24 - 08 - 2013, 10:16 AM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
تأملات في سفر نشيد الأناشيد31
ذكريات المحبة مع الله
السبت 24 اغسطس 2013
بقلم : قداسة البابا شنودة الثالث
الروحون يقرأون هذا السفر فيزدادون محبة لله.أما الجسدانيون فيحتاجون في قراءته إلي مرشد يفسر لهم لئلا يسيئوا فهمه,ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية..
تقول عذراء النشيدحبيبي لي,وأنا لهنش2:16وتقولطلبت من تحبه نفسي..أرأيتم من تحبه نفسينش3:2,1ونود هنا أن نتكلم عن هذه المحبة وذكرياتها.
خبرات الحياة مع الله:
ما أجمل أن نري النفس البشرية هنا تسجل ذكرياتها الروحية مع الله,وتحكي خبراتها وعشرتها وتاريخها..
تماما كما فعل سليمان في سفر الجامعة,وحكي حياته مع الرب وعلاقته به وكيف مرت به مشاعر متنوعة حتي وصل إلي الله...لون من الاعتراف تحكيه النفس في خبراتها..
كل إنسان في الدنيا له قصة مع الله أو مجموعة من القصص ليتكم تستعرضون حياتكم مع الله وتكتبون لنا خبراتكم الروحية وقصص عشرتكم الطويلة وننشر منها ما يصلح..
قصة النشيد قصة نفس عاشت مع الله واختبرت الحلو والمر,جربت المتعة في مذاقة الله وجربت البعد عنه.
اختبرت جبل التجلي,كما اختبرت بستان جثسيماني.قالت في خبرتها صوت حبيبي قارعا افتحي لي يا أختي يا حمامتي يا كاملتيشماله تحت رأسي ويمينه تعانقنيواختبرت أيضا التجلي والحرمان بقولهاحبيبي تحول وعبرطلبته فما وجدته..
اختبرت كيف تكون سوداء,وكيف تكون جميلة ..سمعت عبارةأنت جميلة يا حبيبتي عيناك حمامتانوقالت في مقابلهابنو أمي غضبوا علي جعلوني ناطورة الكروم...
مشت في طريق الرب الطويل بهدوئه وبمشاكله,بما فيه من نجاح ومن فشل.
ومازلت أقول لكم إن من أصدق أوصافه قول الرب لنوح بعد الطوفانتك8:22.
مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد وبرد وحر وصيف وشتاء ونهار وليل لاتزال.
لن تعيشوا أيها الأحباء في نهار دائم أو في حرارة دائمة أو دفء دائم.أن يكون في حياتكم أيضا:ليل وبرد وشتاء.
ستخبرون هذا مهما كنتم من أبناء النور,ومن أبناء النهار وهذه العروس تحكي فترات الحرمان والبعد وبحثها عن الله دون أن تجده.وضرب الحراس لها ونزع إزارها عنها..ولكنها علي الرغم من كل ذلك لم تفقدها محبتها لله...وفي فترات الحرمان كانت تقولأرأيتم من تحبه نفسي؟..
لم تفقد حب الله إطلاقا وإن كانت قد فقدت عشرته أحيانا الحب في قلبها علي الدوام مهما ضعف الجسد ومهما بدا من الخارج إنها بعيدة تطلب فلا تجد...
علاقتها بالله هي علاقة حب وليست علاقة رسميات ولا علاقة واجبات ووصايا أو مجرد طقوس أو ناموس مما انتقده الرب في سفر إشعياءإش1ولا هي علاقة خوف..إنما هي علاقة حب مبني علي أسس عميقة باستمرار.
عندما تتكلم عن الله لاتقول إلهيإنما في كل مناسبة تقول عنهحبيبيالذي تحبه نفسيكما أنه علمنا أن نقول في الصلاةيا أباناعلامة علي الحب...
وهكذا تقول هذه النفس حبيبي لي وأنا لهكالتفاح بين شجر الوعر,كذلك حبيبيتحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرتك حلوة في حلقي...
إياكم أن تنظروا إلي الله كمجرد جبار يحكم في السماء بل عليكم أن تحبوه من كل القلب هكذا علمتنا المسيحية...
محبة الله هي الأساس هي الوصية العظمي,وكل الفضائل وكل الوصايا وكل الممارسات الروحية إنما تنبع من هذه المحبة ولاتوجد وصية منفصلة بذاتها. فكل الفضائل إن هي إلا تعبير عن حب الإنسان لله أو نتيجة لهذا الحب...
يقول الربمن يحبني يحفظ وصايايأما حفظ الوصايا بدون حب فليس هو عملا روحيا وليس هو فضيلة مسيحية هناك أناس يسلكون حسنا بالمستوي الأخلاقي أو المستوي الاجتماعي ولكنهم ليسوا روحيين سمعتهم طيبة ولكن سلوكهم الطيب ليس نابعا عن محبتهم لله.
أسباب محبة النفس لله:
حب العروس للرب في سفر النشيد له أسباب عديدة منها:
1-أول كل شيء هو أن حب الله متعتها ولذتها:
تقول لهحبك أطيب من الخمر محبة تسكر تنتشي بها النفس...بل تقول أكثر من هذا إنني مريضة حباأي أن محبة الله دغدغت أعضاءها فلم تعد تحتمل تلك الطاقة الجبارة من الحب الإلهي.
