رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس فيلبس الرسول
بقلم المتنيح الأنبا غريغوريوس في الثامن عشر من هاتور, تحتفل كنيستنا الأرثوذكسية في مصر والأقاليم التابعة للكرازة المرقسية, باستشهاد القديس فيلبس أحد الاثني عشر تلميذا للمسيح له المجد, مصلوبا منكسا في إقليم فريجية من أقاليم آسيا الصغري, وهي الآن بلاد تركيا, وتعيد كنائس الروم لذكري هذا القديس في اليوم الرابع عشر من شهر تشرين الثاني (نوفمبر). أما الكنيسة اللاتينية فتعيد له في اليوم الأول من شهر آيار (مايو). وفيلبس الرسول من بلدة (بيت صيدا) بإقليم الجليل من بلاد فلسطين, وتفسير اسمها (بيت أو محل الصيد), وتفسير اسم القديس نفسه philippos (محب الخيل- أو الخيال), وبيت صيدا هي ذات البلدة التي نشأ فيها الرسولان بطرس وأندرواس (يوحنا 1:43, 44), (12:21) وقيل إن هذا الرسول كان من بين تلاميذ القديس يوحنا المعمدان, وأنه كان يقرأ التوراة وأسفار الأنبياء, وكان متفقها فيها علي ما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم. ولذلك فقد كان مهيأ فكريا وروحيا لقبول السيد المسيح بصفته (المسيا المسيح المنتظر), ولقد تشرف القديس فيلبس بدعوة المسيح له, وقال له ابعني فتبعه, وصار له تلميذا مخلصا, وقد ورد اسمه في الإنجيل المقدس, الاسم (الخامس) في قائمة أسماء تلاميذ المسيح الأثني عشر (متي 10:3), (مرقس3:18), (لوقا6:14), (أعمال الرسل1:13). ويقول عنه القديس أكليمنضس الإسكندري إنه بعد أن دعاه المخلص, قال له آخر من تلاميذه يارب أئذن لي أولا أن أذهب وأدفن أبي فقال له يسوع: اتبعني ودع الموتي يدفنون موتاهم (متي 8:21, 22) فتبعه حالا بغير تردد, وهكذا قال أيضا القديس يوحنا ذهبي الفم, وبهذا يكون القديس فيلبس هو أول رسول دعاه المسيح بنفسه. ويقرر الإنجيل أن فيلبس هو بدوره دعا نثنائيل وأرشده إلي السيد المسيح, بل وأتي به إليه, فصار فيما بعد من بين الاثني عشر, وعرف باسم (برثولماوس). قال الإنجيل وفيلبس وجد نثنائيل, فقال له قد وجدنا الذي كتب عنه موسي في الشريعة, وكذلك الأنبياء, وهو يسوع بن يوسف الذي من الناصرة. قال له نثنائيل أيمكن أن يخرج من الناصرة شئ صالح؟. فقال له فيلبس: تعال وانظر (يوحنا 1:45, 46), وإلي الرسول فيلبس جاء بعض اليونانيين الذين أرادوا أن يروا المسيح له المجد, وقالوا له يا سيد نريد أن نري يسوع فجاء فيلبس, وقال لأندرواس, ثم قال أندرواس وفيلبس ليسوع (يوحنا 12:20-22). ويذكر الإنجيل أن المسيح له المجد رأي جمعا عظيما يتبعه, ليسمع تعاليمه, فأشفق عليهم, وأراد أن يطعمهم. فوجه سؤالا إلي تلميذه فيلبس, قائلا: من أين نشتري خبزا ليأكل هؤلاء؟ وإنما قال هذا لمتحنه, لأنه كان يعلم ما كان هو نفسه مزمعا أن يفعل. فأجاب فيلبس قائلا: إن خبزا بمائتي دينار لا يكفي لينال كل واحد منهم قدرا ضئيلا (يوحنا 6:5-7) فتدخل أندرواس الرسول وقال: إن هنا غلاما معه خمس خبزات من الشعير وسمكتان, ولكن ما عسي أن تكون هذه بالنسبة لكل هذا الجمع؟ لكن الرب يسوع أخذ الخبزات وشكر وباركها ثم قسمها علي الجالسين, وكذلك السمكتين بقدر ما رغب كل منهم, حتي إذا شبعوا قال يسوع لتلاميذه: اجمعوا ما فضل من الكسر لئلا يضيع شئ منها, فجمعوها وملأوا اثنتي عشرة قفة من الكسر التي فضلت عن الآكلين من خمسة أرغفة الشعير (يوحنا 6:8-13). والقديس فيلبس الرسول هو الذي سأل المعلم الأعظم يسوع المسيح قائلا: يارب أرنا الآب وكفانا. قال له يسوع: أنا معكم كل هذا الزمان ولم تعرفني بعد يا فيلبس؟ من رآني فقد رأي الآب. فكيف تقول أنت: أرنا الآب؟ ألا تؤمن بأني أنا في أبي, وأن أبي في؟ (يوحنا 14:8, 9), وبهذا شرح المسيح له المجد, أن الابن والآب معا في جوهر الإله الواحد. إن الآب في طبيعته غير منظور, وأما الله الابن فقد صار منظورا في الجسد الذي اتخذه من مريم العذراء, وهذا المنظور هو السيد المسيح, لذلك فمن رأي المسيح بالجسد علي الأرض, فقد رأي فيه الآب غير المنظور, لأن الله واحد, ولا يوجد غير إله واحد, الله في ذاته وجوهره ولاهوته غير منظور, ولكنه لكي يصير منظورا اتخذ جسدا اتحد به واستنر فيه, فالمسيح له المجد هو الله الغير المنظور وقد صار منظورا. وبعد قيامة المسيح الرب من بين الأموات, وصعوده إلي السماوات, كان فيلبس الرسول من بين التلاميذ والرسل الذين لازموا الهيكل, وعلية القديس مرقس الرسول, انتظارا لتحقيق وعد السيد المسيح لهم, بحلول الروح القدس عليهم (أعمال الرسل1:13). فلما حل الروح القدس عليه, وقعت قرعته ونصيبه للتبشير بالإنجيل في بلاد العجم أو الفرس (وهي حاليا بلاد إيران), وفي بعض أقاليم آسيا الصغري (وهي الآن تركيا) وخصوصا إقليم (فريجية), ولما دخل مدينة هيرابوليس hierapolis وجد أن أهلها يعبدون أفعي, كانوا يدعونها جوبيتر (أي المشتري) , فأخذ الرسول يسفه لهم عبادتهم الوثنية, ويدعوهم إلي عبادة الإله الواحد الحقيقي, وهو إله روحاني غير مادي, وهو الذي خلق السماوات والأرض والبحار وكل ما فيها, وبشرهم القديس أيضا بالسيد المسيح معلما إياهم بأنه هو الله الظاهر في الجسد (1 تيموثيئوس3:16) وأن الله في ذاته غير منظور, لكنه صار منظورا في المسيح له المجد. فخجل الكثيرون من أهل المدينة من عبادتهم الوثنية, ورجعوا عن عبادة تلك الأفعي, وآمنوا بإله القديس فيلبس الذي صنع علي يديه عجائب كثيرة, من شفاء للمرضي, إلي إقامة للموتي, إلي إخراج للشياطين, الأمر الذي ذهلوا له, فآمنوا بالمسيح مبهورين من تعاليم الديانة المسيحية. غير أن كهنة الأصنام إذ رأوا ما أصاب ديانتهم من هزيمة, وتبينوا انصراف كثيرين من شعبهم عن عبادتهم الباطلة, وانضمامهم إلي ديانة المسيح, تجمهروا مع بعض الوثنيين الآخرين من شعب المدينة, وقبضوا علي الرسول وقيدوه, ثم علقوه منكسا علي صليب... بيد أن زلزالا عظيما وقع, فانخلعت بسببه قلوب الصالبين, فولوا الأدبار هاربين, وعندئذ تقدم بعض المؤمنين بالمسيح لينزلوا القديس من علي الصليب, لكن القديس أبي ذلك, ورجاهم أن يتركوه يتمم جهاده الحسن, فنزلوا علي رأيه, وهكذا مات الرسول فيلبس شهيدا في مدينة هيرابوليس بإقليم فريجية من أقاليم آسيا الصغري, وذلك في سنة 80 لميلاد المسيح (وقيل سنة 84), ويقال إن الرسول كان قد بلغ يوم استشهاده 87 سنة من العمر, وفي القرن السادس للميلاد نقلوا أعضاءه المقدسة إلي روما. ويروي التاريخ الكنسي أنه في سنة 394 لميلاد المسيح, وقد كان الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير (379-395م) في حرب ضد أوجانوس المغتصب, رأي الإمبراطور في الحلم, في تلك الليلة, رجلين متوشحين بأثواب بيضاء أشد بياضا من الثلج, وكان كل منهما يمتطي صهوة جواد أبيض من نور, فوعداه بأنهما سيحاربان معه عدو الله, وعرفاه بشخصهما, وكان أحدهما هو القديس يوحنا الإنجيلي الرسول, والثاني هو القديس فيلبس الرسول. فلما استيقظ الملك من نومه, وانبري للعدو أوجانوس المغتصب هزمه شر هزيمة, وتحقق له الغلبة والفوز, فتبين كرامة قديسيه, يوحنا وفيلبس, وشفاعتهما المقبولة عند الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|