|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول، تابع معنى المخافة، الخوف القاتل للنفس الجزء الخامس عشر
إيماننا الحي - إعادة فحص مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس + الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
تابع (2) الثقة والإيمـــان بالله (الجزء 15)
2 – الخوف القاتل للنفس (الخوف السلبي) على عكس الخوف الإيجابي (الذي يتولد في النفس حينما يحدث لقاء مع الله الحي ومن ثمَّ يظهر الإيمان والتوبة الحقيقية كما رأينا وشرحنا سابقاً)، فأنه يوجد خوف آخر سلبي يسير عكس الإيمان الحي – في حالة عدم توبة – يُعكر صفو النفس وينتزع سلامها منها ويزرع بخبث خصومة داخلية حتى يُدمرها ويعزلها عن الحياة. والخوف السلبي معناه الأصلي في اللغات القديمة يأتي بمعنى مكاني: [يخطو للوراء من أمام شخص أو يبتعد بمسافة عن شيءٌ ما، أو يبقى على مسافة بعيدة ويحافظ على مداها، أو يُزيدها بُعداً ويحاول أن يتوارى]، وقد اتسع المعنى – بعد ذلك – إذ أُضيف عليه المعنى المجازي المعنوي من جهة [الذعر الناشئ من العار]. وهذا الخوف السلبي ينشأ عادةً من الحياة حسب الجسد من جهة الأهواء وتتميم شهوات الجسد والفرح بالملذات الوقتية والتمسك بها وعدم التخلي عنها، والتي تجعل النفس تحمل عار الخطية المُشين حتى انها تحاول أن تهرب دائماً من مواجهة الله الحي كما رأينا في حالة آدم؛ فالإنسان عادةً حينما يرتكب جريمة (في الخفاء) فأنه يُصاب بالذعر لئلا يتم القبض عليه ومحاسبته على أفعاله التي تضغطه وتجعل نفسيته محطمة، لذلك فالحكم والدينونة حاضرة امام عينيه بدوام لأنهل محفورة حفراً في ضميره المثقل بها، لذلك يخاف ان يتواجه مع نفسه بمكاشفة وصراحة أو مع أي شخص مُمكن ان يُذكره بأفعاله، وهذا هو سرّ هروب الكثيرين من الصلاة الروحية ومواجهة كلمة الله من جهة فحص النفس وتقويمها، لأن الكلمة الإلهية تُدين بدينونة المسيح لتُخلِّص النفس (لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه في ما كان ضعيفا بالجسد أو بكون الجسد جعلها قاصرة، فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد. لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح – رومية 8: 3 – 4)، ولكن حينما يكون الإنسان غير راغباً في التوبة رافضاً لله متمسكاً بكل شهواته ورغباته الدنيئة، فأنه يخاف ويرتعب ويرتعد من مواجهة كلمة الحياة، لأنه لا يوجد أمام عينيه سوى الدينونة والغضب الإلهي المُعلن فيها حاضراً امام قلبه، لأن كلمة الله يا اما تخترق النفس وتدين افعالها وحينما يخضع لها الإنسان برغبة التوبة فأنها تغيره وتصلب فيه الأهواء مع الشهوات وتخلع عنه جسم الخطايا، أما أن كان يرفضها فأنها تدين افعاله وتصير قوة دينونة شاهدة على قلبه الشرير ورفضه لملك الله على حياته كاشفة قوة الظلمة المستحوذة على عقله، لذلك يرى انه مخيف ومرعب الوقوع بين يدي الله الحي، لأنه ديان عادل عيناه كلهيب نار تفحصان أستار الظلام كاشفة خزي عار النفس المُفزع وتدنيها للتراب بسبب خروجها عن القصد والغاية التي خُلقت لأجله.
