الأسد يجد الجمار الضائع:
الجمّال الذي أخذه كان عائدًا إلى المدينة المقدّسة ليبيع قمحه، فمرّ من هناك. عرف الأسد صاحبه للحال فانقّض عليه وعضه على الغارب، ما بين العنق والصهوة، كما كانت له عادة وجره، كما جرّ معه ثلاثة جمال كانت مربوطة الواحدة إلى الأخرى فإلى الحمار يتقدّمها.
فلمّا وصل الأسد إلى الدير بحث عن جراسيموس وقدّم له الحمار. إذ ذاك عرف الراهب إنّه اتّهم الأسد ظلمًا. فسمّاه، مذ ذاك، أردن. وعاش الأسد مع جراسيموس في اللافرا خمس سنوات لا ينفصل عنه.
فلمّا رقد قدّيسنا بالرّب ودفنه الآباء، حدث أن الأسد، بتدبير من الله، لم يكن موجودًا. فلمّا عاد أخذ يبحث عن صديقه فلم يجده. وإذ رآه ساباتيوس، تلميذ الأنبا جراسيموس، قال له:" يا أردن، لقد غادرنا راهبنا يتامى إلى الرّب، ولكن تعال وكل ".
فلم يشأ الأسد أن يأكل. كان ينظر يمينًا ويسارًا باحثًا عن صاحبه وهو يزأر كمن لا يطيق الفراق.
حاول ساباتيوس والآباء التخفيف عن الأسد. قالوا له: " لقد ذهب الراهب إلى الرّب. تركنا. لم يعد هنا ".
لا شئ خفف عن الأسد لوعته. كان يزداد زئيرًا وأنينًا. إذ ذاك قال له ساباتيوس: " تعال معي يا أردن. طالما لا تصدقنّا فسأريك أين وضعناه ".