![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر الرؤيا28 .. أرواح الذين رقدوا تحت المذبح بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر المتنيح : البابا شنودة الثالث ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤ ![]() قال القديس يوحنا الرائي: ولما فتح الختم الخامس,رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله,ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم وصرخوا بصوت عظيم قائلين :حتي متي أيها السيد القدوس والحق,لاتقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين علي الأرض؟فأعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتي يكمل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضا العتيدون أن يقتلوا مثلهم.رؤ6:9-11 +++ كلمةنفوسهنا تعنيأرواحمثلما ورد فيمت10:28. وكلمة مذبحلا تؤخذ بالمعني الحرفي,لأنه لايوجد مذبح في السماء,فنحن هنا علي الأرض نقول عن الذبيحة المقدسة تعطي عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وفي السماء لاتقدم ذبيحة غفرانا للخطايا,لذلك فلايوجد مذبح..وقد قال القديس يوحنا الرائي عن أورشليم السمائية ولم أر فيها هيكلا لأن الرب الله القادر علي كل شيء,هو والخروف هيكلهارؤ21:22يقصدالخروف القائم كأنه مذبوحرؤ5:6. فالمعني إذن أن أرواح أولئك الشهداء قدمت لله كذبيحة فالمكان الذي يوجدون فيه,يعتبر كأنه مذبح نسبة إليهم كذبائح. +++ إنما الأمر الذي يحتاج إلي تأمل وفهم,فهو:كيف رأي القديس يوحنا هذه الأرواح؟وكيف سمع صوتها؟ أليست الأرواح لاتري؟فكيف رآها؟أم هي لاتري لنا ونحن في الجسد ولكن القديس يوحنا كان في الروح في وقت الرؤيارؤ1:10وقال قبل هذه المناظر السمائية وللوقت صرت في الروحرؤ4:2إذن وهو في الروح يمكن أن يري مالايري بالحواس الجسد,أو بالروح يمكن أن يري أرواحا… ألسنا في السماء,حينما نخلع هذه الأجساد المادية ونلبس أجسادا روحانية1كو15:49سوف نري بعضنا بعضا بالروح..كما قال القديس بولس الرسولفإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجها لوجه الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف لما عرفت1كو13:12. +++ لاحظوا كيف أن الرب جعل يوحنا يري هؤلاء الشهداء قبل أن يري باقي القديسين الذين عاشوا في البر علي الأرض.. قبل الآباء الرعاة من البطاركة والأساقفة والقسوس وقبل الآباء الرهبان والمتوحدين ذلك لأن الشهداء بذلوا أنفسهم لأجل الرب لأنه ليس حب أعظم من هذا:أن يضع أحد لنفسه لأجل أحبائهيو15:13فكم بالأولي لأجل الله والإيمان به. وفي سجل القديسين:في المجمع وفي الأبصلمودية نجد الشهداء أولا:الراعي في الكنيسة مهما تعب في الخدمة لم يصل إلي درجة العذاب والموت كما حدث للشهيد,وكذلك الراهب مهما تعب في الوحدة والنسك لم يصل مثل الراهب الذي تحمل عذابات وآلاما كثيرة. +++ فهل معني هذا أن الذي لايموت شهيدا لايكون له نصيب مثل هؤلاء الذين رآهم القديس يوحنا تحت المذبح؟ أجاب القديس أوغسطينوس علي هذا فقال:إن لم تكن هناك فرصة للاستشهاد:فالذي تكون له نفسية الشهيد يحسب مع الشهداء. لذلك إن لم تستطع أن تكون شهيدا بدمك فكن شاهدا لله بلسانك وإن لم تستطع أن تبذل حياتك فعلا لأجل الله فكن مستعدا قلبيا داخل نفسك أن تبذل حياتك من أجله. وإن لم تستطع أن تصل إلي الاستشهاد بالفعل ,فعلي الأقل تصل إليه بالنية والرغبة وإن لم يكن لك جسد الشهيد الممزق والمقطع والمعذب والمقتول فلتكن لك نفسية الشهيد ومشاعره وتوجهاته. وإن لم يكن لك دم الشهيد فليكن لك حب الشهيد لله انظروا أية محبة كانت عند الشهيد مهما قطعوه وعذبوه ومزقوه لايترك المسيح فهل عندك هذا الشعور أن لاتترك المسيح مهما حدث لك؟ +++ إن كان الشهيد لايترك الإيمان بالمسيح فعلي الأقل أنت لاتترك الالتصاق بالمسيح.مادامت هروب ترك الإيمان لاتعرض عليك. الشهيد ربما كانت تقف أمامه ضغوطات وعقبات من الحكام ومن الولاة والقضاة ومن السيف والنار…أما أنت فربما تقف أمامك عقبات من شهوات ورغبات العالم ومن إغراءاته فكن ثابتا ضدها…فإن لم تتعرض مثل الشهيد لمقاومة السيف والنار قاوم إغراءات العالم… أنا أريد أن تكون لكم صفة أولاد الشهداء في طبيعة نفسيتكم إن لم تكن لكم في طبيعة حياتكم علي الأقل في الشهادة للرب. +++ لاحظوا أن أولئك الشهداء قد قتلوا من أجل كلمة الله لأن هناك أشخاصا يقتلون من أجل أسباب كثيرة فلا يحسبون شهداء أما هؤلاء فمن أجل الله من أجل كلمته والشهادة التي عندهم. فأنت علي الأقل حاول أن تتمسك بكلمة الله وجعلها نورا لسبيلك هوذا القديس يوحنا يكتب في رسالته الأولي فيقولكتبت إليكم أيها الشباب لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير1يو2:14فانظر إذن إلي نفسك:إلي أي حد كلمة الله ثابتة فيك لاتتجاوزها بل إنك تغلب الشرير؟ +++ هؤلاء الشهداء سمعهم القديس يوحنا يقولون:حتي متي أيها السيد القدوس والحق لاتقضي وتنتقم لدمائنا..؟ لاحظوا أن الانتقام هنا له معني غير ما يقصده أهل العالم من قتل نفس عوضا عن نفس بالأخذ بالثأر..!كلا فقد استطاع الرب في مراحل عديدة من التاريخ أن ينتقم للشهداء بطريقة أخري. خذوا مثال القديس أسطفانوس أول الشهداء :كيف انتقم الله لدمائه من شاول الطرسوسي الذي كان رقيبا علي رجمه وراضيا به…لقد صار هو نفسه شهيدا وصار ينشر الكلمة التي بسببها قتل الشهيد أسطفانوس.. هل يوجد انتقام أكثر من هذا:أن الشخص الذي يرضي بقتل شهيد يصير شهيدا مثله؟بلا شك أنه أمر كان يفرح الشهيد أسطفانوس-وهو تحت المذبح-أن يري شاول الطرسوسي شهيدا مثله ومعه تحت المذبح. +++ مثال آخر حدث في الانتقام من أريانوس وإلي أنصنا؟ ذلك الوحش القاسي الذي عذب وقتل بكل عنف كثيرا من الشهداء القديسين بكل بشاعة…لاشك أنه أكبر انتقام لأولئك الشهداء أن هذا الوالي الوثني أريانوس قد آمن بالمسيح أخيرا وقتل من أجل اسمه وصار هو أيضا شهيدا ورقد مع من قتلهم تحت المذبح مثلهم. إن الشهداء اللذين سفكت دماؤهم علي الأرض تقدست الأرض بها وصار دماء هؤلاء الشهداء بذارا للإيمان وكان هذا هو أكبر انتقام لدمائهم التي لم تضع عبثا وما أكثر الذين آمنوا لما رأوا بطولة هؤلاء الشهداء وشاهدوا بسالتهم واحتمالهم أثناء استشهادهم. +++ هم قالوا للرب:حتي متي لاتقضي لنا وتنتقم لدمائنا..؟ وقد قضي الله لهم ولكن بطريقته الإلهية المملوءة حكمة: إن الله لم يترك الظلم ينتشر علي الأرض وتلك الدولة الرومانية الوثنية القاسية لم يتركها الله هكذا وكل أباطرتها الظالمين قد انتهوا. وما أعمق ذلك الكتاب الذي كتبه لاكتيانموس عن نهاية المضطهدين والظلم قد ينتعش فترة ولكنه ما يستمر وحسنا قال الشاعر: كم ضجيج ضج منن قبل فما أن أتاه الرب حتي أسكته ولقد ضجت الدولة الرومانية الوثنية كثيرا,ثم خفت صوتها وانتصرت كلمة الحق أخيرا ولكن كيف انتقم الله من تلك الدولة؟ +++ كان أعظم انتقام من الدولة الرومانية التي اضطهدت المسيحية أنها آمنت بالمسيحية أخيرا وصارت دولة مسيحية منذ أيام قسطنطين. طريقة انتقام الله من الإنسان الشرير ليس بأن يهلكه وإنما بأنه يحوله إلي تائب أو إلي قديس. فالنقمة عند الله غير النقمة عد الإنسان إن أراد إنسان أن ينتقم من غيره سيقول سأقتله أما الله فيقول:لا اقتل هذا الشرير بل اقتل الشر الذي فيه علي أن الشرير هو ضحية لذلك الشر. أما إذا استمر الشرير في شره ولم يستجب لطريقة الله في إصلاحه فيكون هو الجاني علي نفسه. ولقد انتقم الله من الدولة الرومانية بتحويلها إلي مسيحية ولكن الشر مع ذلك لم ينته من الأرض,كما قال الرب عن الحنطة والأوان أنهما ينميان إلي يوم الحصادمت13فالأوان مازال ينمو والحنطة تنمو. +++ قال الرب لأوائك الشهداء:استريحوا زمانا يسيرا حتي يكمل العبيد رفقاؤكم العتيدون أن يقتلوا مثلكم. وعجيبة هي عبارةزمانا يسيراالتي قيلت لهم!! إنهم استشهدوا من بدء القرن الأول للمسيحية وها قد مر عشرون قرنا ومازالوا مستريحين حتي يكمل العبيد رفقاؤهم!وقد انضم إليهم كثيرون قد استشهدوا خلال تلك القرون ورقدوا معهم تحت المذبح وانتظروا إلي أن ينضم إليهم شهداء آخرون لكي يكمل العدد. وقيل عن كل ذلك زمانا يسيرا حقا إن ألف سنة عند الله كيوم واحد مز90:24بط3:8المقاييس عند الله غيرها عند البشر. ’إن الله يريد جميع هؤلاء الشهداء أن يجتمعوا معا في ملكوته لذلك قال لهؤلاء الشهداء أن ينتظروا زمانا يسيرا حتي يكمل العبيد رفقاؤهم ,بل حتي تكمل الكنيسة المجاهدة كلها التي علي الأرض وتنضم إلي الكنيسة النصرة التي في السماء. +++ قيل عن أولئك الشهداء إنهم اعطوا ثيابا بيضاء. وكأنهم يقولون ما هذا يارب؟أننا نلبس حنرا ملطخة بدمائنا ولكنه يقول لهم: أنني البسكم ثيابا بيضاء لتنطبق عليهم عبارة النشيدحبيبي أبيض وأحمرنشيد5:10كما أن الثياب البيض ترمز إلي نقاوتكم ترمز إلي النقاوة التي نلتموها أولا في الفداء,حسبما قيل هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروفرؤ7:14. وعبارة ثيابا بيضاترمز إلي مغفرة كل خطاياهم بالاستشهاد فبموتهم مع المسيح غفرت لهم كل الخطايا السابقة ولم تعد تحسب عليهم خطية وهكذا أعطوا ثيتابا بيضا لأنهم اطار قد اغتسلوا بالدم. نحن علي الأرض أيها الأخوة إذا أخطانا نغتسل بدموع التوبة أما الشهداء فيغتسلون بالدم. +++ دماؤهم أيضا كانت تعبيرا صادقا عن توبتهم وعدم محبتهم للعالم. لأنه لو كان فيهم شيء من محبة العالم ما كانوا يتقدمون إلي الموت فالذي يقبل أن يموت ويترك العالم كله معني ذلك أن محبة العالم قد ماتت تماما في قلبه مع اشتياق أن يكون مع المسيح في الفردوس كل ذلك مع إيمان كامل بالحياة بعد الموت وسعادة العشرة مع رفقائه الذين سبقوا ورقدوا تحت المذبح. +++ قيل لهم: أن يستريحوا حتي يكمل رفقاؤهم وأخوتهم العتيدون أن يقتلوا مثلهم فلماذا يسمح الله بقتل كل هؤلاء وأولئك؟ أليس بإمكان الله أن يحافظ عليهم ويمنع عنهم القتل؟أليسوا أحباءه وأولاده؟نعم كل ذلك حق ولكن الله يريد لهم مصيرا أفضل في السماء فكل تعذيب يحتملونه لخ أجره ومكافأته وقد قال الكتاب عن السيد الرب إن كنا نتألم معه فلكي نتمجد أيضا معهرو8:17. إن الله سيعطيهم فرصة أن يقتلوا ,كما أعطي هذه الفرصة لمارجرجس ومارمينا وباقي الشهداء القديسين ورقدوا تحت المذبح. أنه بسماحة بهذا الاستشهاد إنما بعد اكليلا للشهيد يتمتع به في مصيره الأبدي فهذا المصير الأبدي هو الأهم عند الله. وقد سمح في فترة تجسده علي الأرض أن يقتل يوحنا المعمدان وتؤخذ رأسه بالسيف إذ كان يعد له إكليلا يناسب جهاده. +++ هؤلاء الشهداء يرقبون رفقاءهم الذين علي الأرض العتيدين أن يقتلوا مثلهم وهم بلاشك يصلون لأجلهم أن يكملوا جهادهم بسلام. وكلما أشتدت ضيقاتهم أو كادت نفوسهم تضعف يشفعون فيهم حتي يمكنهم الوصول إليهم لينالوا الأكاليل والثياب البيض. بركتهم جميعا تكون معنا آمين. |
|