|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري العدد 32 - تفسير سفر العدد أراضى شرق الأردن كان سبط رأوبين وجاد تحت مظلة راية واحدة أي لهم نفس المحلة. ولما أتوا إلى أرض جلعاد وهي التي كان يملكها عوج وسيحون ملوك الأموريين، رأوا أنها أرض رعى وهم يملكون مواشىٍ كثيرة فطلبوا أن يقيموا بها عوضًا عن عبور الأردن وهى أرض جيدة, ولكن المشكلة أنهم هم الذين اختاروا ولم يتركوا الاختيار لله فكانوا مثل لوط حينما اختار أرض سدوم وعمورة لجودتها، فكان إختيار بشرى بحسب المنظر وكان الله قد أعد لهم أرضا عبر الأردن. وغالبًا فقد طلب معهما نصف سبط منسى نفس الطلب. وإذا كان عبور الأردن يشير لعبورنا إلى السماء فليكن اختيارنا هو السماء ولا نطلب نصيبًا أرضيًا، بل أن تكون لنا شهوة أن ننطلق ونكون مع المسيح فذاك أفضل جدًا. وجلعاد هي كل منطقة شرق الأردن وهي أرض غابات وحقول ووديان ومجارى مياه. تصلح للرعي (نش 1:4، 5:6) تشتهر بنوع من الأشجار يخرج منه مادة صمغية تسمى بلسان جلعاد ذات خواص طبية وقيل أن عصيره كان يستخدم كعلاج للالتهابات (ار22:8 + 11:46 + تك25:37) وكان أنه حين اختار سبط رأوبين وجاد بحسب المنظور البشرى فقدا نصيبهما في الأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا وحصلا على أرض بلا حدود طبيعية تحميهم من هجمات الأعداء حتى إضطر إخوتهما للتدخل لإنقاذهما (1 صم1-10 + 1مل3:22) بجانب بُعد الأرض عن الجماعة فصارا كمن في عُزلة. بل كانا أول من أسَرَهم ملك أشور (1 أي 26:5) والأكثر من هذا كله كان انفصالهم عن إخوتهم يسبب حربًا بينهم وبين بقية إخوتهم (يش 22). هذا إذن جزاء شهوة العيون وتعظم المعيشة (1يو 6:2) وبالرجوع إلى (اش2:15 + أر 19،18:48) نجد أن بعض المدن المذكورة هنا قد سقطت في يد موآب. ويُقال أن هناك سبب نفسي لإختيار السبطين لأرض جلعاد هو شعور رأوبين ابن يعقوب أنه فقد بكوريته وجاد هو بكر زلفة الجارية وإحساس منسى أن أخاه افرايم يفوقه في البركة. فحاول هؤلاء بعد أن شعروا أن نصيبهم سيكون قليلًا إذ ليسوا في قوة الآخرين وهم يشعرون أنهم أحق كأبكار أن يختاروا لأنفسهم. وللعلاّمة أوريجانوس تأمل لطيف فهو يرى: أن السبطين ونصف السبط الذين لم يعبروا نهر الأردن إشارة لكنيسة العهد القديم وهي كنيسة واحدة مع كنيسة العهد الجديد لكنها ليست في غنى بركات كنيسة العهد الجديد التي عبرت مياه المعمودية وحملت في وسطها المقدسات هي صورة رائعة للجنس البشرى المؤمن، جزء نال نصيب خلال الناموس (موسى) حيث تمت الغلبة على يديه(أى في أيام قيادته) على عوج وسيحون ووزّع أملاكهما على السبطين ونصف. أما الجزء الأعظم فقد تحقق على يدي يشوع (يسوع) الذي دخل بهم إلى الأرض عينها التي تفيض لبنًا وعسلًا. الأولون أبكار لكنهم نالوا ميراث موسى أما الآخرون فنالوا ميراث يشوع (المسيح ربنا). والسبب الذي قيل لاختيارهم هذه الأرض أن لهم مواشي كثيرة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فلا يستطيع الإنسان الطبيعي