رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيماننا الحي - إعادة فحص، تابع الثقة والإيمان بالله الجزء السابع إيماننا الحي - إعادة فحص مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس + الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
تابع 2 – الثقة والإيمان بالله: [bâṭach – בּטַח] وواضح الآن كل الوضوح أنه لما انحصر الإيمان وضعف في قلوب البشر وانقطعت شركتهم مع الله مصدر وجودهم وحياتهم، فسدت البشرية كلها وبدأت تكثر أحزان الإنسان ومشقاته ويزداد قلقه، وبدأ شبح الحرمان والمجاعات والحروب والدمار يزحف على المسكونة كلها بسبب الفساد الذي تفشى في قلوب الناس، والأطماع التي لم يعد لها حدود. وسوف يتأكد العالم كله، في لحظة ما، أنه من المستحيل أن يسعد أي إنسان فيه بدون الله كشخص حي وحضور مُحيي يُشبع قلبه ويملأ حياته مسرة ويهبه الراحة المسلوبة منه ويعطيه السلام الذي لا يستطيع أن يصل إليه قط مهما ما صنع من حضارة لأنه مكتوب: لا سلام قال الرب للأشرار (أشعياء 48: 22)، وأداة النفي (אין not) في بداية هذه الآية تُفيد معنى: لا وجود أو لا شيء البتة (إطلاقاً) أو تعبر عن العدم أو الشيء المعدوم وجوده، أو المستحيل تحقيقه والسبب هو ما بعده من كلام أي (الشرّ)، لذلك فمن المستحيل يتحقق سلام او يوجد من الأساس لمن يحيا في الشرّ. وهذه المسألة مطروحة منذ بداية خلق الإنسان وظهوره على الأرض، والله يُعطي الجواب ليحفظ الإنسان حياته: إذ يُحذر الإنسان من الأكل من ثمرة شجرة المعرفة، ويدعوه إلى أن يضع ثقته بتمامها فيه وحده في كل ما يتعلَّق بالتمييز بين الخير والشرّ: وأما شجرة معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها (تكوين 2: 17)، وهُنا يُظهر ما هي الحكمة التي ينبغي أن يسلكها ويعيش وفقاً لها. فالإيمان بالكلمة الإلهية معناه أن نختار بين حكمتين، فنضع ثقتنا التامة في حكمة الله ونتمسك بوصيته لنا لأنها هي حياتنا، ونبتعد تماماً عن الاعتماد على حكمتنا الشخصية الذاتية التي أتعبت جنسنا على مر العصور كلها، لأنها دائماً ما تُعبِّر عن رغبة قلبنا المعوج: + توكل (בּטח Trust) على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. (أمثال 3: 5)ومن هذا المنطلق نجد أن الله بعد سقوط الإنسان والدخول في خبرة القناعة – عملياً – بأن ثقته ينبغي أن توضع في الله وحده وليس آخر، أخذ يتدرج به عبر تاريخ الخلاص (للوصول لملء الزمان وتحقيق وعد الخلاص) ليدخله في سرّ الإيمان الحي لكي يصل لما كان ينبغي أن يفعله قبل أن يسقط بسبب استماعه لآخر ووضع ثقته في غريب أفسد حياته وجعله يخيب من نعمة الله، ليعود – مرة أُخرى – ويضع ثقته التامة بقدرة الخالق ضابط الكل، الذي يُظهر عنايته الفائقة بكل الأشياء وبكل الخليقة حتى المادية والجامدة منها، لأن كل ما في السماء وعلى الأرض هوَّ من صنع يديه: في البدء خلق الله السماوات والأرض؛ أن إلهنا في السماء كلما شاء صنع... أنتم مباركون للرب الصانع السماوات والأرض (تكوين 1: 1؛ مزمور 115: 3و15) لذلك نقول في قانون الإيمان من وحي كلمة الله ((نؤمن بإلهٍ واحد... خالق السماوات والأرض، ما يُرى وما لا يُرى))، ومن ثْمَّ فليس للإنسان (المؤمن) أن يخاف أو يخشى شيئاً من المخلوقات، فنحن يجب أن نؤمن، بادئ ذي بدء، بقدرة الله على كل شيء، لأن الله هوَّ هكذا بالفعل، وحتى لا ترعبنا قوى الطبيعة كأنها ذات السلطان الأعظم علينا من جهة حياتنا وأمننا وسلامنا، لأن علامة الإيمان الحقيقي هو الطمأنينة وعدم الخوف لأننا نسكن في ستر