رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وصية يعقوب ليوسف: إن كان المصريون قد باعوا أنفسهم عبيدًا لفرعون وكهنة الأوثان صاروا أصدقاء وأحباء له، فإن إسرائيل عاش في مصر أما قلبه فكان مع الله، إذ قيل: "وسكن إسرائيل في أرض مصر في أرض جاسان، وتملكوا فيها واثمروا واكثروا جدًا" [27]. فإن كان إسرائيل قد سكن في مصر لكنه ذهب إلى أرض جاسان التي تعني رمزيًا تعلق القلب بالله والالتصاق به إذ يقول العلامة أوريجانوس: ["جاسان" تعني "قرب" أو "قرابة"، بهذا يظهر أن إسرائيل سكن في مصر ولكن ليس بعيدًا عن الله بل كان ملاصقًا له وبالقرب منه، إذ يقول (الرب) نفسه: "أنا أنزل معك إلى مصر وأكون معك" (تك 46: 4؛ 26: 3). لذلك حتى إن ظهرنا أننا نازلون إلى مصر، أي نكون في الجسد... إن كنا نسكن مع الخاضعين لفرعون (في العبودية)، لكننا نكون بالقرب من الله، ما دمنا نتأمل وصاياه ونطلبها بجدٍ، فإن هذا هو معنى القرب من الله، أن نفكر فيما هو لله، ونطلب ما لله (في 2: 21)، فيكون الله معنا على الدوام خلال ربنا يسوع المسيح]. إذ شعر يعقوب أن أيام رحيله قد اقتربت دعا ابنه يوسف وقال له: "إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فضع يدك تحت فخذي واصنع معي معروفًا وأمانة. لا تدفني في مصر، بل اضطجع مع آبائي فتحملني من مصر وتدفنني في مقبرتهم" [29-30]. وإذ قبل يوسف الوصية حلف لأبيه أن يتممها، عندئذ سجد إسرائيل على رأس السرير [31]. سبق فرأينا لماذا كان يضع الإنسان يده تحت فخذ من يوصيه، إذ يوصيه مشهدًا السيد المسيح الخارج من صلبه. سأل إسرائيل ابنه العزيز لديه أنه إن أراد تكريمه وصنع معروف وأمانة معه ألاَّ يدفنه في مصر بل يحمله إلى مقبرة آبائه في مغارة المكفيلة، وكان يقصد إسرائيل بهذه الوصية إعلان اهتمامه بقيامة جسده، والتزام بنيه بالتعلق بمواعيد الله الخاصة بالتمتع بميراث أرض كنعان حيث يدفن فيها آباؤهم ... أما بالنسبة لسجود إسرائيل على رأس السرير [13] فقد جاء في الترجمة السبعينية أنه سجد على رأس عصاه أي عصا يوسف، وقد أخذ الرسول بولس بهذه الترجمة في (عب 11: 21). ويفسر البعض هذه العبارة بأن إسرائيل إذ رأى إحسانات الله له ولأبنه يوسف أمسك بعصا ابنه عند الرأس واتكأ عليها كشيخ لينحني أمام الله وهو على فراشه. والرأي الثاني أن إسرائيل إذ سمع صوت ابنه العزيز لديه وهو يعده أن يحقق وصيته الوداعية انحنى أمام عصا ابنه التي تمثل سيادته ورئاسته، وكانت هذه التحية معروفة في مصر وفي معظم بلاد الشرق، كما لمست أستير عصا قضيب الذهب التي في يد أحشويرش الملك. على أي الأحوال قلنا أن إسرائيل يمثل الكنيسة المتغربة في العالم كيعقوب في مصر، فإنها إذ تجد يوسف الحقيقي أي ربنا يسوع المسيح يعدها أن يحمل حتى جسدها إلى كنعان السماوية بعد أن يهبه طبيعة روحية جديدة تسجد الكنيسة أمام قضيب مُلك عريسها يوسف الحقيقي، علامة الشكر على إحساناته المستمرة عليها، وقد رأى كثير من الآباء في هذه العبارة نبوة صريحة عن الصليب أو المصلوب على خشبة والمستحق السجود له. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|