الروابط الأسرية
أو شاب تبكي أمامه أمه وتستعطفه ألا يتركها ويترهب قائلة: امكث معي حتى (أموت) وعند ذلك اصنع ما يروق لك! وقد يموت هو قبلها!
هنا ويأتي دور الكاهن لكي يقنع الأم بحكمته ولطفه واعدًا إياها أنه سيداوم الصلاة من أجلها.. وعليه أن يهتم برعايتها. لئلا تكون عثرة في طريق ابنها.
أتذكر أن شابًا جاء إلى الدير للرهبنة دون علم أسرته، حسبما اتفق مع أب اعترافه، نعم فقد كان يدرك أن ارتباطهم به ليس إلا عاطفيًا، أي أن تركه لن يؤثر ماديًا أو أدبيًا عليهم.
وبعد أيام سعت الأم مع نفر كثير من الأهل والأصدقاء إلى الدير لكي يساعدوها في استرداد ولدها..
ومضوا وفي أنفسهم من العزم على الرجوع به الشيء الكثير. وكان عليهم أن يقطعوا المسافة بين بلدتهم والدير وتبلغ (42كم) سيرًا على الأقدام، ولكن الذي حدث أن الدليل الذي خرج معهم – لهدايتهم إلى الدير – اختلط عليه الأمر وتاه وأتاههم معه، وظلوا يسيرون ثماني عشر ساعة دون أن يجدوا الطريق إلى الدير، وفرغ ما معهم من الطعام والماء، وتعرضوا لخطر الموت، وعندما أدرك الدليل حجم الخطر الذي يواجهونه تقدم من الأم وطلب إليها في ضراعة أن تكشف له عما عقدت عليه النية، فعما قريب سيهلكون جميعًا.. وقال لها: ها أنت ترين أننا في مواجهة الموت، فإذا لم ترجعي عما في نيتك: متنا جميعًا.
حينئذ اعترفت أمامه على غير رغبتها بأنها انما قصدت الدير لاستعادة ابنها.
فقال لها متوسلًا: اتركيه ارجوك من كل قلبك لكي ينقذنا الله.
وفيما هي تعلن طاعتها.. أبصر الجميع راهبًا يسير أمامهم على مسافة بعيدة، فصرخوا عله يسمعهم، ولكنه كان جادًا في السير، فمشوا خلفه طويلًا حتى إذا اختفى فجأة فوجئوا بالدير يظهر في السهل الذي تحتهم. وهناك في الدير حاول ابنها أن يهرب، ولكنها قالت له بهدوء..، وحتى إن طلبت أن ترجع معي فلن أوافق!