رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر نشيد الأناشيد12 قال الرب للكنيسة وللنفس البشرية القديسة: السبت 29 ديسمبر 2012 بقلم : قداسة البابا شنودة الثالث الروحيون يقرأون هذا السفر,فيزدادون محبة لله..أما الجسدانيون فيحتاجون في قراءته إلي مرشد يفسر لهم,لئلا يسيئوا فهمه,ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية شفتاك يا عروس تقطران شهدانش4:11 كثير من الناس,متاعبهم من ألسنتهم لذلك يفضلون الصمت: يجعلون أمامهم قول الحكيمكثرة الكلام لاتخلو من معصية.وقول يعقوب الرسولاللسان نار,عالم الإثم..هو شر لايضبط مملوء سما مميتا..يدنس الجسم كلهيع3. ويحب هؤلاء قول القديس أرسانيوس كثيرا ما تكلمت فندمت,وأما عن سكوتي فما ندمت قطلذلك يرون الصمت أفضل.. حقا إن الصمت أفضل من الكلام الرديء,حقا إن اللسان غير المنضبط هو سم مميت.ولكن هناك كلاما طيبا... ليس كل صمت فضيلة,فأحيانا ندان علي صمتنا. وليس كل كلام خطيئة فهناك نفس تتكلم فيقول لها الرب:شفتاك يا عروس تقطران شهداقال الرب أيضا: بكلامك تتبرر وبكلامك تدانإذن يمكن أن تتبرر بالكلام. ولذلك قال الكتابشفتا الصديق ينبوع حياةهناك إذن شفاه مقدسة تخرج منها كلمة حياة وكلمة منفعة... كان المسيح يتكلم والناس يبهتون من كلامه ويقولونماسمعنا أحدا قد تكلم مثل هذا..كان كلامه روحا وحياة. وقد قدم لنا مثالا للكلام إذ كانت شفتاه تقطران شهدا لذلك لانعجب أن رأينا مريم أخت مرثا تحرص أن تجلس عند قدميه لكي تسمع وتتأمل كانت كل كلمة تخرج من فمه تدخل إلي قلبها وتحرك مشاعرها وتبنيها وتشبعها... القديس يوحنا ذهبي الفم,منحته الكنيسة هذا اللقب إذ كانت كلماته كالدر والجوهر وكانت شفتاه تقطران شهدا. القديس أثناسيوس قيل عنهإن سمعت كلمة لأثناسيوس ولم تجد ورقا تكتبها عليه فاكتبها علي قميصك..وما أجمل اللقب الذي أعطي للقديس غريغوريوس إنه ناطق بالإلهيات. وقد قدم الرب شفتيه مثالا لنا قال داود عن كلامه إنهأحلي من العسل وقطر الشهادمز19:10. فما هي إذن صفات الكلام,الذي تقطر به الشفاه شهدا؟ألوان من شهد الكلام: قال سليمان الحكيم:الكلام الطيب شهد عسل حلو للنفسأم16:24. فما هو هذا الكلام الطيب الذي يقصده؟ إنه الكلمة الرقيقة العطوفة التي تفيض حبا وعطفا وحنانا,ككلمات السيد المسيح للمرأة التي ضبطت في ذات الفعل... وقفت المرأة أمامه ذليلة محطمة يجرها أناس قساة أشبعوها إهانة وتحقيرا وتشهيرا وهي تنتظر مصيرها من شفتيه..فإذا بالمسيح الكلي الطهر يصرف الرجال الذين أدانوها وأذلوها ثم يقول لها وأنا أيضا لا أدينك اذهبي بسلام.لم يخجلها لم يوبخها لم يجرحها,لم يحكم عليها إنما بكل عطف نشلها من الوحل ومن العار وصرفها بسلام,وهي متعجبة من هاتين الشفتين اللتين تقطران شهدا... بأسلوب رقيق,شبيه بهذا تحدث السيد مع المرأة السامرية. حدثها-وهي خاطئة-عن الماء الحي,وعن السجود بالروح والحق وبلطف زائد اقتادها إلي الاعتراف دون أن يريق ماء وجهها فتركت جرتها ونادت المدينة:تعالوا انظروا إنسانا قال لي كل مافعلت ..