منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 09 - 2023, 01:09 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

الإرْشَاد الأخوي (متى 18: 15-20)






الإرْشَاد الأخوي (متى 18: 15-20)



في خطاب يسوع الرابع والأخير في إنجيل متى يوصي يسوع تلاميذه بعدم احتقار الخروف (الأخ) الضال، بل يجب القيام بالإصْلاح الأخوي (متى 18: 15-20) الذي هو من أهم قواعد الحياة المسيحية الأساسية. لانَّ الكنيسة ليست مكوًنة من جماعة أبرار فقط، بل من جماعة خاطئين أيضًا. والغاية من الإصْلاح أن تُعيد أخاك إلى الجَّماعَة المجتمعة باسم المسيح لتصلي وإيَّاه معاً. ومن هنا تأتي أهمية البحث في الإرْشَاد الأخوي، وأهميته في صلاة الجَّماعَة. ويقوم الإرْشَاد الأخوي بحسب تعاليم المسيح في إنجيل متى على ثلاثة خطوات:



الخطوة الأولى: الإرْشَاد الفردي (متى 18: 15)



"إذا خطئ أخوك، فاذهب إليه وانفرد به ووبّخه. فإِذا سمع لك، فقد ربحت أخاك" (متى 18: 15). يطالب يسوع في هذه الآية إلى التَّكلم شخصيًا مع الأخ المُخطئ وإخباره عن فعلته السيئة، بهدف مساعدته على إدراك أفعاله وتصرفاته: لان سلوكه الخاطئ، فهو لا يُسئ فقط إلى شخصٍ واحدٍ، بل إلى كل الجَّماعَة التي ستتأثَّر بشهادته السيِّئة. ويسوع يُبَرِّر ذلك كوننا "إخوة". نحن إذن أمام مسألة تخصُّ وَحدة الكنيسة وهويتها.



انطلاقا مما سبق لا يطلب يسوع تشريح المُذنب، بل إصلاحَه، لا يطالب الفصل الفوري للخاطئ، بل توصية بألا نتحوّل عن المُسيء إلى بغض والأخذ بالثأر بذكر أخطائه في غيابه وتشهيره أمام الآخرين، أو أن نذيع عنه الإشاعات، لان هذا الأمر لا يُعتبر إصلاحًا ، بل نميمة واغتيابًا وكراهية؛ وهذه الأمور غير لائقة بتلاميذ المسيح، ويُعلق القديس أوغسطينوس " لكي نستطيع أن نتمِّم ما قد أُمرنا به يسوع اليوم يُلزمنا قبل كل شيء أن نبتعد عن الكراهية، لأنه عندما لا تكون هناك خشبة في عينك تقدر أن ترى حقًا ما بعين أخيك، كما جاء في تعاليم يسوع "كيفَ يُمكِنُكَ أَن تَقولَ لأَخيكَ: يا أَخي، دَعْني أُخرِجُ القَذى الَّذي في عَينِكَ، وأَنتَ لا تَرى الخَشَبَةَ الَّتي في عَينِكَ؟ أّيُّها المُرائي، أَخرِجِ الخَشَبَةَ مِن عَينِكَ أَوَّلاً، وعِندَئذٍ تُبصِرُ فتُخرِجُ القَذى الَّذي في عَينِ أَخيك" (لوقا 6: 42). من المهم قبل أن نُقّدم النصح والإصْلاح للآخرين، لا بُدُّ للإنسان أن يفحص حياته ويرى فيها النواقص ويبدأ بإصلاح نفسه. مَن هو منقسم على ذاته ويَملك قلبًا "مزدوجًا" لا يمكنه إلا أن يخلق انشقاقًا حوله. أمَّا الذي قلبه مُوحّدٌ فانَّه يزرع الوَحدة.