جسدها أضعف من طاقات الروح فلم تعد طاقة الجسد علي احتمال الحب الروحي فأصبحت مريضة حبا.
إنسان ترتفع درجة حرارة جسده إذ هو مريض جسديا,وإنسان ترتفع بالحب حرارة روحه فإذ هو مريض حبا مدروخمن الحب الإلهي مثلما قيل لبولس كثرة الكتب حولتك إلي الهذيان يابولس.
هذا الهذيان البولسي المقدس نشتهي جميعا أن نصاب به...
إنسان من فرط الحب الذي به يتكلم كلاما لايفهمه الناس ويشعر شعورا لايدركه الناس فيحسبونه يهذي..!
مشكلتنا أن محبة العالم تتصارع مع محبة الله.فينا فالجسد يشتهي ضد الروح نحن نحب الله ونلتذ بالعالم ويوجد فينا شيء من التضاد ومن التناقض ومن الصراع.
أما الإنسان الذي يحب الله حقا ,محبة الله لذته,فليس فيه صراع ولا جهاد ولا يتعب في تنفيذ الوصية لأنها لذته.
يتغني بوصايا الله كما تغني بها داود في مزاميره وصاياك هي لهجي هي لذته سراج لرجلي ونور لسبيلي وجدت كلامك كالشهد فأكلتهواسم الله أيضا حلو في فمه كما نقولحلو اسمك ومبارك في أفواه قديسيكوكما قال داودمحبوب هو اسمك يارب فهو طول النهار تلاوتيوكما تقول عذراء النشيداسمك مهراقونترجمها في القداسطيب مسكوب هو اسمك القدوس.
طيب مسكوب هو اسمك لذلك أحبتك العذاري.
العذاري هي النفوس التي لم تعط ذاتها لآخر وأحبت الرب من كل القلب سواء أكانت من البتوليين أو المتزوجين لذلك لقب الكتاب كل الذين يخلصون بخمس عذاري حكيمات.
ثانيا: العروس تحب الله لأنها لاتجد له شبيها بين الآلهة.
كما نغني له في التسبحة من في الآلهة يشبهك يارب أنت الإله الحقيقي صانع العجائب؟!إن وضعنا الله وسط كل مشتهيات العالم وكل آلهته نجده يفوقها...لذلك تقول عذراء النشيد:
حبيبي أبيض وأحمر,معلم بين ربوة.
الربوة هي 10000 أي إذا وضعت حبيبي بين عشرة آلاف تجده مميزا بينهم متي إذن يتميز الرب في قلبك عن كل مشتهيات الدنيا وكل سكانها وتجده يفوقهم جميعا.
ثالثا:العروس تحب الرب أيضا لأنه جميل:
ها أنت جميل يا حبيبي هكذا تقول عروس النشيد للرب ماذا تعني بعبارةجمال الرب؟تعني أن إنسانا يسير في طريق الرب فيجد الباب ضيقا والوصية ثقيلة ولولا خوف الأبدية ما كان يستمر فيقول للرب:من أول معرفتي بك عرفت التجارب والضيقات وعرفت الصليب وجثسيماني وعرفت البكاء والدموع وهكذا لايري الرب جميلا ..ربنا هذا هو شهوة نشتهيها ونستبدل به شهوة العالم وكما قال أحدهم إن القداسة هي استبدال شهوة بشهوة استبدال شهوة العالم بشهوة اللهنشتهي الله وكل ما يحيط به ونجد فيه لذة وفرحا ومعه لايعوزنا شيء.
ما أجمل التأمل في صفات الله إنها تفرض محبته في القلب حلقه حلاوة كله مشتهيات صدقوني لو أنكم لم تأخذوا من سفر النشيد سوي عبارة كله مشتهياتلكان هذا يكفي.
إن الله ليس ضريبة مفروضة عليكم,وليس نيرا موضوعا علي أعناقكم وليس حاكما جبارا بل هو كل مشتهياتكم.
لما أحب أوغسطينوس الله صغر العالم في عينيه بكل شهواته,ولما أحب بولس الله قالخسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفايةوأنت عندما تحب الله ستموت محبة العالم في قلبك قد تعتقد الآن أنه من الصعب التخلص من إحدي الخطايا لأن محبة الله لم تملك عليك بعد أما إن أحببته فستجد أن الخطية فارقتك بكل سهولة.
رابعا:العروس أحبت الله لأنه راعيها:
يهتم بها,يرعاها بين السوسن في مواضع خضرة عند مياه الراحة,يرعاها في الجنات عند خمائل الطيبحبيبي نزل إلي جنته إلي خمائل الطيب ليرعي في الجنات ويجمع السوسن كلام موسيقي وجميل..لعلك تقول أين هذه الجنات والسوسن والطيب ولسنا نجد سوي صوم ومطانيات وتجارب؟!
خامسا: والعروس أحبت الرب لأنه قوي يحرس ويسند,تشعر النفس في رعايته أنها محاطة بقوة عجيبة...إله جبروته ليس ضد الإنسان وإنما من أجل الإنسان لحمايته ورعايته.
ما أكثر الصفات التي من أجلها نحب الله,لو أحصيناها واحدة فواحدة ما كان العمر كله يكفي لسردها.
وبعد,نود بهذا المقال أن نختم هذه التأملات حاليا في سفر النشيد.
|