اسمعوا الآن عجيبة أخرى حدثت عند وضع جثمان القديس كوزما: كان أحد المسيحيين الطاعنين في السن مريضاً بمرض الاستسقاء، وكان ينتظر ساعة موته. لكن سمع بعجائب القديسين التي تجري في كنيسة القديسين، فترجّى أقاربه أن يحملوه على فراش ويضعوه أمام أيقونة القديسين. بالفعل بقي هناك لأيام عديدة دون أن يرى أية نتيجة، فقد كان القديسان يمتحنان إيمانه فلم يشفياه، أما هو فكان يرى كيف يُشفى مرضى آخرون، بينما هو أمضى عدة أيام دون أن يشفى. بدلاً من أن يصبر ويتضرع أكثر للقديسين جدّف عليهما لأنهما تجاهلانه ولم يشفياه للحال. ولقلة إيمانه طلب من أقاربه في أحد الأيام أن يعودوا به لكي يموت على الأقل في منزله. فحملوه مجدداً على الفراش وساروا به. ولما كانت منطقتهم بعيدة، وضعوه في مكان فيه شجر وماء ليرتاحوا قليلاً من سفرهم. وبينما هم جالسون غفوا بسبب تعبهم من الطريق، لكن المريض بقي مستيقظاً لأنه لم يكن قادراً على النوم بسبب شدة آلامه. عندها ظهر له القديسان كوزما ودميان بهيئة عابرين وقالوا له: “ماذا دهاك يا إنسان وأنت مريض على هذه الحال؟ وإلى أين تذهب”؟ فأجابهما: “أما مرضي فهو واضح أمامكم، وأنا ذاهب إلى منزلي لكي أموت قرب أولادي”. فقال له القديسان: “لماذا لا تذهب إلى كنيسة القديسين ماقتي الفضة فهي قريبة من هنا علّك تُشفى. ألا تسمع كيف يأتي المرضى من سفر خمسة أو عشرة أيام ويشفون”. فأجابهم: “أنا أيضاً قد ذهبت وها إني قادم لتوّي من هناك لكني لم أحظَ بأية معونة، لهذا تأكدت أن الناس يقولون أكاذيباً بأن القديسين يصنعان العجائب لكن حسب ما ظهر لي فهما غير قادرين على شفائي”. فقال له القديسان: “لا تجدف يا إنسان على قوة المسيح ونعمة القديسين عادمي الفضة، أصغِ لنا، وعُدْ مرة أخرى وسترى قوة المسيح”. فأجاب المريض: “وما الذي سيعيدني هناك ثانية، وقد تعب هؤلاء الناس حتى أحضروني إلى هنا”. فقالوا له: “دَعْ هؤلاء الناس يرتاحون أما نحن فلأجل محبة المسيح سنحملك ونأخذك إلى هناك”. وهكذا حمل القديسان المريض مع سريره الخشبي وأخذاه إلى كنيستهما ووضعاه أمام أيقونتهما ثم اختفيا. بعد مضي ساعة من الزمن استيقظ أقاربه فلم يجدوه في الموضع حيث تركوه هناك فعادوا إلى كنيسة القديسين وإذ بهم يجدونه هناك. في تلك الليلة ظهر له القديسان حاملين سيفاً بيدهما، فقال كوزما لأخيه: “شق بطن الشيخ فإنه عجوز ومجدّف”. فتهيئ له أنه شقّه من أحشائه. عندها استيقظ المريض من شدة خوفه وبدا له بطنه كما لو كان مشقوقاً فعلاً بمشرط. وللحال نزف مادة غريبة وعفونة حتى نحل جسمه وعاد إلى حالته الطبيعية، وشفي الجرح أيضاً الذي سببه السيف، وظهرا له في الليلة الثانية وكان معافى. وهكذا عاد إلى منزله صحيحاً ماشياً وممجداً الله.
* * *