أنه لا ريب ولا أشكال في أن تعلق القلب بخيرات الأرض يصير الموت مراً بزيادةٍ. كما يقول الروح القدس: ما أشد مرارة ذكرك أيها الموت على الرجل المستريح في أمواله: (أبن سيراخ ص41ع1) ولكن من حيث أن القديسين يموتون غير متعلقي القلب بشيءٍ من الموجودات الأرضية. فالموت لديهم ليس هو مراً. بل عذبٌ محبوبٌ كريمٌ. وحسبما يفسر القديس برنردوس لفظة موتٍ كريمٍ، أي أنه يستحق أن يشترى بأثمن ما يوجد من الأشياء الكريمة. فقد كتب في سفر الأبوكاليبسي: طوبى للموتى الذين يموتون بالرب" (ص14ع13) فمن هم هؤلاء الذين يموتون، مع أنهم يسمون موتى. أي ماتوا قبلاً، فبالحصر هن الأنفس السعيدة اللواتي ينتقلن من هذه الحياة الى الأبدية، بعد أن يكن متن قبلاً عن جميع الأشياء الأرضية. اذ أنهن قد وجدن في الله وحده كل خيرٍ لهن. نظير ما كان وجد القديس فرنسيس أسيزي الذي كان يقول: أن إلهي هو كل شيءٍ لي: ولكن ترى أية نفسٍ أمكن أن توجد بعيدةً عن حب الأشياء الأرضية بأبلغ نوع. ومتحدةً بالله أشد اتحاداً من نفس مريم العذراء الكلي جمالها.