منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 23 - 06 - 2020, 05:26 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,635

الإنسان والجسد


الإنسان والجسد


في واقعنا العملي المعاش هناك مشكلة خطيرة متأصلة في أذهان الغالبية من الناس،
إذ ينظرون للجسد نظرة متدنية خطيرة (وهي نظرة فلسفية غنوصية قد رفضتها الكنيسة منذ القرن الثاني الميلادي)، ويعتبرونه الحاجز الأساسي الذي يمنعهم من الحياة مع الله، لذلك نجد البعض يحقرونه ويهبطون به من مستواه السامي حسب قصد الله الظاهر في الخلق الأول إلى مستوى التدني للتراب، لأن هناك اعتقاد منتشر - وأن لم يقال بشكل صريح - وهو أن الجسد مصدر للخطية، وبالتالي كل غرائزه وإفرازاته غير طاهرة وتُدنس الإنسان، وعلى الإنسان أن يحاول أن يتخلص من الجسد يفنيه بالشكل النسكي وغيره من الأشكال المعروفة لإماتة الجسد، دون فهم سليم لمعنى الإماتة التي تخص لا الجسد في ذاته إنما الأهواء التي تسكن النفس وتعمل في الجسد.
==========
فللأسف الإنسان - بعد السقوط بوجه عام - بدأ ينظر لجسده نظرة متدنية وقد يساوي طبيعته الإنسانية مع الحيوانات ويقارن سلوكه بسلوكهم، ومن سخف القول إنه يعتبر نفسه يؤمن بالتجسد الإلهي، ومع ذلك يحتقر الجسد ويعتبر كل ما فيه من إفرازات طبيعية دنس، تنجسه وتجعله غير طاهر، ولا بد من ان يتطهر ويغتسل كما كان في العهد الأول الذي عتق وشاخ وبطلت كل طقوسه في المسيح يسوع الذي أكمل الناموس ببره الخاص، لذلك يستنكف أن المسيح الرب أتى في نفس ذات الجسد عينه الذي يخص طبيعتنا الإنسانية.
==========
مع أن في الواقع المشكلة الحقيقية ليست في إفرازات الجسد ولا غرائزه الطبيعية التي يحاول أن يبرأ المسيح الرب من وجودها في جسده، إنما في أن الإنسان لا يعرف كيف الطريق الصحيح للتوبة؛ فالتوبة عند بعض المعلمين والدارسين وبعض من الكتاب والوعاظ من فوق المنابر مشوشة ومشوهة تشويهاً، لأنهم يركزون على الأعمال بحسب الجسد كالعهد الأول الذي فيه الإنسان يحيا في الجسد حسب طفولته التي لم تسعفه وتنجيه من سلطان الموت الذي تلمك على النفوس بسبب الخطية.

