منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 10 - 2025, 12:00 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,379,349

الشـر لا يُولد مع الإنسان بل يُزرع فيه


في 1992، صُدم الملايين حول العالم بعد عرض الفيلم الوثائقي الأمريكي "طفلة الغضب – Child of Rage". لم يكن فيلماً من نسج الخيال، بل نافذة مرعبة على أعماق نفس طفلة حقيقية، اسمها بيث توماس، لم تتجاوز السادسة من عمرها… لكنها كانت تحمل في داخلها عاصفة من الأ*لم تفوق سنواتها الصغيرة بمراحل.
كانت الكاميرا تلتقط وجهًا بريئًا، بشعر أشقر وعيون واسعة، لكن تلك العيون لم يكن يسكنها النور، بل فراغ مخيف. بصوت هادئ، قالت بيث أمام المعالجين:
"أريد أن أقـتل أخي... وأطـعن أمي وأبي بالتبني وهم نائمون."
كلمات خرجت من فم طفلة، لكنها هزّت وجدان كل من سمعها. كيف يمكن لبراءة الطفولة أن تتقاطع مع فكرٍ بهذا الظلام؟
الجواب لم يكن في الشر، بل في الجرح.
قبل أن تعرف بيث معنى اللعب أو الحنان، كانت تعرف الخوف. وبدل أن تُحتضن، كانت تُؤذى. عاشت مع والدها البيولوجي الذي مارس عليها أبشع أشكال الإهـ*مال والإيذاء الجسدي والنفسي. لم تعرف يومًا ما هو الأمان، ولا كيف يبدو الحب. وهكذا، حين تبناها زوجان محبان، لم تكن قادرة على تصديق أنهما لن يؤذياها. كانت ترى في اللمسة خطـرًا، وفي الحنان فخًا، وفي القرب تهديدًا.
شُخصت حالتها بما يُعرف بـ اضطراب التعلق التفاعلي (Reactive Attachment Disorder)، وهو اضطراب نادر يجعل الطفل غير قادر على تكوين روابط طبيعية مع الآخرين، فيتحول الحب في داخله إلى خوف، والعطف إلى شك، والدفء إلى تهديد.
لكن المعجزة لم تكن في الألم، بل في ما حدث بعده.
لم يتخلَّ عنها والداها بالتبني، رغم كل ما فعلته. لم يروْا فيها مجرمة صغيرة، بل روحًا مكـسورة تستغيث. تحت إشراف الأخصائية النفسية نانسي توماس، بدأت رحلة علاج طويلة ومؤلمة. كانت بيث تتعلم من جديد معنى أن تشعر، أن تثق، أن تحب دون خوف، وأن تبكي دون خجل.
رحلة امتدت لسنوات، مليئة بالدموع والانتكاسات، لكنها كانت تتحول يومًا بعد يوم من طفلة غضـب إلى طفلة أمل.
وفي النهاية، انتصرت.
كبرت بيث، ولم تعد تلك الطفلة التي أرعبت العالم. أصبحت ممرضة تهتم بالأطفال المرضى، وتمد يدها لكل من تذوق طعم الوحدة والخوف الذي عرفته يومًا. صارت رمزًا للقوة، ودليلًا على أن الجرا*ح لا تقـ*تل دائمًا، أحيانًا تفتح طريقًا نحو النور.
التناقض في شخصيتها كان مذهلًا:
من طفلة تملؤها الكراهية، إلى امرأة تُكرّس حياتها للعطاء.
من صوت يهدد بالموت، إلى صوت يمنح الحياة.
القصة كلها كانت رسالة مدوّية للعالم:
الشـر لا يُولد مع الإنسان… بل يُزرع فيه.
وما يُزرع في الطفولة، ينمو في أعماقنا إلى الأبد.
لكل أب وأم، لكل من يرعى قلبًا صغيرًا في بيته:
ازرعوا الحب، لا الخوف. واحتضنوا قبل أن يُغلق الجرح أبوابه.
فقد تكون كلمة حنان اليوم، هي ما يُنقذ إنسانًا غدًا من أن يتحول إلى "طفلة غضب" جديدة.
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الإنسان الأحمق يُسرع في صب اللعنات على الآخرين بلا سبب
الحب هو جواز السفر الذي به يعبر الإنسان
السفر يجعل الإنسان العاقل أفضل ، والأحمق أسوأ
الإنسان لا يُولد عنصرياً
وهو يُسرع الى معونتنا


الساعة الآن 09:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025