|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، به كان كل شيء المقال الحادي عشر "الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا في أزمنة متنوعة وطرق مختلفة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه" (عب 1: 1-2). يسوع هو المسيح الوحيد 1. قدمنا لكم بالأمس، مظهرين لكم بما فيه الكفاية، قدر استطاعتنا، أن رجاءنا هو في يسوع المسيح. لكن يليق بنا ألاّ نؤمن به ولا نقبله كواحدٍ من مسحاء كثيرين يدعون هكذا بلا لياقة. فإن هؤلاء المسحاء رمزيّون، أما هو فالمسيح الحقيقي، لم يرتفع إلى الكهنوت عن تقدم(1) بين صفوف البشر، بل له شرف الكهنوت من الآب. من أجل هذا فإن قانون الإيمان يرشدنا مقدمًا حتى لا نظنه واحدًا من المسحاء العاديين، فيضيف الاعتراف بهذا الإيمان أننا نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد. الابن الوحيد الجنس 2. وأيضًا عندما تسمع "ابن" لا تحسبه أنه مُتبنى، بل ابنًا بالطبيعة، الابن الوحيد، ليس له أخ. من أجل هذا دعي "الوحيد الجنس"، إذ ليس له أخ من جهة شرف اللاهوت ونسبته للآب(2). ونحن لا ندعوه "ابن الله" من عندياتنا، بل الآب دعي المسيح (دون غيره) ابنه وما يدعوه الآباء لأبنائهم هو اسم حق. الابن المتأنس 3. ربنا يسوع صار إنسانًا، لكن كثيرين لم يعرفوه. وإذ رغب في تعليم من لم يكونوا قد عرفوه دعا تلاميذه وسألهم: "من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟! (مت 13: 6) لم يسأل حبًا في المجد الباطل، إنما بقصد إظهار الحق لهم، لئلا بإمعان النظر في الله وابن الله يظنون بخفة أنه مجرد إنسان عادي. وعندما أجابوه أن البعض قالوا بأنه إيليا وآخرون إرميا، أجابهم أنهم معذورون في إجابتهم من أجل عدم معرفتهم، أما أنتم -يا رسلي- يا من باسمي تطهرون البرص وتخرجون الشياطين وتقيمون الموتى، فيلزمكم ألاّ تجهلوا (اسمي) الذي خلاله تفعلون هذه العجائب. وعندما صمت الكل (إذ كان الأمر أعظم من أن يتعلمه إنسان) أجاب بطرس الرسول(3)... دون أن يرشده كشف بارع ولا فكرٍ بشري، إنما أضاء الآب ذهنه، فقال: "أنت هو المسيح"، بل وأيضًا قال: "ابن الله الحي" وقد تبع هذا تطويب من أجل حديثه كختم على أن ما قاله هو إعلان من الآب. إذ قال المخلص: "طوباك يا سمعان بن يونا، فإن لحمًا ودمًا لم يُعلن لك، بل أبي الذي في السماوات" (مت 16: 17). لذلك فمن يعرف ربنا يسوع المسيح أنه ابن الله يشترك في هذا التطويب، أما من ينكر ابن الله فهو فقير وبائس! نور سرمدي من نور سرمدي 4. مرة أخرى أقول عند سماعك عن الابن لا تفهم هذا في معنى غير لائق بل هو ابن بالحق. أنه ابن بالطبيعة بلا بداية، لم يأتِ من حالة العبودية إلى التبنّي، أي انتقل إلى حالة أعظم، بل هو ابن أبدي مولود بنسب لا يُفحص ولا يدرك. وبنفس الطريقة عند سماعك "البكر" لا تفكر في هذا الأمر بمستوى بشري، لأن البكر في البشر له إخوة آخرون. لقد قيل "إسرائيل ابني البكر" (خر 4: 22) لكن إسرائيل كان مثل رأوبين الذي صعد إلى مخدع أبيه "أي كان خائنا"، فقد طرد إسرائيل ابن الآب خارج الكرم (وصلبوه). قيل عن آخرين: "أنتم أبناء الرب إلهكم" (تث 14: 1). وقيل في موضع آخر "أنتم آلهة، وكلكم بني العلي تُدعون" (مز 72: 6). هؤلاء عندما يقول لهم الله هكذا إنما يتقبلون بنوّة لم تكن لهم من قبل. أما هو فلم يولد ليصير على