تأملات في سفر الرؤيا21..باب مفتوح في السماء
السبت 19 يوليو 2014 بقلم المتنيح قداسة:البابا شنودة الثالث
قال القديس يوحنا الرائي:
بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلااصعد إلي ههنا فأريك مالابد أن يصير بعد هذا, وللوقت صرت في الروح.وإذا عرش موضوع في السماء وعلي العرش جالس ,وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد,وحول العرش أربعة وعشرون عرشا.. ورأيت علي العرش أربعة وعشرين شيخاكاهناجالسين متسربلين بثياب بيض,وعلي رؤوسهم أكاليل من ذهب ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله...رؤ4:1-5.
+++
لقد تدرج الرب مع رسوله يوحنا ولم ينقله دفعة واحدة إلي السماء.
إنما في الأول ظهر له علي الأرض وهو في جزيرة بطمس ولم يظهر له في عرشه وإنما شبه ابن الإنسانرؤ1:13ولكن في رؤيا عجيبة:شعره أبيض كالثلج وعيناه كلهيب نار,ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها رؤ1:16,14وبعدما تكلم مع يوحنا ونما يوحنا في الروح فتح له بابا في السماء لكي ينظر ثم قال له كلمة عجيبة وعميقة احترت في فهمها وهي:اصعد إلي ههنا فأريك مالابد أن يصير بعد هذا..
حقا كيف يمكنه أن يصعد من الأرض إلي السماء ويدخل من ذلك الباب المفتوح في السماء؟هنا يقول القديس يوحنا وللوقت صرت في الروح...
+++
إن القديس بولس الرسول حينما صعد إلي السماء الثالثة وسمع كلمات لاينطق بها,ولايسوغ لإنسان أن يتكلم بها قال عن حالته وقتذاك في الجسد أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم2كو12:3,2لم يكن القديس بولس يعرف كيف تم ذلك؟وكيف كان حالته الروحية في ذلك الوقت.. كذلك القديس يوحنا الرائي,قالصرت في الروحولم يقل بعدها صعدت إلي السماء ورأيتإنما من تواضعه اكتفي بأن قالوللوقت إذا أمامي عرش..طبعا هذا الذي رآه حينما صعد إلي السماء بناء علي قول الرب لهاصعد إلي هنا فأريك....
+++
ليتنا نلاحظ هذا التدرج في العلاقة بالروح:
في الرؤيا الأولي قال عن نفسه كنت في الروح في يوم الربرؤ1:10
والآن يقول صرت في الروحرؤ4:2فما الفرق بينهما؟
هنا سيكون في اعلانات أسمي وفي مناظر أعظم وأعلي وأعمق..
لذلك يحتاج إلي دفعة روحانية أخري,تعطيه قامة روحية أعلي يستطيع بها أن يصعد إلي السماء ويري أشياء عالية جدا ويكتبها..
من أجل هذا قالفصرت في الروحأي أخذت دفعة روحية أكبر أن رسل الرب كانت لهم علاقة متطورة مع الروح ,نفخ الرب في وجوههم وقال لهماقبلوا الروح القدس من غفرتم لهم خطاياهم غفرت لهميو2:23,22
فأخذوا سلطان الكهنوت وفي يوم الخمسين حل الروح القدس عليهم كألسنة من نارأع2فأخذوا موهبة التكلم بألسنة وكرزوا ونجحوا في الكرازة.
ثم بعد ذلك كانت لهم عطايا أخري من الروح فنسمع كلمة الامتلاء من الروح وعبارة القديس يوحنا الرائي فصرت في الروح.
+++
لقد أخذوا نفخة الروح وحل عليهم الروح,وامتلأوا من الروح وصاروا يأخذون من الروح أكثر..ونحن ماهو وضعنا؟
نقرأ عن هؤلاء الآباء الرسل فتصغر نفوسنا بالمقارنة.
أن القديس بولس الرسول علي الرغم من كل ما أخذه من الروح وعلي الرغم من اختطافه إلي السماء الثالثة فأنه يقولأيها الإخوة أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت ولكني أفعل شيئا واحدا:إذ أنا أنسي ماهو وراء وامتد إلي قدام أسعي نحو الغرض..في3:14,13
ما هو هذا السعي إلي قدام الذي يسعاه هذا الرسول العظيم؟!
ونحن ههنا قابعون علي الأرض:لم نصعد إلي شيء مما صعدوه لم ننل شيئا مما نالوه لكننا نقرأ عن سيرهم ونتأمل..
+++
يقول القديس يوحنا الرسول نظرت وإذا باب مفتوح في السماءأن أول شخص رأي هذا الباب المفتوح في السماء هو يعقوب أبو الآباء.
وذلك حينما رأي سلما بن السماء والأرض ورأي الملائكة صاعدين ونازلين عليه ومن أعلاه كلمة الله فقال أبونا يعقوب ما أرهب هذا المكان!ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماءتك28:17.
إنها أول مرة نقرأ فيها عبارةباب السماءوهوذا القديس يوحنا الرائي يقول نظرت وإذا باب مفتوح في السماء.
أما نحن فننظر إلي السماء ولانري إلا السحب والغيوم وقد نري الشمس والقمر والنجوم وليس أكثر أما القديس يوحنا فرأي بابا مفتوحا في السماء وأي سماء؟أنها التي قيل عنهاالسماء كرسي اللهمت5:34أي عرش الله.
وكان القديس يوحنا أول من شرح لنا ماهو داخل باب السماء.
+++
إنه شرح ذلك بعد أن قال الربمن يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي ,كما غلبت أنا أيضا وجلست مع أبي في عرشهرؤ3:21
وهنا يبدو التتابع بين آخر الإصحاح الثالث من سفر الرؤيا وأول الإصحاح الرابع منه.
القديس يوحنا رأ ي عرش الله ووصفه وتمتع بمذاقة الملكوت.
كثير من القديسين يتمتعون بمذاقة الملكوت وهم علي الأرض بل لقد قال بعض الآباء الذي لايذوق ملكوت الله علي الأرض لايمكن أن يتمتع به في السماءلاحظوا أنه قالملكوت الله وليس ملكوت السموات ذلك لأن ملكوت الله داخلكمفي القلب وفي العقل.
وما أجمل ماقاله داود النبي في مزاميره عن مذاقة الملكوت قولهذوقوا وانظروا ما أطيب الربمز34:8.