رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الكلمة صار انسانًا إن التجسد لم يحد من قدرة الله اللامحدودة، ولا أزالها، بل هو -ببساطة- تعبير عن، أو هو بمثابة تفعيل لهذه القدرة اللانهائية التي تضغط على قصور فهمنا نحن، لكنها في حد ذاتها ليست مناقضة أو مضادة للمنطق والعقل (مثلما اتهم نسطور)، وأن نتخيل أن قدرة الله اللوغوس الكلمة، تلك القدرة النهائية، قد تُحد بواسطة الحياة الإنسانية (الناسوت) التي يحياها الله الكلمة، فهو ما يعني أننا نعتبره قد هجر لاهوته أو أُلوهيته عندما صار انسانًا، لهذا رفض القديس كيرلس هذا المفهوم ونقده قائلًا إن من كان الله منذ الأبد صار انسانًا، بينما ظل وإلى الأبد أيضًا ما كان عليه (أي إلها) هذا هو الله الأبدي. يقول القديس كيرلس: «لأنه لم يكن من المستحيل على الله محب البشر أن يجعل ذاته قادرة على تحمل محدودية (قيود) الطبيعة البشرية، وهو ما سبق وقيل لنا بطريقة رمزية معلمة إيانا أسفار موسى وراسمة لنا بأمثلة، سر التأنس. حقًا لقد نزل الله في صورة نار على العليقة في البرية، وجعلت النار العليقة تلمع وتضئ، لكن العليقة لم تحترق. تحير موسى من المشهد (انظر خر ٣: ٢، ١٠). أليست الشجرة لم تكن تتناسب (تتوافق) مع النار؟ كيف تحملت الشجرة ذات المادة سريعة الاشتعال اللهب؟ لكن المشهد -كما قلت- كان صورة للشر الذي أظهر كيف أن طبيعة الكلمة الإلهية يمكن أن تحتمل محدودية الطبيعة البشرية، بالطبع لأنه أراد ذاك، لأن أمامه لا يوجد شيء مستحيل» ….. إن التجسد محبة ذات طابع خاص وإلهي، من الله تجاه البشرية بقصد شفائها، هذه المحبة مرسلة إلى الخليقة المادية، بغرض إحداث تأثير يتم على المستوى الطبيعي المادي بحيث تُعيد الخليقة المادية إلى شركة مع الله. وهذا الوضع الكياني، وذلك المخلوق الذي يرفعه الله، كان بالنسبة للقديس كيرلس سرا، لكن ليس منافيًا للمنطق، بل على العكس، هو وعد أعلنه الله للعالم في تعليم أو عقيدة جسد القيامة الممجد… رأى القديس كيرلس الأمر، فإن القدرة الإلهية في الرب المتجسد لم تبذل جهدها في أن تعبر عن نفسها بشكل متناقض أو متعاكس، حيث يشرح القديس كيرلس هذا الأمر بكل وضوح في تفسير إنجيل لوقا وبالتحديد نص (لو ٢: ٥٢)، إذ يقول: أن يقال إنّ «الطفل كان ينمو ويتقوى بالروح، ممتلئًا حكمة وكانت نعمة الله عليه»، هذا الكلام ينبغي أن يؤخذ على أنه يشير إلى طبيعته البشرية، وأرجو أن تفحصوا باهتمام في عمق التدبير: فالكلمة يحتمل ويقبل أن يولد في صورة بشرية، رغم أنه في طبيعته الإلهية ليس له بداية وليس خاضعًا للزمن. والذي هو إله كامل تمامًا من كل ناحية، يخضع للنمو الجسدي. وغير الجسدي، صارت له أطراف تنمو مع نمو بشريته. والذي هو نفسه الحكمة كلها، يمتلئ بالحكمة. وماذا نقول عن هذا؟ فإن الذي كان في صورة الآب، قد صار مثلنا، والغني أخذ صورة الفقر، والعالي أخذ صورة الاتضاع، والذي له الملء يقال عنه إنه ينال ويأخذه. يقول القديس كيرلس: «تتقدم الطبيعة البشرية في الحكمة وفقًا للطريقة الآتية: الحكمة الذي هو كلمة الله اتخذ الطبيعة البشرية فتألهت وهذا برهن من خلال أعمال الجسد، والنتائج العجيبة في أعين أولئك الذين يرون الهيكل (الجسد) الذي أخذه، جعلته يرتقي بالنسبة لهم. هكذا ارتقت الطبيعة البشرية في الحكمة متألهة بواسطتها. لذلك أيضًا نحن بطريقة مماثلة للكلمة، الذي لأجلنا تأنس، نُدعى أبناء الله وآلهة. لقد تقدمت طبيعتنا في الحكمة منتقلة من الفساد إلى عدم الفساد، ومن الطبيعة البشرية إلى الألوهية بنعمة المسيح….. لقد اخذ القديس كيرلس صورة القدرة “الثنائية التبادلية” حيث اخذ بمثل الإنسان يكون من جسد ويحييه روح أي النفس داخل الجسد ليدرك بها اتحاد الله والإنسان في المسيح. حيث يعيش اللاهوت بدون قيد في الجسد، كما يظل يتمتع بكل خصائصه التي له قبل تأنسه. فإن الاختلاف بين طبيعتي النفس والجسد لا يعوق اتحادهما، ولا يتطلب أن يختزل أحدهما الأخر، بل انهما يتكامل كلاهما معًا، ينعمان باتحاد متكامل. إذا فإن اللاهوت الكامب للكلمة يتحد بالوجود البشري الكامل، وذلك الاتحاد الروحي والمادي يكون المسيح الواحد والوحيد ويسمي “اتحاد أقنومي”….. يقول القديس كيرلس: “وأيضا نحن لا ننسب أقوال مخلصنا في الأناجيل إلى أقنومين أو إلى شخصين منفصلين، لأن المسيح الواحد لا يكون اثنين، حتى لو أدرك أنه من اثنين ومن كيانين مختلفين اجتمعا إلى وحدة غير منقسمة، وكما هو طبيعي في حالة الإنسان الذي يدرك على نفس وجسد ولكنه ليس اثنين بل بالحري واحد من اثنين. ولكن لأننا نفكر بطريقة صحيحة فإننا نعتقد أن الأقوال التي قالها كإنسان أو تلك التي قالها كإله هي صادرة من واحد….. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
معاملات الله معك وتصرفاتك أزاءها |
في الصليب ظهرت محبة الله اللامحدودة المستعدة دائمـــًا لغفران جميع خطايـــــــا الإنسان |
دور دانيال ببساطة أن يطيع الله |
الله ببساطة بيحبك |
حوار مع الله ببساطة |