قال السيد المسيح "أنا في الآب والآب فيَّ" وقال أيضًا "أنا والآب واحد" فهل هذا يجيز لنا أن نقول انه مادام الابن تجسد فالآب أيضًا تجسد؟
ج: نحن لا نفصل بين الأقانيم الثلاثة الآب والابن والروح القدس من ناحية الزمان أو المكان. الآب في الابن والابن في الآب. والروح القدس هو روح الآب والابن، فالأقانيم الثلاثة قائمون بلا افتراق في الجوهر الإلهي الواحد، وكل ما نفعله هنا إننا نميز بين عمل كل منهم، فالتجسد هو عمل الابن وليس عمل الآب ولا عمل الروح القدس كقول الكتاب "في ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة" (غل 4: 4) "فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو 1: 35) والتمييز بين الأقانيم أمر منطقي، فالإنسان مثلًا واحد ولكن عندما يتكلم فإن اللسان هو الذي يجسد الكلمات وليست اليد أو العين ولذلك ننسب الكلام للسان وليس لليد أو العين، وعندما يأكل الإنسان فان هذا العمل ينسب للجسد وليس للروح . وعندما يحل مشكلة فان هذا العمل يُنسَب للعقل، وعندما يحيى ويتحرك فان هذا عمل الروح.
قال البابا كيرلس السادس "ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي تفضل في ملء الزمان ونظر إلى ذلنا ونزل إلى أرضنا، وعاش بيننا كأنه واحد منا، وشابهنا في كل شيء فيما عدا الخطية وحدها. انه الأزلي الأبدي الكائن مع الآب والروح القدس في جوهر واحد وطبيعة إلهية واحدة.. فالأقانيم ثلاثة ولكن الله واحد، والأقنوم الثاني هو الذي نزل من السماء وحلَّ في بطن السيدة العذراء مريم، واتخذ منها جسدًا، وهكذا اتحد لاهوت الكلمة بالناسوت الذي أخذه من مريم، وصيَّره واحدًا معه بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.. ومن ثم فان المولود من مريم العذراء هو ابن الله بالحقيقة.. لقد وُلِد المسيح وليس له ابتداء، وتجسد ولم يزل هو الكائن الذي كان والدائم إلى الأبد حقًا" (1).