النور الذي فيك لا يسمح لك بإهمال نور أخيك. أمّا إن حمَلتَ فيك كراهيّة، وتريد إصلاحه، فكيف تصلح نوره وأنت فاقد النور! إذ يقول الكتاب المقدّس: "كُلُّ مَن أَبغَضَ أَخاه فهو قاتِل" (1يوحنا 3: 15). كما يقول أيضًا من "مَن يُبغِضُ أَخاه لم يَزَلْ في الظَّلام إلى الآن" (1 يوحنا 2: 9). فالبغض إذن هو ظُلمة، فمن يكره الآخرين إنّما يُضر نفسه أولًا، مُفسدًا داخله". لقد أراد السيِّد أن يدخل بتلاميذه إلى حياة الإرْشَاد، بعيدًا عن روح الانتقام، لانَّ الانتقام ينزع عنا عطيّة الله العُظمى، والكراهيّة وتحجبنا عن ملكوت السَّماوات. وفي الوقت نفسه يتوجب علينا ألاَّ نتهرب من مسؤوليتنا مُجيبين الله بنفس جواب قايِن عندما سأله أين أخوك فأجاب "أَحارِسٌ لأَخي أَنا؟" (التكوين 4: 9). وكأنّ قايِن يقول: لم أختر لي أخًا بل أنت يأرب اخترته، فلمَ يُطلب إليّ أن أعتني به؟ ومن هنا جاء قول الفيلسوف الجاحد جان بول سارتر "الآخر هو الجحيم". أمّا في الكتاب القدس يّقدِّم الأخ كطريق إلى الذات، ورجاء السَّماء. جعلني الله رقيبًا لأخي، لكي أحبّه وأصلحه، وحين أجتمع بأخي يكون الله معنا فتصير الأرض سماءً.



من هذا المنطلق، يسوع يطالب الأخ الذي لاحظ "خطيئة" أخٍ آخرٍ، أن يذهب إليِّه ويُقابله وجهًا لوجهٍ على انفراد ويعاتبه "لأن العِتاب صابونُ القلب"، ولانَّ معاتبة الأخ خيرٌ من فقده. وجاء في الحديث الشريف "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا": إن كان ظالمًا فلينْهه، وإن كان مظلومًا فلينصره. فمن الضروري أن يتوصل الأخ المُخطئ أن يعرف أخطاءه ويستوعب حقيقة الشَّر الذي يسكن فيه، وهذا الأمر يُعد خطوة ضرورية للمصالحة وعودته للوحدة مع جماعته. لانَّ الشر يبقى مستترًا، وعمل الروح القدس من خلال الأخ المؤمن يسعى أن يفضحه ويكشفه أمام ضمير الأخ الخاطئ. لذلك يقوم بنصحه بسريَّة وتكتم ٍ للحفاظ على سمعته وشرفه، وليُتيح له فرصة لاستعادة العلاقة مع الجَّماعَة.



السِّرِّيَّة هنا هامة لعودة الصَّفاء للمخطئ، أمَّا التشهير فيزيده عنادًا. ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم " لم يقل السيد: اذهب اتَّهمه أو انصحه أو أطلب منه تصفية الحساب معه، وإنما (عاتبه) مخبرًا إيّاه بخطئه، وما هذا إلاّ تذكيره بما أخطأ به". ويقول البابا فرنسيس في زيارته إلى كولومبيا "إنّ المسامحة لا تُفرَض، بل يجب أن تُولد من القلب". فكلمة "أخوك" هو الأخ القريب وخاصة الأخ المُؤمن. وفعل "وبّخه" لا بمعنى أنه يودّ تأكيد خطأه، أو ينتظر أن يعتذر له، إنما يخاطبه لثقته بمحبته مُبيِّنًا الأمر أمامه مع لومه لخطيئته لكي يعطي له الفرصة لمراجعة نفسه بلا عناد؛ وذلك ليحمله إلى التَّوبة للرَّبّ لا للاعتذار ولكي يُنقذه من الخطأ ويربحه كعضوٍ معه في جسد المسيح السِري. وفي هذا الصدد قال بولس الرسول " وهذا كُلُّه مِنَ اللهِ الَّذي صالَحَنا بِالمسيح وأَعْطانا خِدمَةَ المُصالَحَة، ذلك بِأَنَّ اللهَ كانَ في المَسيحِ مُصالِحًا لِلعالَم وغَيرَ مُحاسِبٍ لَهم على زَلاَّتِهم، ومُستَودِعًا إِيَّانا كَلِمَةَ المُصالَحَة" (2 قورنتس 5: 18-19).