حال لم يكن عليه من قبل، بل هو مولود من البدء ابن الآب. هو فوق كل بداية وكل العصور، ابن الآب مشابهًا(4) للآب الذي ولده في كل شيء، أبدي من أب أبدي، حياة من حياة، نور من نور، حق من حق، حكمة من الحكيم، ملك من ملك، الله من الله، قوة من قوة. تقبل البنوة حسب الجسد "لداود" 5. فإن سمعت الإنجيل يقول: "كتاب ميلاد يسوع المسيح بن داود بن إبراهيم" (مت 1: 1) حسب الجسد. فهو ابن داود "في ملء الأزمنة" (عب 9: 26)، ولكنه ابن الله قبل الدهور بلا بداية. قد تقبل البنوة "لداود" إذ لم تكن له، أما البنوة للآب فهي له سرمديًا. إن له أبين، داود حسب الجسد، والآخر أي الله أباه في اللاهوت. بكونه ابن داود يخضع للزمن وللتدبير والتنازل النسبي، لكن من جهة اللاهوت فلا يخضع لا لزمانٍ ولا لمكانٍ. "جيله من يعلنه؟ الله روح" (راجع إش 53: 8؛ يو 4: 24). فذاك الذي هو روح قد وُلد روحيًا بكونه غير جسدي بنسب غير مدرك ولا مفحوص. الابن نفسه يقول للآب: "قال الرب لي: أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك" (مز 2: 7) هذا "اليوم" ليس زمنيًا بل سرمديًا. اليوم هنا غير زمني، بل قبل كل الدهور. "من الرحم قبل كوكب الصبح ولدتك"(5). آمن بيسوع المسيح 6. إذن آمن بيسوع المسيح، ابن الله الحي، الابن الوحيد. حسب الإنجيل القائل: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية (يو 3: 16؛ يو 3: 18؛ 5: 24؛ يو 3: 36؛ يو 1: 14؛ لو 4: 34). وأيضًا: "الذي يؤمن به لا يُدان، إذ يعبر من الموت إلى الحياة". وأمّا الذي لا يؤمن به فلن يرى الحياة بل يمكث عليه غضب الله". ويشهد يوحنا عنه قائلًا: "ورأينا مجده مثل مجد ابن وحيد للآب. مملوء نعمة وحقا". إذ ترتعب منه الشياطين وتقول "ما لنا ولك يا يسوع. أنت ابن الله الحي". ابن الله بالطبيعة وليس بالتبنّي 7. إذن هو ابن الله بالطبيعة وليس بالتبنّي، مولود من الآب، "وكل من يحب الوالد يحب المولود منه" (1 يو 5: 1)، ومن يحتقر المولود يسيء إلى الوالد. عندما تسمع عن الله "الوالد" (يو 4: 24) لا تفكر في أمور جسدية، ليس في توالد فاسد حتى لا تسقط في خطأ الكفر. "الله روح"، نسبه روحي، لأن الأجساد تلد أجسادًا، وولادة الأجساد تحتاج إلى زمان، أما ولادة الابن من الآب فلم يدخل فيها زمن. في حالتنا نحن ما يولد، إنما يولد غير كامل، أما ولادة الابن من الآب فهي ولادة كاملة، لأن ما هو الآن كان منذ البدء، إذ هو مولود بلا بداية. نحن مولودون هكذا لنعبر من جهل الطفولية إلى التعقل. مولدك يا إنسان غير كامل ونموك يزداد. لكن لا تفكر هكذا في حالة الابن، ولا تنسب الضعف إلى الوالد، لأنه إن كان الذي ولد غير كامل ويحتاج كماله إلى زمان، فإنك بهذا تنسب ضعفًا إلى الوالد... ولادة غير بشرية 8. لهذا لا تفكر في هذه الولادة على أنها بشرية، ولا كما ولد إبراهيم إسحق، لأنه في ميلاد إسحق لم يلد إبراهيم حسب إرادته، بل ولد ما قد منحه له غيره. أما الله، فإن ما ولده الآب لم يكن عن جهلٍ ولا احتاج إلى وسيطٍ(6). لأن القول بأنه كان يجهل ما كان يفعله هو كفر. والقول بأنه أصبح أبًا خلال أزمنة، هو أيضًا كفر. لأن الله لم يكن قط بدون الابن، وقد أصبح أبًا مع الزمن. إنما كان له الابن أزليًا، ولده ليس كما يلد البشر بشرًا، بل كما هو وحده يعرف، ولده قبل كل الدهر، إلهًا حقًا. البنوة بالتلمذة 9. فالآب، إذ هو الله ذاته ولد الابن شبهه(7)، الله ذاته، إذ لم يلد كما يلد المعلمون تلاميذ، ولا كما يقول بولس للبعض: "لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1 كو 4: 15). إذ لا يكون في هذه الحالة ابنًا بالطبيعة بل بالتلمذة. أما في الحالة السابقة فهو أب بالطبيعة لابن حقيقي. إنه ليس مثلكم أنتم الذين تستنيرون، فتصيرون أبناء الله... إذ أنتم أبناء بالتبنّي، كما هو مكتوب: "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه، الذين ولدوا ليس من دمٍ ولا من مشيئة جسدٍ، ولا من مشيئة رجلٍ، بل من الله" (يو 1: 12، 13). حقًا إننا نولد من الماء والروح، لكن المسيح لم يُولد من الآب هكذا. إذ في وقت عماد خاطبه قائلًا: "هذا هو ابني" (مت 3: 17). لم يقل "صار ابني"، بل "هذا هو ابني"، معلنًا أنه "ابن" حتى قبل العماد. 10. المسيح كلمة الله ولد من الآب "الابن" ليس كما بين البشر يلد الذهن كلمة. لأن الذهن موجود فينا جوهريًا، أما الكلمة فتنتشر في الهواء عندما ننطق بها وتنتهي"(8). لكننا نعلم أن المسيح لم يولد كمثل كلمة منطوق بها، بل هو كلمة جوهرية حية، لا تُنطق بشفتين، ولا تنتشر فتبدد، بل هو مولود من الآب أبديًا، لا يُوصف في الجوهر. إذ "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يو 1: 1). إنه جالس عن يمين الله، الكلمة فاهم إرادة الآب، خالد، كل الأشياء كائنة بأمره. الكلمة الذي نزل وصعد، أما الكلمة التي ننطق نحن بها فإنها تنزل ولا تصعد. "الكلمة" ينطق قائلًا: "أنا أتكلم بما رأيت عند أبي" (يو 8: 38). الكلمة له سلطان، يملك على كل شيءٍ، إذ أعطى الآب كل شيء للابن (مت 11: 27؛ يو 5: 22). من يقدر أن يعرف كيفية الولادة الأزلية؟ 11. الآب الذي ولد ليس بطريقة يُمكن لإنسانٍ أن يفهمها، بل يقدر وحده أن يفهمها. فإننا نعرف ألاّ نخبر عن الطريقة التي ولده بها، بل نصر أنها ليست بهذه الكيفية وليس فقط نحن نجهل مولد الابن من الآب، بل نجهل حتى كل طبيعة مخلوقة. "أو كلم الأرض فتعلمك" (أي 12: 8). وبالرغم من أنك تسأل كل الأشياء التي على الأرض، فإنها تعجز عن أن تخبرك. لأن الأرض لا تقدر أن تخبر عن جوهر الذي شكَّلها كخزاف صنعها. وليس فقط الأرض بل الشمس أيضًا... والسماء أيضًا لا تعلن ذلك... ولا سماءٍ السماوات... إذن هل تنحط يا إنسان، إن كنت تجهل ما لا تعرفه حتى السماوات؟! لا. ليس فقط السماوات تجهل طبيعة هذه الولادة بل وكل الطبائع الملائكية، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. فلو صعد أحد إلى السماء الأولى، وأدرك الرتب الملائكية، وسألهم:" كيف ولد الآب الابن؟" ربما يجيبونه؟ "إن هناك من هم أعظم منا وأسمى، اسألهم". أذهب إلى السماء الثانية والثالثة. ابلغ إن أمكنك إلى العروش والسلاطين والرئاسات والقوات، فإنه حتى أن وصل أحد إليهم -وهذا مستحيل- فإنهم يمتنعون عن الإجابة لعدم معرفتهم. جسارة الذين يحاولون أن يفحصوا الخالق ذاته 12. فمن جهتي أنا دائمًا أعجب على جرأة المتجاسرين الذين بوقارهم المتخيل يسقطون في الكفر. فإذ لا يعرفون شيئًا عن العروش والسلاطين والقوات وأعمال المسيح، يحاولون أن يفحصوا الخالق ذاته! أخبرني أولًا أيها الإنسان الجسور: ما هو الاختلاف بين العروش والسلاطين وبعد ذلك افحص ما يخص المسيح! اخبرني: ما هي الرئاسات وما هي القوات وما هي الفضيلة(9)Virtue، وما هو الملاك، وعندئذ ابحث في خالقهم الذي "به كان كل شيء" (يو 1: 3)... من يعرف "أعماق الله" (1 كو 2: 10، 11)، إلاّ الروح القدس الذي تكلم به الكتاب المقدس؟ بل حتى الروح القدس لم يتحدث في الأسفار المقدسة بخصوص ميلاد الابن من الآب، فلماذا تشغل نفسك بالأمور التي لم يكتبها الروح القدس في الكتاب المقدس؟! هناك أمور كثيرة وردت في الكتب الإلهية، منها ما لا نفهم كنهه، فلماذا نشغل أنفسنا بما لم يُكتب؟! إنه يكفينا أن نعرف أن الله ولد الابن الواحد الوحيد. لا تخجل من الاعتراف بجهلك 13. لا تخجل من الاعتراف بجهلك مادمت تشترك في هذا مع الملائكة. الوالد وحده هو الذي يعرف المولود، والمولود يعرف الوالد. ويشهد الكتاب المقدس أن المولود هو الله. "لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أيضًا أن تكون له حياة في ذاته" و"لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" و"كما أن الآب يُقيم (من يشاء) كذلك الابن أيضًا يحيى من يشاء" (يو 5: 26، 23، 21). فالذي وَلد لم يحدث له نقصان، ولا ينقص المولود شيئًا(10)... ميلاد أزلي 14. إذن نحن نؤمن بابن الله الوحيد المولود من الآب الله ذاته. نقول إن الله الحقيقي لا يلد إلهًا باطلًا، ولا هو تَمَعَّن في الأمر وبعد ذلك ولد، بل ولد أزليًا بأكثر سرعة عن ولادة كلماتنا وأفكارنا. إذ نحن نتكلم في زمان، ونخضع للزمان، لكن بخصوص القوة الإلهية، فالميلاد يتم خارج الزمن(11). وكما قلت مرارًا أن الابن لم يأتِ من عدم إلى التبني الإلهي. ولكن كما أن الآب أزلي، فقد وُلد الابن منه منذ الأزل، بطريقة لا توصف... نبوات عن التجسد 15. أتريد أن تعرف أن المولود من الآب وقد صار إنسانًا هو الله؟ اسمع النبي يقول: "هذا هو إلهنا ولا يعتبر حِذائُه آخر. هو وجد طريق التأديب (المعرفة) بكماله، وجعله ليعقوب عبده... وبعد ذلك تراءى على الأرض، وتردد بين البشر" (با 3: 36-38). أما ترى هنا أن الله صار إنسانًا بعد أن قدم الشريعة بواسطة موسى؟ اسمع أيضًا شهادة أخرى عن لاهوت المسيح، إذ قُرأ الآن حالًا "كرسيك يا الله إلى دهر الدهور" (عب 1: 8). ولئلا بسبب حضوره هنا بالجسد قد يُظن أنه ارتقى إلى اللاهوت، يوضح الكتاب المقدس بجلاء "مسحك الله إلهك بزيت الابتهاج أكثر من شركائك" (عب 1: 9). أما ترى المسيح أنه الله ممسوحًا بواسطة الله الآب؟! شهادة إشعياء عن لاهوت المسيح 16. أتريد شهادة ثالثة عن لاهوت المسيح؟! اسمع إشعياء يقول: "تعب مصر وتجارة كوش (إثيوبيا)" وبعد ذلك "إليك يتضرعون قائلين: فيك وحدك الله وليس آخر سواك. أنت هو الله ولم نعرف...المخلص" (إش 45: 14، 15). إنك ترى أن الابن هو الله، فيه الله الآب، إذ يقول نفس العبارة التي وردت في الإنجيل "إني في الآب والآب فيَّ" (يو 14: 11). إنه لم يقل: "أنا هو الآب"، بل "الآب فيّ وأنا في الآب". أيضًا لم يقل: "الآب وأنا هما أنا"، بل "أنا والآب واحد"، حتى لا نفصل بينهما دون أن نضع خلطًا في ابن الآب. إنهما واحد من جهة شرف وحدة اللاهوت، إذ ولد الله الله. هما واحد في ملكوتهما لأن الآب لا يملك على هؤلاء، والابن على أولئك، متكبرًا على أبيه كما فعل أبشالوم، إنما ملكوت الآب هو ملكوت الابن. إنهما واحد، إذ لا يوجد بينهما اختلاف ولا انقسام، بل ما يريده الآب يريده الابن. إنهما واحد، لأن أعمال الخلقة التي