فبسبب عمى البصيرة الذي هو البرقع الحاجز للنور، هذا الذي وضعته الخطية على الذهن – لا يبصر حقيقة "التعدي" الذي جاء من الابتعاد عن الشركة مع الله الحي، ومن عدم الإيمان به إله حي وحضور مُحيي، ومن سيادة الشهوات على القلب والفكر وسيطرتها على كل ملكات النفس؛ إذاً العيب ليس في الجسد في حد ذاته لأن لا يوجد فيه عنصر اسمه الخطية، إنما في غلاظة القلب والعقل المُظلم المنحرف عن المسار الطبيعي، لأن الإنسان اختبر الشرّ في الجسد، لأن الخطية استخدمت الجسد ليكون أداة تنفيذ، لكن الجسد لا يتحرك من ذاته بشكل آلي ولا تلقائي، لأن الجسد رداء النفس، وهو مثلما نرتدي ملابسنا ممكن أن نسير بها في الطريق بعيداً عن الملوثات وسط البيئة الصحية والصالحة، وفي إمكاننا أن نغوص به في طريق وعر كله برك طينية، فنوسخ ثوبنا ونمزقه، فالعيب ليس فيما نرتدي بل العيب في استخدمنا وطريقة حياتنا نفسها.
==========
فأن كنت أنت تخجل من جسدك وتعتبره شيء ضار لك وغير نافع
وتعتبره أنه في ذاته دنس فأنت إذن لم تؤمن بعد بأن الله ظهر في الجسد، لأن الإيمان ليس بالشفتين بل بالقلب في حياة تطبيقية واقعية، لأنك أن كنت تؤمن حقاً بأن الله ظهر في الجسد، فستحترم جسدك جداً لأنه مكتوب:
+ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ؛ أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟؛ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ؛ وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً (عبرانيين 2: 14؛ 1كورنثوس 3: 16؛ 17؛ 2كورنثوس 6: 16)
==========
والسؤال المطروح الآن:
هل الله يحتقر الجسد الذي خلقه ويرفضه! وهل الجسد الذي هو نتاج خلقة الله صار مصدر للشرّ أو مصدر الفساد في حد ذاته، أم أن الله غير راضي عما خلقه بنفسه، أو أنه يتبرأ من صنعة يديه ويحتقرها، وكيف له أن يصنع هذا وهو الخير الكامل الذي يستحيل أن يخرج منه ما هو غير صالح أو غير نافع، وهل هذا هو الإيمان الصحيح بالله الكلي الصلاح ومنبع الخيرات ومصدر الحياة، بأننا نصدق أنه خلق الإنسان كشيء دنيء يتبرأ منه ويرفضه ويتأفف من قُربه إليه بهذا الجسد الذي هو صار صانعه.
==========
فلننتبه لأن هذا الإيمان غير صالح ولا نافع ويجعلنا مدانين أمام الله، لأنه ضار لأنفسنا جداً لأنه اتهام صارخ لصلاح الله، لأنه يرى الله المتسلط القاسي الذي يُريد عبيداً، وقد أعطاهم جسد يُحاربهم، جسد مملوء بالغرائز التي لها حاجتها، هذه التي جعلت كثيرين يحتقرون الجسد بسببها لأنهم اختبروا الشرّ فيها، وفتحت المجال لبعض الهرطقات التي تقول أن الله مصدر ثانوي للشرّ.
==========
وبذلك الكلام والتعليم الفاسد أصبحنا نخجل من صورتنا هذه ونعتبرها عار ولا نُريد أن يُشاركنا الله فيها، لأننا نراها مملوءة من كل شر ودنس، اًو كأن هذا وضعها الطبيعي، لذلك نحاول أن نبرأ الله منها ونجعله العالي الغير قريب من خليقته التي سقطت وتذوقت الشرّ، فكيف لله العالي أن يقترب من الإنسان ويتخذ جسده مقراً لسكناه!.
أفلا نخجل الآن من إيماننا هذا، لأننا بذلك نُهين خالقنا بسبب عمله الذي نراه غير مناسب في أعيننا، فاحتقرنا عمل يديه، مع أننا كإنسان كل واحد فينا يُعتبر المسئول الأول عن فساد طبعه لأننا التصقنا بالشرّ الذي ليس له كيان أو وجود إلا بارتكابنا إياه، لأننا قد تبعنا هوى النفس بإراداتنا، بل وزدنا شراً على شر إذ ألقينا في النهاية التهمه على الله لكي نبرر أنفسنا كما قال آدم متحججاً بعذر قبيح في عيني الله لكي يبرر نفسه قائلاً: المرأة التي أعطيتني، ونحن نقول نفس ذات الكلمة: الجسد الذي أعطيتني هو سبب سقوطي ومنعي عنك.
==========
فلننظر ونصغي لنتعلِّم لأن الرب الذي قال لأرميا النبي [قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرحم قدستك] (إرميا 1: 5)، والرب الذي اختار من البشر أنبياء وارتضى أن يخدموه وهم في الجسد، أي يخدموه جسدياً، فأنه لم يخجل من أن يخدمه إنسان ويقترب إليه بجسده، أو خجل من أن يدعو بشر ليحملوا رسالته المقدسة، وأن يخاطبهم ويعطيهم وعده وكلماته المهيبة، فإذا كان لم يخجل من خلقة الجسد وصنع معجزة عظيمة للغاية، إذ أخذ من تراب الأرض وصنع إنسان ونفخ فيه نسمه حياة خاصة بروحه، ووضع فيه صورته ومثاله، لكي يكون مُكرَّم على نحوٍ خاص، منفرداً به عن باقي الخليقة كلها، ليصير هو رأسها.
==========
فقل لي يا من تحتقر الجسد كيف يخجل إذاً من أن يخفي لاهوته في الجسد الذي هو صنعة يديه وليس من صنع يد بشر، فأن كان الله ارتضى ان يعبده الإنسان في هياكل مصنوعة بأيديهم من حجر وطوب لا قيمة حقيقية لهما، فكيف لا يتقابل معهم فيما صنعه هوَّ لأنه يراه عظيماً ومقبولاً عنده على وجهٍ خاص أكثر من كل المباني المخصصة للعبادة التي تفنى مع العالم الحاضر، وهذا هو عظمة التجسد الإلهي أن يُقيم من خليقته هيكل خاص لحلوله وسكناه ليتذوقوا الحياة الأبدية منذ قبولهم لهُ في قلوبهم ليدخلوا في سرّ التبني.
==========
فالذي يخلق الأطفال في الأحشاء، ويجعلهم يولدوا بلا مكر، أو يحملون غِشاً، بل في براءة يولدوا وقد صاروا أحباء أخصاء له، لكي يرينا كم أن الجسد في ذاته لا عيب فيه ولا دنس، فهو الذي خلق الرجل والمرأة، وليس هُناك عضو من الأعضاء التي خلقها الله منذ البدء نجساً أو دنساً في ذاته بكل إفرازاته، بل ما يُفسد الجسد هو الزنى والدعارة وكل شيء يُستخدم على خلاف ما خُلق من أجله، أي كل شيء مخالف الناموس الطبيعي الذي غرسه الله في الضمير الإنساني.
==========
إذاً فليصمت كل من يُهين جسده ويغتاب صانعه، ولنذكر معاً قول الرسول: الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد (1كورنثوس 6: 13)، وأيضاً يقول: أم لستم تعرفون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم (1كورنثوس 6: 19)، وكرامة أجسادنا هي في المسيح يسوع إلهنا، وحفظها من الدنس بالتوبة المستمرة وبتمسكنا بناموس روح الحياة الجديدة في المسيح يسوع، وتقديم أنفسنا ذبيحة حية مرضية مقبولة بعبادة عقلية متقدة بالمحبة وفاعلة بالإيمان الحي، لأن الطهارة تنبع من الداخل التي تنشأ من تطهير الضمير بدم المسيح بالروح القدس الروح الأزلي، وبذلك نستطيع أن نخدم الله الحي ونحن في هذا الجسد المطهر في المسيح يسوع ربنا آمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
هنا إشارة إلى أنه ما لم يختتن الإنسان في القلب والجسد لن يدخل هيكل الله
في الإنسان طاقات كثيرة منها العقل والروح والجسد
الإنسان المسيحي لا يعرف الغيرة والحسد للقديس كبريانوس
الإنسان الروحي بين الروح والنفس والجسد
شاول والحسد


الساعة الآن 08:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024