم لنا نفسه ملجأ وحصنًا حصينًا! * في صلاة داود، يظهر الروح القدس التمييز ذاته، قائلًا في المزامير: "أعطِ قوتك لابنك، وعونًا لابن أمتك. فإن الابن الطبيعي الحقيقي لله غير أبناء الأمة أي طبيعة الأشياء الناشئة. الأول هو الابن له قدرة الآب، أما الباقون هم في حاجة إلى خلاص. القديس أثناسيوس السكندري اصْنَعْ مَعِي آيَةً لِلْخَيْرِ، فَيَرَى ذَلِكَ مُبْغِضِيَّ فَيَخْزُوا، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ أَعَنْتَنِي وَعَزَّيْتَنِي [17]. مع ما حمله المزمور من صراخٍ من كل القلب، لكنه قي الخاتمة يعلن المرتل ثقته بالتمتع بالخلاص والعون والتعزيات السماوية، وما يصيب عدو الخير من خزيٍ وعارٍ! هذه هي مشاعر المؤمن الصادق حتى قبل تحقيق الخلاص من الشدة والضيقة؛ إنه يشكر الله مقدمًا على ما سيقدمه من عون أكيد! يرى القديس أغسطينوس في هذا المزمور أن المتحدث هو السيد المسيح، وقد ختم بأن يصنع معه الآب آية للخير، ألا وهي قيامته من الأموات فيخزى الصالبون الذين يرفضون الإيمان. * أَتريد، يا حبيبي، أن تكون مكرَّمًا في أعين الناس والله؟ افعل الخير خفيةً (مت 6: 4)، وسيرى الله، ويصنع معك آيةً صالحةً (مز 86: 17 حسب الترجمة القبطية في الأجبية)، وسيمجِّدك كما تمجِّده أنت (اُنظر 1 صم 2: 30) . أنبا ثيؤفيلس البطريرك * جعل الله قديمًا علامة (آية) لقايين لكي لا يقتله كل من يصافه، تلك العلامة كانت علامة سوء... لذلك يقول النبي في طلبته: اصنع معي علامة صالحة (آية للخير)، يراها مبغضوك فيخزون، مثل علامة الإسرائيليين في مصر، التي كان يراها المهلك على عتبة أبوابهم فيهرب. أيضًا طلبته هي علامة صالحة، أعني آية تثبت له ما قد نظره بعين النبوة. وهي أن العذراء تلد وتبقى بتولًا، كقول إشعياء النبي، هذا الذي أعان الجنس البشري عزاه. الأب أنسيمُس الأورشليمي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 89| استغاثة |
مزمور 88 | استغاثة وطلب عون إلهي |
مزمور 61 - صرخة استغاثة وشكر لله |
مزمور 18 - استسلام الأعداء |
مزمور 61 (60 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير - صرخة استغاثة وشكر لله |