العلي: + اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. أَقُولُ لِلرَّبِّ: مَلْجَأي وَحِصْنِي. إِلَهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ (إِلَهِي الَّذِي بِهِ وَثِقْتُ). لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الوباء الْخَطِرِ. بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي. تُرْسٌ وَمِجَنٌّ حَقُّهُ (فَتَكُونُ لَكَ وُعُودُهُ الأَمِينَةُ تُرْساً وَمِتْرَاساً). لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفِ اللَّيْلِ وَلاَ مِنْ سَهْمٍ يَطِيرُ فِي النَّهَارِ. وَلاَ مِنْ وَبَأٍ يَسْلُكُ فِي الدُّجَى وَلاَ مِنْ هَلاَكٍ يُفْسِدُ فِي الظَّهِيرَةِ. يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ وَرَبَوَاتٌ عَنْ يَمِينِكَ. إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ. إِنَّمَا بِعَيْنَيْكَ تَنْظُرُ وَتَرَى مُجَازَاةَ الأَشْرَارِ. لأَنَّكَ قُلْتَ: أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَأي. جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ (الرَّبُّ مَلْجَأي، وَاتَّخَذْتَ الْعَلِيَّ مَلاَذاً). لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرْقِكَ. عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. عَلَى الأَسَدِ وَالصِّلِّ تَطَأُ. الشِّبْلَ وَالثُّعْبَانَ تَدُوسُ. لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خلاصِي. (مزمور 91)فالإنسان الذي يؤمن إيمان حي حقيقي عالماً بمن آمن، فأنه يرى تفوق الله على قوى الطبيعة فيرتاح جداً، وخصوصاً إذا واجه شدتها عياناً أو اطلع على جبروتها الذي تعلّنه في أماكن عديدة من العالم، فالزلازل المخربة والبراكين والعواصف العاتية والفيضانات المخيفة والأوبئة الفتاكة لا يُمكن أن تُنزل الرعب في قلب إنسان يؤمن بتفوق الله على قوى الطبيعة، لأن الإيمان يجعل الإنسان يرى ما لا يُرى، لا بمجرد تصديق وهمي، أو مجرد فكرة أو اعتقاد شخصي لقناعة العقل قسراً وبمبالغة لكي يرتاح نفسياً، ولكنها راحة نتيجة رؤية داخلية عميقة – بعيون منفتحة واستنارة ذهن – ترى الله الشاهد لنفسه والمُعلن قوته في داخل قلبه سراً بالإيمان، لهذا فهوَّ في قمة ثورتها لا يرتاع حتى لو مسته بضررها، عالماً بأن الله ضابط لجميع قواها في مسار لا تتعداه، وأنه يضبطها بحكمة ليقودها حسب مشيئته المعينة والقصد المبارك الذي خلقها من أجله. ومهما ظهرت آثارها المخربة، فالغاية التي تستقرّ عليها بعد ثورتها تحمل حتماً توجيهاً جديداً للساكنين على الأرض للارتقاء إلى حالة أفضل. + الرب نوري وخلاصي ممن أخاف، الرب حصن حياتي ممن ارتعب... أن نزل عليَّ جيش لا يخاف قلبي، أن قامت علي حرب ففي ذلك أنا مطمئن. (مزمور 27: 1)وحينما نؤمن بقدرة الله ونضع ثقتنا التامة في حكمته التي تُسيَّر أمور العالم كله وتقوده بتدبير مُتقن، نطمئن أنه لو أصاب العالم ضرر ما ولو كان بسبب الإنسان نفسه او الشيطان، وحتى لو أصابنا جزء كبير منه، فالقصد الإلهي سيتم حسب التدبير الذي يخص الخلاص، وأيضاً الخير الذي سيتمخض عن هذا الضرر كفيل بأن يوازن الخسارة بل ويزيد بالقدر الذي يكون فيه ارتقاء وإسعاد ملايين عبر الدهور عوض خسارة ألوف في زمن محدود، مع الوضع في الحسبان أن العالم الحاضر سوف ينتهي وسيتجدد وجه الأرض عند مجيء الرب حسب وعده، لأننا ننتظر سماوات جديدة وأرض جديدة الرب هوَّ شمسها التي لا تغرب: + ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البرّ (2بطرس 3: 13) |
|