02 - 03 - 2013, 03:17 PM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
تأملات في سفر نشيد الأناشيد17
خذوا لنا الثعالب..
السبت 02 مارس 2013
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
الروحيون يقرأون هذا السفر فيزدادون محبة لله..أما الجسدانيون فيحتاجون في قراءته إلي مرشد يفسر لهم لئلا يسيئوا فهمه ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية.
الثعالب الصغار المفسدة للكرومنش2:15 (2)
حقا أن الذي يدقق في الصغر لايمكن أن يقع في الكبر
ولعل هذا هو الذي قصده المثل الإنجليزي السائر:
Take care of the penny,and the pound will take care of itself
أي اهتم بالمليمالبنسوحينئذ الجنيه يهتم بنفسه.
لاتظن أن الشيطان سيطلب أن تفتح له بابا واسعا يدخل منه إلي قلبك إنه لن يطلب سوي ثقب إبرة...
إنه يبدأ بهذا الثقب,ثم يتسع,حتي يملك القلب كله.
إن الشيطان لايكشف أوراقه لايكشف حيله. لايطلعك علي الخطوات المقبلة في خطته أو عن مدي تطور هذه الخطوة الأولي التي تبدو بسيطة.
لايأتيك في كل مرة كأسد زائر يلتمس ابتلاعك1بط5:8وإنما قد يأتي كثعلب صغير يتسلل إلي كرمتك دون أن تشعر.
فماهي إذن هذه الثعالب الصغار المفسدة للكروم؟
أمثلة من الثعالب الصغار:
قد تكون مثلا قليلا من الكسل أو التهاون والتراخي:
تصحو من النوم, وبدلا من أن تبدأ يومك بالصلاة, تتراخي قليلا. تؤجل الموضوع دقائق قليلا ريثما تفيق...في هذه الدقائق يكون الشيطان قد قدم لك مجموعة من الأفكار تشغلك إما أن تعطلك عن الصلاة أو تجعل فكرك يطيش فيها..
لماذا نقول إذن في صلواتنا يا الله أنت إلهي إليك أبكر, عطشت نفسي إليك؟
لأجل الشوق إلي الله وأيضا لنهرب من هذا الثعلب الصغير, ثعلب التراخي والكسل...
مثال آخر: خطية الكبرياء قد تبدأ هي الأخري بثعلب صغير:
قد تبدأ برغبة في الدفاع عن النفس وربما يتطور الدفاع عن النفس إلي إدانة الغير..وقد تبدأ بأن يتعود الإنسان الإجابة علي سؤال وجه إلي غيره أو بأن يسمح لنفسه بمقاطعة غيره في الحديث ولو بأدب واستئذان.. وقد تبدأ بابتسامة رضا أو شعور بالرضا عند سماع كلمة مديح.
كل مشاكل يوسف الصديق بدأت بشيء بسيط, بأنه كان يتحدث عن أحلامه في مسمع إخوته ولو ببساطة.
هذا الحديث كان يثير فيهم عوامل الحسد والغيرة وما لبثت هذه الغيرة أن نمت ووصلت إلي درجة من الخطورة أدت إلي إلقائه في البئر وإلي بيعه كعبد.
إن السيدة العذراء بحكمتها وروحانيتها نجت من هذا الثعلب الصغير الذي أفسد العلاقة بين يوسف وإخوته. إذ أنها ظلت صامتة في كل ما أحاط بها من رؤي وعجائب وأمجاد.
لم تتحدث إطلاقا وإنما كانت تحفظ كل تلك الأمور متأملة بها في قلبها...
إن قصة يوسف تقدم لنا ثعلبا صغيرا آخر ربما لم يلتفت إليه إطلاقا أبو الآباء يعقوب. وهو القميص الملون الذي خص به ابنه يوسف وسبب كثيرا من الغيرة لإخوته.
هذا الثعلب الصغيرالقميص الملونيلعب دورا خطيرا في علاقتنا:
ربما تقابل مجموعة من الناس فتحييهم تحية عادية بينما تخص واحدا منهم بابتسامة خاصة أو عبارة اشتياق أو تنتحي به جانبا لتحدثه علي انفراد..وقد يحدث كل ذلك تأثيره فيما بعد..لذلك ينبغي أن نسلك بتدقيق ونراعي شعور الكل. لانترك ثقبا ولو ضئيلا في معاملاتنا للناس يتسلل منه ثعلب صغير فيفسد الكروم.
قد يكون الثعلب الصغير المفسد للعلاقات هو مجرد إهمال- ولو عن غير قصد-لمجاملة ينبغي أن تؤدي في إحدي المناسبات فرحا أو حزنا, ويستغل الشيطان ذلك لإحداث مشكلة كان يمكن أن تعالج بزيارة أو بخطاب أو بمكالمة تليفونية.
وبعد أن كانت الصغائر- أو ماتبدو صغائر-ينبغي أن نحترس منها فكم وكم بالأكثر الكبائر من الخطايا والأغلاط!!
|