أمَّا كلمة ربحت فلا يُراد به الرِّبح للإيمان، ولا المحافظة عليه في عداد الأصدقاء، بل استبقاؤه بين أعضاء الجَّماعَة المؤمنة التي أوشك أن يهجرها أو يُفصل عنها. فكل أخٍ هو أخ لك في الجَّماعَة المسيحية لا يقدّر ولا يعوّض، لذا لا يجوز فقدانه بكل سهولة وخِفَّة، فعودته إلى الجَّماعَة يحقِّق وعد المسيح القائم " فَحَيثُما اجتَمَعَ بِاسمِي، كُنتُ هُناكَ بَينَهم"(متى 18: 20).



المسيحيون بحكم انتمائهم إلى الرب، هم رُقباء بعضهم على بعض للحفاظ على وحدة الجَّماعَة. والرقيب هو من راقب الناس إصلاح ما فسد. وكما أقام الله حزقيال النبي رقيباً لآل إسرائيل كذلك أقامنا يسوع رقباء كل واحد للآخر لكي ننذر المنافق للتوبة عن طريقه لئلا يموت بإثمه. " فإِذا قُلتُ لِلشَرير: يا شِرير، إِنَّكَ تَموتُ مَوتًا، ولم تَتَكَلَّمْ أَنتَ مُنذِرًا الشِّرِّيرَ بِطَريقِه، فذلك الشَريرُ يَموتُ في إِثمِه، لكِنِّي مِن يَدِكَ أَطلُبُ دَمَه. أَمَّا إِذا أَنذَرتَ الشَريرَ بِطَريقِه لِيَرجِعَ عنه ولم يَرجِعْ عن طَريقِه، فهو يَموتُ في إِثمِه، لكِنَّكَ تَكونُ قد خلَصتَ نَفْسَكَ." (حزقيال 33: 8-9). وجاء في رسالة القديس يعقوب ما يؤكد ذلك: " يا إِخوَتي، إِن ضَلَّ بَعضُكم عنِ الحَقّ ورَدَّه أَحَدٌ إِليه، فاعلَموا أَنَّ مَن رَدَّ خاطِئًا عن طريقِ ضلالِه خَلَّصَ نَفْسَه مِنَ المَوت وسَتَرَ كَثيرًا مِنَ الخَطايا" (يعقوب 5: 19-20). ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "إنّ المسيح لم يقل إنك تنال انتقامًا كافيًا بل تربح أخاك، مظهرًا وجود خسارة مشتركة لك وله بسبب العداوة، إذ لم يقل "يربح نفسه" بل "تربح (أنت) نفسه" مظهِرًا أن الخسارة قد لحقت قبلًا بالاثنين، الواحد خسر أخاه والآخر خسر خلاصه" كما يقول حزقيال النبي: "إِذا أَنذَرتَ الشَريرَ بِطَريقِه لِيَرجِعَ عنه ولم يَرجِعْ عن طَريقِه، فهو يَموتُ في إِثمِه، لكِنَّكَ تَكونُ قد خلَصتَ نَفْسَكَ " (حزقيال 33: 9).



من كان عِدائيًّا تُجاه أخيه الّذي يعاني من صعوبات ما، ونصب له فخًّا لضعفه مهما كان نوعه، فإنّه يُخضع نفسه لشريعة الشَّيطان. يعلق الراهب إسحَق النجمة قائلاً: " لِمَا لا أتحمّله بصبر، لِمَا لا أعزّيه من كلّ قلبي حسب ما ورد في الكتاب " المحبة تَعذِرُ كُلَّ شيَء وتُصَدِّقُ كُلَّ شَيء وتَرْجو كُلَّ شيَء وتَتَحمَّلُ كُلَّ شيَء"؟ (قورنتس 1كور13: 7). في كلّ الأحوال، هذه هي شريعة الرّب يسوع المسيح. في آلامه "قَد حَمَلَ هو آلاَمَنا " وبرحمته "احتَمَلَ أَوجاعَنا" (أشعيا 53: 4). أحبّ الّذين حمل وحمل الّذين أحبّ" (العظة 31).


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أهمية الإرْشَاد في صلاة الجَّماعَة (متى 18: 19)
لفت نظر الكنيسة في حالة رفض الخاطئ الإرْشَاد
الإرْشَاد مع الكنيسة
الإرْشَاد مع شهود
أراد السيِّد أن يدخل بتلاميذه إلى حياة الإرْشَاد


الساعة الآن 09:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024