رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرَّب معكَ «الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ البَأسِ» ( قضاة 6: 12 ) أي كلمات كانت تلك التي وقعت على أُذن جدعون وهو مُنزوِ في المعصـرة خوفًا من العدو؟! إنها كانت كلمات من السماء، لترفع نفسه فوق التجارب والأحزان ومُذلات الأرض، كلمات الفضل والقوة الإلهيين، لتنفث الشجاعة في قلبه المثقل الحزين: «يا جبَّارَ البَأسِ»! وكم كان صعبًا على جدعون أن يتقبَّل هذه النبرات الغريبة، وأن يُطبِّقها على نفسه! أين كانت القوة، وأين هو البأس؟ بكل تأكيد لم يكونا في نفسه ولا فيما حوله. فأين إذن؟ في الله الحي «الرَّبُّ معَكَ». كلمات قيِّمة! ونبرات مُحرِّكة للنفس ومُقوية للقلب. أقوال تُعطِي نورًا وحياة وقوة! ومع ذلك، فقد كان جدعون بطيئًا في الاستفادة منها، بطيئًا في التمسك بها بقوة متسعة من الإيمان الذي يبهج قلب الله ويمجِّد اسمه. كم من المرات يكون هكذا الحال معنا؟ كم يستمر فشلنا عن السمو إلى درجة أفكار نعمة الله ومقاصده من نحونا؟ إننا مُعرَّضون أن نُجادل بخصوص أنفسنا وظروفنا بدَل أن نُصدِّق الله، ونرتاح في هدوء حلو على محبته الكاملة وأمانته الثابتة. هكذا كان الحال مع رجل الله العزيز جدعون. كانت العبارة الإلهية واضحة وتامة وقاطعة ومُطلقة: «الرَّبُّ معَكَ». لم يكن في هذه الكلمات موضع لأي تساؤل أو شك، ومع ذلك أجاب جدعون: «أَسأَلُكَ يا سَيِّدِي، إِذَا كانَ الرَّبُّ معَنا فلماذَا أَصَابتنا كلُّ هذهِ؟» (ع13). هنا يُجادل جدعون بما يحيط به. ولهذا تأتي كلمة «إِذَا»، ذلك المقطع الصغير الخاص بعدم الإيمان، فإننا عندما ننشغل بالذات أو بالناس أو بالأشياء أو بالظروف، لا بد أن نكون متزعزعين وبائسين. فقوتنا وراحتنا في أن نثبِّت عين الإيمان في يسوع، ونُركّز القلب بكل شدة فيه. بكل يقين كانت الظروف التي تحيط بجدعون من أظلم ما يكون، وكان أُفقه مُلبَّدًا بالظلام والسُحب الكثيفة، ولكن كان هناك شعاع لامع ومبارك كان يصل إلى روحه المُنسحق. شعاع كان يخرج من نفس قلب الله محمولاً على تلك الجملة القصيرة المُقنعة «الرَّبُّ مَعَكَ»، فلم يكن فيها كلمة «إِذَا»، لا شك ولا صعوبة ولا تحفظ ولا شرط. كانت واضحة وغير مُقيَّدة، وكانت تحتاج إلى شيء واحد فقط لكي تُنشئ ينبوع فرح وقوة ونصـرة في نفس جدعون، وذلك الشـيء الواحد: هو امتزاجها بالإيمان. ولكن كلمة «إِذَا» ليست هي الإيمان. الإيمان الصحيح لا يجاوب الله مُطلقًا بـ «إِذَا»، ذلك لأنه إنما ينظر فقط إلى الله، وكلمة «إذا» لا محل لها عند الله. |
|