أن يقبل ما لروح الله، لأن عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه " (1كو14:2) لذلك فهؤلاء اختاروا لأنفسهم وصاروا غرباء عن الأرض المقدسة. فالمواشي الكثيرة تشير لارتباط شعب العهد القديم بالأمور الجسدية الملموسة الآيات 5-15:- ثم قالوا ان وجدنا نعمة في عينيك فلتعط هذه الأرض لعبيدك ملكا ولا تعبرنا الاردن. فقال موسى لبني جاد وبني راوبين هل ينطلق اخوتكم إلى الحرب وانتم تقعدون ههنا. فلماذا تصدون قلوب بني إسرائيل عن العبور إلى الأرض التي أعطاهم الرب. هكذا فعل اباؤكم حين ارسلتهم من قادش برنيع لينظروا الارض. صعدوا إلى وادي اشكول ونظروا الأرض وصدوا قلوب بني إسرائيل عن دخول الأرض التي أعطاهم الرب. فحمي غضب الرب في ذلك اليوم واقسم قائلا. لن يرى الناس الذين صعدوا من مصر من ابن عشرين سنة فصاعدا الأرض التي اقسمت لإبراهيم و اسحق ويعقوب لأنهم لم يتبعوني تماما. ما عدا كالب بن يفنة القنزي ويشوع بن نون لانهما اتبعا الرب تماما. 13- فحمي غضب الرب على إسرائيل واتاههم في البرية اربعين سنة حتى فني كل الجيل الذي فعل الشر في عيني الرب. فهوذا انتم قد قمتم عوضا عن ابائكم تربية اناس خطاة لكي تزيدوا أيضًا حمو غضب الرب على إسرائيل. اذا ارتددتم من ورائه يعود يتركه أيضًا في البرية فتهلكون كل هذا الشعب. لاحظ في تأنيب موسى لهم على هذا الإختيار أنه يهتم بدخولهم أرض الميعاد وهو نفسه يعلم أنه محروم منها فالخادم الحقيقي يهتم بخلاص نفوس الآخرين غير عابىء بمشاكله الشخصية ونلاحظ مرونته وحواره معهم وليس في تشدد. وكان الأمر الذى أحزن قلب موسى قولهم ولا تعبرنا الأردن (5) وهو الذي عاش 40 سنة يشتهى عبوره، وما أقسى على قلبه أن يشعر بهم يحتقرون أرض الموعد تاركين ميراث الله من أجل شهوة قلوبهم الزمنية، مهتمين بمواشيهم ولم يهتموا بمواعيد الله ولا أن يساندوا إخوتهم. الآيات 16-19:- فاقتربوا إليه وقالوا نبني صير غنم لمواشينا ههنا ومدنا لاطفالنا. واما نحن فنتجرد مسرعين قدام بني إسرائيل حتى ناتي بهم إلى مكانهم ويلبث اطفالنا في مدن محصنة من وجه سكان الارض. لا نرجع إلى بيوتنا حتى يقتسم بنو إسرائيل كل واحد نصيبه. اننا لا نملك معهم في عبر الاردن وما وراءه لان نصيبنا قد حصل لنا في عبر الاردن إلى الشرق. هذا عرض جديد منهم لاقى قبول موسى. بل عرضوا أن يكونوا في مقدمة إخوتهم وفي هذا صاروا ممثلين لكنيسة العهد القديم التي لم تنطلق إلى أرض الموعد بل ساندوا إخوتهم من خلال كتبهم ونبواتهم وإيمانهم. وقد ذهب منهم لكنعان 40.000 بينما أن عددهم أكبر من 100.000. آية20:- فقال لهم موسى ان فعلتم هذا الأمر ان تجردتم أمام الرب للحرب. موسى هنا يؤكد أنهم أمام الرب إذًا هم يحاربون كإعلان لخضوعهم وجهادهم امام الرب. آية39:- و ذهب بنو ماكير بن منسى إلى جلعاد واخذوها وطردوا الاموريين الذين فيها. لعل نصف سبط منسى حين وجد جاد ورأوبين قد امتلكوا تشجع وفتح بعض البلاد فصارت لهم أو كانوا ضمن الاتفاق ولم يُذكروا إلا مؤخرًا. |
|