دون أن يجرحني بكلمة. وبنفس الرقة تحدث عن المدينة التي أغلقت أبوابها في وجهه. قال التلميذان اللذان معهأتشاء يارب أن تنزل نارا من السماء فتحرق هذه المدينة؟. فأجابهما:لستما تعلمان من أي روح أنتما؟!ما جئت لأهلك العالم بل لأخلص العالم.. جئت لأرفع القلوب المنكسرة أقوم الركب المخلعة وأشدد الأيدي المسترخية جئت لأنادي لليائس بالرجاء,وللخاطيء بالتوبة. لادينونة في فمي,إنما في فمي كلمة حب,وكلمة خلاص هناك أشخاص كلامهم كرجم الحجارة قسوة وعنف وفيه اتهام ونقد وتجريح ولكنه لايبني إنما تبني الكلمة الحلوة الشفتان اللتان تقطران شهدا تكسبان حب الناس وبالحب تبنيهم. وهذا الشهد في نوع الكلام ولهجة الكلام وروحه وأسلوبه. ومن أنواع هذه الكلمات التي تقطر شهدا كلمة المنفعة: عظة الرب علي الجبل بتقديم أسمي تعاليم سمعتها البشرية وكلمات آباء البرية التي كان الناس يأتون في طلبها من أقاصي الأرض ليسمعوا كلمة منفعة من أجلها قصد البابا ثاوفيلس, القديس أرسانيوس والقديس بفنوتيوس وبها كتب بستان الرهبان ومن أمثلتها أيضا أقوال الآباء التي جمعناها في مجموعات الباترولوجيا,ومنها أيضا أقوال المرشدين الروحيين النافعة لهداية النفس. ومن الكلمات التي تقطر شهدا كلمات البركة: مثل البركة التي بارك بها الرب نوحا وإبراهيم والبركات التي وردت في سفر التثنيةص28ومثل بركة إسحق ليعقوب,وبركة يعقوب لبنيه ومثل البركة التي تمنحها الكنيسة لأبنائها في كل قداس في نهاية كل اجتماع. لذلك أمرنا الكتاب قائلا:باركوا ولاتلعنواباركوا كل أحد حتي أعدائكم باركوا لاعنيكم..كل شخص يقابلك قل له كلمة بركة,كلمة دعاء,تفرح بها قلبه,وتشعره بمحبتك فتهتف الملائكة شفتاك يا عروس تقطران شهدا.. والشفاة التي تقطر شهدا تنطق بكلام مريح فيه طمأنينة وتعزية. مثل كلمة الطبيب التي تريح المريض وتدخل الرجاء إلي قلبه وكلمة أب الاعتراف الذي يقدم حلا لمشكلة أو يريح قلب خاطيء يائس أو يعطيه حلا من خطاياه.. ومن أمثلتها ما طلبه قائد المائة من السيد المسيحقل كلمة فقط..فيبرأ غلاميكلمات التعزية المريحة تسمعها فتقولشفتاك يا عروس تقطران شهدا. كلمات أصحاب المواهب هي أيضا تقطران شهدا... أولئك الذين أعطاهم الرب قوات وعجائب وائتمنهم علي عطاياه..يأتي الشخص إلي واحد من هؤلاء القديسين ويسأله قائلا:قل إنني سأنجح قل إن الله سيعطيني ابنا..قل إن مشكلتي ستحل..فإن قال تمتليء النفس فرحا بالرجاء متيقنة أنها ستأخذ..إنها كلمات تسعد سامعها,من شفاه تقطر شهدا...حنة-وهي صائمة-تصلي في الهيكل بحرارة وانسكاب ودموع تطلب نسلا... فظنها عالي الكاهن سكري وكلمها كلاما قاسيا فلما شرحت له حالها دعا لها أن يعطيها الله سؤل قلبها..فمضت من عنده فرحة..لقد أسعدتها الكلمة الطيبة كلمة الدعاء من الكاهن العظيم.