عموماً الخوف – بشكل عام بعيداً عن خوف التقوى – دليل قاطع على الانفراد والوحدة والعزلة الداخلية التي تحمل في باطنها العطف والإشفاق على الذات، لأن الإنسان – هنا – يكون في حالة اضطراب وقلق مستمر وفزع من أن يخسر ذاته الذي يرى سعادته في ميولها وشهواتها الدنيئة، أو يفقد رونقها وتُهدر كرامتها بتعريتها أمام الناس، لذلك يجزع من أن يعرف أحد أسراره الخفية ويتعرف على جوانبه السلبية أو خطاياه الخفية (لذلك يهرب من الاعتراف بأي تقصير أو ضعف)، ويرتعب جداً بل ويرتعد من أي شيء يمس كرامته أو ذاته وعلى الأخص الموت (وهذا عكس المعنى الأساسي للإيمان والذي هو = الثقة في الرب القيامة والحياة)، وهذا الخوف مظهر من مظاهر حُب الذات والانحصار فيها، لذلك فهوَّ يقف ضدّ الإيمان ويضعفه ويحرم الإنسان من ثمره الثمين. والخطورة الأعظم تظهر حينما يدخل الإنسان في طريق التقوى قبل عودة النفس لله والإيمان بالمسيح الرب وتجديد القلب والحصول على الكنز السماوي وارتداء الثوب المقدس أي لبس المسيح، لأنه سيلبس شكل التقوى ومظهر التواضع، لكنه في باطنه متكبراً منكراً قوة التقوى وليس لها أي فاعليه في حياته، لأن المظهر والشكل يحمي ذاته ويصونها ضد التبكيت الإلهي، وضد كلام الناس، حتى يظل منحصراً في ذاته حاميها بشكل القداسة الصوري الوهمي الذي يُحيطها به من كل جانب. أما الإيمان في ذاته هوَّ خروج عن الانحصار في الذات، وفيه إنكار للنفس من جهة قدراتها المُزيفة وتعريتها من شكل التقوى الظاهرية، والوقوف بكل شجاعة أمام الله الحي في المخدع وكشف القلب – بكل ما فيه – أمام كلمة الحياة بكل جرأة لإدانة الخطية بالصليب، وذلك لكي تدخل النفس في سرّ قيامة يسوع فتسري حياته فيها، وهذا عادةً يكون بدافع محبتنا لله الحي. والمؤمن الحقيقي الحي بالله هوَّ الذي سلَّم نفسه مع جسده لله (بثقة)، وهوَّ لا يخشى شيئاً قط، مُلقياً كل ثقته على مواعيد الله الصادقة: من آمن بي ولو مات فسيحيا (يوحنا11: 25). هكذا قدم إبراهيم ابنه: إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات (عبرانيين 11: 19)؛ كذلك تقدم الفتية الثلاثة إلى أتون النار غير خائفين، واثقين في الله الحي: يا نبوخذ نصَّر لا يلزمنا أن نُجيبك عن هذا الأمر، هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن يُنجينا من أتون النار المتقدة، وأن يُنقذنا من يدك أيها الملك. (دانيال 3: 16و17)، ودانيال أيضاً لما ألقوه في جُب الأسود وثق بإلهه: فأُصعد دانيال من الجُب ولم يوجد به ضرر لأنه آمن بإلهه. (دانيال 6: 23)، وطبعاً الذي يثق في الله الحي لا يهمه موته من حياته حسب الجسد، أنما كل ما يهمه أن يصير أميناً لله ويتقيه:
ولكي نُدرك خطورة هذا الخوف وضرره على حياتنا الروحية، يجب أن ننظر لهذه الآية بتركيز شديد:
وربما نتعجب أن الخائفين وُضعوا في رأس هذه القائمة المرعبة، ولكن سبب ذلك: أن الخوف هوَّ الذي يُسقطنا في جميع هذه الخطايا المذكورة، لأن الخوف هنا هو رأس هذه الخطايا كلها وهو الذي يجعلنا تحت العبودية وبالتالي سلطان الموت والفساد، لذلك أتى المسيح الرب ليُخلصنا منه: + ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية (عبرانيين 2: 15) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|