كتاب رواية عزازيل: هل هي جهل بالتاريخ أم تزوير للتاريخ؟
(ردا على رواية عزازيل للدكتور يوسف زيدان)
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
مقدمة الكتاب
نشر الدكتور يوسف زيدان أستاذ الفلسفة الإسلامية والباحث المتخصص في التراث العربي والمخطوطات رواية عزازيل التي أثارت ضجة ولا تزال! وجعل موضوعها هو نقد الفترة المسيحية من تاريخ الإسكندرية التي كان البابا كيرلس عامود الدين (412-444 م.)، هو موجهها وقائده ومحرك الأحداث فيه، وأيضًا سابقة البابا ثاوفيلس، وقد صور فيها، د. زيدان، كنيسة الإسكندرية بـ"الكنيسة التي أظلمت العالم"!! ووصف بطريركها، البابا كيرلس، بالقاسي المتجبر غليظ القلب "كيرلس.. عجلت الآلهة بنهاية أيامه السوداء، لقد جعل المدينة كئيبة كالخراب منذ تولى أمرهم"!! والذي يمسك بين يديه بإطراف الدنيا والآخرة" وبدا لي كيرلس مقبلا علي الإمساك بإطراف السماوات والأرض"!! ووصف أصوات كهنتها ورهبانها من خلال أحدهم بـ"فحيح الأفاعي، وكانت لهجته لاذعة كلسع العقارب"! و"إنهم يتكاثرون حولنا كالجراد، يملأون البلاد مثل لعنة حلت بالعالم"! وبالقساة النهمين الذي يكاد اللحم أن ينفرز من أبدانهم الضخمة النهمة! وأن الدين لا يكون بالنسبة لهم دينا إلا إذا كان يناقض العقل والمنطق! وأن البابا حرض على قتل الفيلسوفة الوثنية هيباتيا انتقاما منها! وأنه اضطهد اليهود وطردهم من الإسكندرية تجبرا! وجعل د. زيدان الخلاص بالنسبة لبطل روايته الراهب في اللهو وممارسة الجنس مع الساقطات وإلقاء الصليب أرضًا والتخلص من زي الرهبنة؟! وأن العودة إلى الجنة المفقودة التي فقدها بعد أن انفتحت عينيه وعرف الشهوة الجنسية تتحقق فقط في العودة لممارسة الجنس الذي يحقق له السعادة والخلود!
كما زعم أن الهراطقة هم الذين كانوا على صواب وأن أتباع كنيسة الإسكندرية هم الهراطقة!! كما صورهم كأبطال الرواية والذين كانوا يمثلون الخير والحب والجمال! في حين صور كنيسة الإسكندرية ورجالها بالأشرار وممثلو الشر في العالم!!
ونادى بنظرية غريبة، لم يقل بها أحد قبله؛ وهي نظرية اللاهوت العربي، والتي تقول أن الهراطقة من أمثال آريوس ونسطور وبولس السموساطي كانوا عربًا! وأن لاهوتهم كان أقرب للاهوت الإسلامي، وجعلهم كمسلمين قبل الإسلام ومتحدثين بالقرآن قبل القرآن! بل وقال أن علم الكلام هو تطور لعلم اللاهوت المسيحي العربي!
وبرغم زعمه أن ما كتبه هو مجرد رواية وإبداع فني، فقد أكد د. زيدان في كل أحاديثه الصحفية والتلفزيونية، وفي البحث الذي قدمه في مؤتمر القبطيات الأخير، أن كل ما جاء في الرواية هو حقيقي! سواء الأحداث أو الوقائع أو الشخصيات باستثناء شخصية البطل هيبا التي رسمها من خياله!
كما زعم أن عزازيل هو الشيطان وأن الإنسان هو الذي أخترعه، أي الشيطان، ليبرر به الشرور والخطايا التي يفعلها!! وأن الله هو نقيض عزازيل وأن الإنسان الذي خلق شخصية عزازيل خلق شخص الله، الذي وصفه بالمألوه، ليبرر به وجوده والخير الذي فيه!
والسؤال الآن هو؛ هل ما ادعاه د. يوسف زيدان صحيح؟! وهل ما كتبه في روايته يدل على معرفة كافية بالتاريخ؟! أم يدل على جهل بالتاريخ؟! أو يدل على أنه يزور التاريخ؟!