الذي عادت شفتاه تقطران شهدا.. الكلمة التي تقطر شهدا,كلمة باقية خالدة لاتنسي. تمتد جذورها في أعماق وفي أعماق النفس من الداخل يسترجعها الإنسان بين الحين والآخر لاينساها إنها تعمر قلبه وترسخ في ذاكرته إنها كلمة حية غير عادية باقية. من الكلمات التي تقطر شهدا أيضا:كلمات التشجيع والمديح. صغار النفوس والضعفاء,والمبتدئون,والأطفال يحتاجون إلي كلمة تشجيع تقوي معنوياتهم,وتطمئن نفوسهم وتدفعهم إلي قدام..إن سمعوها من إنسان يقولون شفتاك يا عروس تقطران شهدا..بل صدقوني حتي الكبار أيضا تسرهم كلمة التشجيع أو كلمة المديح مادامت صادقة بعيدة عن الملق..إنها تفعل في النفوس مفعول السحر,وتملأ القلب حبا ورضي... استخدموا هذا الأسلوب باستمرار,وانظروا نتيجته... ومن الكلمات التي تقطر شهدا,كلمات الدفاع. تصور إنسانا كل الناس ضده,يتكلمون عليه ويتهمونه..ثم يجدك واقفا تدافع عنه. ماذا يكون شعوره نحوك؟تصور طفلا توبخه أسرته,ثم تحتضنه,وتقول فيه كلمة طيبة,إنه لاينساها لك,ويقول:شفتاها تقطران شهدا... السيد المسيح دافع عن المرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها بينما اتهمها الفريسي ودافع عن المرأة التي سكبت علي قدميه طيبا غالي الثمن ولامها التلاميذ ودافع عن العشارين وعن السامريين,وعن الأطفال وعن الأمم..وفي دفاعه كانت شفتاه تقطران شهدا... ومن الكلمات التي تقطر شهدا:عبارات الشكر وعبارات الاعتذار. إن الشكر دليل علي التقدير والعرفان بالجميل وعدم نسيان الخير وقد قال الآباءليست موهبة بلا زيادة إلا التي بلا شكر.ونحن نبدأ صلواتنا بصلاة الشكر.فإن كان هذا مع الله الذي لايحتاج إلي شكرنا فكم بالأولي مع الناس. فيما تشكر شفتاك تقطران شهدا وأيضا فيما تعتذر لأن اعتذارك يدل علي حرصك علي شعور من أسأت إليه ورغبتك في أن تطيب قلبه ونحن بعد صلاة الشكر نتلو المزمور الخمسين وكله اعتذار..ليتك تجرب الاعتذار إلي كل من أسأت إليه وحينئذ شفتاك تقطران شهدا أمامه وأمام الله. ومن الكلمات التي تقطر شهدا عبارات التقدير والاحترام.تكلم مع الكل باحترام تنل محبة الكل يرون كلامك كالشهد تكلم باحترام مع الكبار ومع الصغار أيضا وقر كل من هو أكبر منك سنا أو مقاما أو أكثر منك علما ,كما توقر آباءك الروحيين والجسدانيين وكل من يقدم خدمة لك أو لغيرك بل إن عبارة احترام تقولها لمن هو أقل منك,تستعبد بها قلبه لك. إن الشفاه العفة الألفاظ التي تحترم الناس تفيض شهدا. هذا الاحترام والتوقير نراه لله في صلوات التسبيح والتمجيد تسمعها الملائكة فتقول: شفتاك يا عروس تقطران شهدا. ماذا أقول أيضا عن الكلمات التي تقطر شهدا منها: كلمات الحب التي تدل علي عاطفة صادقة وكلمات الترحيب التي تدل علي فرحك بلقاء غيرك وكلمات النزاهة والشجاعة وكلمات الصدق في أحرج الأوقات وكلمات الحكمة المملوءة عمقا وكلمات الاتضاع المملوءة حياء... كلها تصدر من شفاه تقطر شهدا... |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|