الأقباط بين الهوية والعقيدة-7
السبت 06 اكتوبر 2012
القمص روفائيل سامي
تكشف اللغة واللهجة عن هوية صاحبها لذا اهتمت شعوب العالم باللغة كأساس للمعرفة والتحاور والانتماء فشعب بلا لغة هو شعب بلا هوية لذلك ننعت الإنجليز بلغتهم الإنجليزية والفرنسيين بلغتهم الفرنسية والأقباط بلغتهم القبطية والعرب بلغتهم العربية والألمان بالألمانية وهكذا وهذا ما عرضه لنا الكتاب المقدس عندما تعرض لوجود شعوب مختلفة في عيد الخمسين فجاء بهفكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد فيها فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس وآسيا وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء. كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله,فتحير الجميع وارتابوا قائلين بعضهم لبعض ما عسي أن يكون هذاأع2:8-12فاللغة هي جزء لايتجزء من هوية الشعوب ودعامة أصيلة من نسيجهم لذلك تهتم الشعوب أن تعلم أطفالها منذ سن مبكرة ماهية اللغة وكيف يتكلمون بها لكي يكون لهم هوية وانتماء لأوطانهم ويزدادوا نموا وثقافة ومعرفة بتاريخهم وحضارتهم ومن هنا تتقدم الشعوب وترتقي,ولكن في هذا الزمان أنظر إلي مصر وأقول:مسكينة هي مصر التي كانت شعاع الحضارة علي مستوي العالم إلي أن جاء إليها كابوس الاستعمار وبدأت مشوار الحياة المر بسبب كرمها وحسن ضيافتها ففي مهد تاريخها وفي عام 332ق.م جاء إليها البطالمة ودخل الإسكندر المقدوني أرضها وبدأت جرثومة الاستعمار تسري فيها فجاء إليها بعد ذلك الرومان عام30ق.م والبيزنطيون عام323م وهكذا استمر مسلسل الوافدين إليها وهي ترحب بالكل دون أن تفقد مصريتها حتي مع البابليين والهكسوس والأحباش والآشوريون والفرس واليونان والرومان والعرب والأتراك والشراكسة والأوربيين فالمصري كما هو مصري لم يتغير عن أسلافه كما يقول العالم الفرنسيمارييتإذا كانت هناك أمة حافظت علي أصولها دون أن يختلط بها أي غريب فإنما هي الأمة القبطيةالمصريةسليلة الفراعنةونحن الآن بصدد الاهتمام الكبير من العالم بالتاريخ المصري القديم صاحب أقدم حضارة عرفتها البشرية والتي لاتزال مصدرا للبحوث التاريخية والثقافية مما جعل الجامعات العالمية الكبري تهتم بتخصيص قسم خاص لعلم المصريات حريصة علي أن تكون اللغة المصرية القديمة والقبطية من الأركان الأساسية والتي عن طريقها يتعمق باحثي التاريخ في دروب الحضارات ويكتشفوا أن اللغة هي هوية وطنية وليست عقيدة دينية وإن كان الأمر كذلك فيا حسرتاه علي وطن باتت لغته الأصلية حبيسة بين نفر قليل ويعتبرها البعض كفرا!!! لا يا سادة..المصري مهما اختلفت ديانته وعقيدته فهو قبطي لاشك فيه واللغة القبطية هي من مظاهر هويته المصرية ومن ينادي بتركها يجلب علي شخصيته الانغلاق الفكري والتعصب الأعمي فالعالم اليوم عكس ذلك فيجب أن ننادي كمصريين بالاهتمام بلغة الأجداد وأن تدرس كلغة ثانية في المدارس ليتعرف أولادنا علي تاريخ أجدادهم وحضارتهم التي أبهرت ومازالت تبهر العالم وهانحن اليوم نضع أقدامنا علي بداية لطريق دولة حديثة يجب أن نهتم بقضية الانتماء الوطني والهوية المصرية وإن كانت اللغات تحدد هوية الشعوب فإنه من حقنا كمصريين أن نعود إلي هويتنا المصرية التي نفتخر بها ولايصح أبدا أن ننظر إليها من منظور ديني فهي أمر وطني قومي وإن كانت تعرضت عبر الزمان الأكحل إلي تعتيم وتهميش فالآن في عصر الحرية نتمني أن تكون مصريتنا ولغتنا سمة من سمات الحب والوحدة الوطنية فكلنا شعب واحد حتي وإن اختلفت العقائد فالقبطية لغتنا.كنا نتكلم بها جميعا حتي القرن السابع عشر أكد هذا المقريزي في كلامه عن الأديرة القديمة كما ألقي ماسبيرو محاضرة في يوم19 نوفمبر عام1908م عن صلة المصريين الأقدمين بالمصريين الحاليين فقالمن المؤكد أن سكان صعيد مصر كانوا يتكلمون ويكتبون باللغة القبطية حتي السنين الأولي من القرن السادس عشر في أوائل حكم الأتراكولم يحدد أن سكان صعيد مصر كانوا مسيحيين أو مسلمين وهذا يعني أن الكل كان يتكلم لغة الأجداد ومع هذا يوجد كثير من الكلمات القبطية يستخدمها العالم ونستخدمها نحن في لغتنا العامية ويكفيك عزيزي القاريء أن تعرف أن مؤلف أشهر قاموس قبطي يرجع إليه المهتمون باللغة القبطية هو عالم القبطيات البريطاني والتر أو ينج كرام مما يجعلنا نلقي النظر علي اهتمام العالم بلغة أجدادنا ونحن نتنصل منها كمصريين حقا أنه إخفاق في حق وطنيتنا وهويتنا وياليتنا نتعلم حتي ولو من السريان والكلدان والآشوريين والأرمن أولئك المتمسكين بلغتهم ولهجاتهم حتي ولو عاشوا في وسط شعوب مختلفة وفي ثقة وطنية أتمني أن نعيد لغتنا القبطية الجميلة حتي عن طريقها نتعمق في تاريخ الأجداد وفي تراثهم العظيم وفي فنهم الذي أبهر كل فناني العالم فشعب بلا لغة ووطن هو شعب بلا هوية ولا أصل ولكن نحن والحمد لله يعرفنا العالم ونسينا أنفسنا أننا مصريين فلابد أن نتذكر أن مصر ليس وطن نعيش فيه إنما وطنا يعيش فينا بلغته وفنونه,وإلي اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الرب وعشنا.