للمسيح ليست غير ما للآب، إنما خالق كل الأشياء هو واحد، خلقها الآب خلال الابن. وكما يقول المرتل: "هو قال فكانوا. هو أمر فخلقوا" (مز 33: 9، 5:148). تمايز بين الآب والابن لا انفصال 17. الابن هو الله بعينه Very God، له الآب فيه، دون أن يصير هو الآب، لأن الآب لم يتجسد بل الابن... الآب لم يتألم من أجلنا بل أرسل من يتألم... فليس بقصد تكريم الابن ندعوه "الآب"، ولا لتكريم الآب نتصور الابن أحد خلائقه. إنما هو آب واحد نعبده خلال ابن واحد دون أن نفصل العبادة بينهما. ليعلن عن الابن الواحد، جالسًا عن يمين الآب قبل كل الدهور في العرش ليس عن تقدم ناله في زمان بعد الآلام بل منذ الأزل. لا تفصلهما، ولا تصنع تشويشًا 18. "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو 14: 9). لأنه في كل شيء الابن شبيه (واحد مع) من ولده. مولود حياة من حياة، نور من نور، قوة من قوة، إله من إله، وسمات اللاهوت غير متغيرة في الابن. من يتأهل للتطلع إلى ربوبية الابن ينعم بربوبية الآب. هذا الكلام ليس من عندي، بل هي كلمات الابن الوحيد القائل: "أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس؟ الذي رآني فقد رأى الآب". وباختصار لا تفصلهما، ولا تصنع تشويشًا. لا تقل قط إن الابن غريب عن الآب، ولا تقبل القائلين أن الآب في وقت ما هو الآب وفي وقت آخر هو الابن. فإن هذه العبارة غريبة وجاحدة وليست من تعاليم الكنيسة. لكن الآب بولادته الابن بقي الآب ولم يتغير، ولد الحكمة ولم يفقد الحكمة. ولد القوة دون أن يصير ضعيفًا. ولد الله ولم يخسر ربوبيته. لم يفقد شيئًا بالنقص أو التغير، ولا المولود ناقص في شيء. كامل هو الوالد، وكامل هو المولود. الله هو الوالد، الله هو المولود، الله من الله، ولكنه يُدعى الآب إلهه دون أن يخجل من القول: "اصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو 20: 17). تفسير: "أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" 19. ولكن لئلا يُظن أنه من جانب ما هو أب للابن وللخليقة معًا صنع المسيح تميزًا كما يلي: إنه لم يقل: "اصعد إلى أبينا"، لئلا تصير الخليقة شريكة للابن الوحيد (على مستواه الطبيعي)، بل قال: "أبي وأبيكم" أي هو أبي بالطبيعة وأبوكم بالتبنّي. مرة أخرى يقول: "إلهي وإلهكم"، فمن ناحية هو إلهه بكونه ابنه الوحيد الحقيقي(12)، وبطريقة أخرى هو إلههم بكونهم عمل يديه... آمن أن الله له ابن، لكن ليس في تطفل (لإدراك هذا)، إذ بالبحث لا تبلغ شيئًا. لا تنتفخ لئلا تسقط. "لا تبحث عما يتجاوز قدرتك لكن ما أمرك الله به" (ابن سيراخ 3: 22)، ونص الآية هو: "لاَ تَطْلُبْ مَا يُعْيِيكَ نَيْلُهُ، وَلاَ تَبْحَثْ عَمَّا يَتَجَاوَزُ قُدْرَتَكَ، لكِنْ مَا أَمَرَكَ اللهُ بِهِ، فِيهِ تَأَمَّلْ" (سفر يشوع بن سيراخ 3: 22)... مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل 20. يكفيك من أجل الصلاح أن تعرف، كما قلنا، إن الله له ابن واحد وحيد مولود طبيعيًا. الذي لم يبدأ وجوده عندما وُلد في بيت لحم، بل قبل كل الدهور. اسمع النبي ميخا يقول: "أما أنتِ يا بيت لحم أفراته، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنكِ يخرج لي الذي يكون متسلطًا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (مي 5: 2). إذن لا تفكر في ذاك الذي هو خارج الآن من بيت لحم (ولا تحسبه حديثًا)، بل اعبده، إذ هو مولود من الآب أزليًا. لا تسمح لأحد أن يقول إن للابن بداية في زمان... أتريد أن تعرف أن ربنا يسوع المسيح هو ملك أزلي؟ اسمعه يقول: "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي، فرأى وتهلل" (يو 8: 56). وعندما استصعب اليهود قبول هذا، قال لهم إن هذا ليس بصعب، فإنه "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو 8: 58). مرة أخرى يقول: "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو 17: 5). قال بوضوح: "بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم". وأيضًا عندما قال "لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو 17: 24)، معلنًا أن مجده أزلي. خالق الكل 21. إذن نحن نؤمن بربنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من أبيه الله عينه قبل كل الدهور، الذي به كان كل شيء لأن "فيه خلق الكل... سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين" (كو 1: 16). ولم تفلت خليقة ما من سلطانه. لتصمت كل هرطقة بخصوص الخالق 22. لتصمت كل هرطقة تنادى بآلهة مختلفة وصانعين للعالم. ليصمت كل لسان يجدف على المسيح ابن الله. ليصمت القائلون إن الشمس هي المسيح، وإنه شمس الخالق(13)... ليصمت القائلون إن العالم هو من عمل الملائكة لكي يلبسوا كرامة الابن الوحيد، إذ كل شيء، ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشًا أو رئاسات أو أي شيء هكذا يدعى إنما كان بالمسيح(14)... عمل الآب والابن في الخلق 23. لكن دعنا نسترجع اعترافنا بقانون الإيمان لننهي مقالنا. المسيح صنع كل الأشياء... لا بمعنى أن الآب تنقصه قوة لخلق أعماله إنما لأنه أراد أن يحكم الابن على أعماله، فأعطاه الله رسم الأمور المخلوقة، إذ يقول الابن مكرمًا أبيه: "لا يقدر الابن أن يعمل شيئًا إلا ما ينظر الآب يعمل. لأنه مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك" (يو 5: 19). وأيضًا: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو 5: 17). فلا يوجد تعارض في العمل إذ يقول الرب في الأناجيل: "كل ما هو لي فهو لك. وما هو لك فهو لي" (يو 17: 10). هذا نعلمه بالتأكيد من العهدين القديم والجديد، لأن الذي قال: "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك 1: 26) بالتأكيد تكلم مع أقنوم معه. وأوضح من هذا كلمات المرتل: "هو قال فكانت، وهو أمر فخُلقت" (مز 148: 5). فكما لو أن الآب أمر وتكلم والابن صنع كل شيء كأمر الآب... يسوع المسيح خالق الكل بأمر الآب 24. إذن المسيح هو ابن الله الوحيد. خالق العالم لأنه "كان في العالم، والعالم به كونّ" و"إلى خاصته جاء" كما علمنا الإنجيل (يو 1: 10، 11). لقد خلق المسيح كأمر الآب ليس فقط الأشياء التي تُرى بل وما لا يُرى، إذ يقول الرسول: "فإن فيه خلق الكل ما في السماوات وما على الأرض ما يُرى وما لا يرى سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل" (كو 1: 16، 17). حتى إن تحدثت عن العوالم، فإن يسوع المسيح أيضًا هو خالقها بأمر الآب، إذ "كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثًا لكي شيءٍ، الذي به أيضًا عمل العالمين" (عب 1: 2)، هذا الذي له المجد والإكرام والقدرة الآن وإلى أبد الأبد آمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|