|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأقباط البشموريون...حلقة تاريخية مفقودة لم يخل تاريخ مصر من الاستعمار في معظم عصوره,ولم يكف المصريون أيضا عن الدفاع عن حقوقهم والوقوف أمام الحكام الأجانب وقد يكون التاريخ مغيبا عن دفاع الأقباط إلا أن هناك العديد من المصادر التاريخية التي تشير إلي ثورة الأقباط ضد الولاة الأمويين والعباسيين منذ منتصف القرن الثامن وحتي منتصف القرن التاسع...ولأن هؤلاء المناضلين كانوا أقباطا لم يتم التنويه عنهم في كتب التاريخ. يبدأ تاريخ الفتح الإسلامي بمصر عام 640 حينما جاء العرب بقيادة عمرو بن العاص وفي البداية اعتنق بعض المسيحيين الإسلام إما برضاهم أو بسبب اضطهاد الحكام المسلمين لهم. وأعقبت هذه الفترة عدة ثورات قام بها الأقباط نتيجة للضرائب الباهظة التي كانت تفرض عليهم لأنهمأهل الذمة الذين يعتنقون ديانة مخالفة للديانة الرسمية للبلاد,هذا بالإضافة إلي تدخل الحكام المسلمين في شئون الأقباط والتي من بينها اختيار البطرك. ففي الفترة بين724-727مقام الأقباط في منطقة شرق دمياط بالثورة علي الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بسبب فرض الضرائب الباهظة وتم هم جميعا,ثم جاء عبد الملك بن موسي واليا علي مصر وأرغم الأقباط أيضا علي دفع ضرائب باهظة وقام الملك النوبي قرياقوس بالاتجاه بجيشه نحو الشمال إلي أن بلغ الفسطاط عاصمة مصر في تلك الآونة,الأمر الذي دفع عبد الملك أن يطلب من البطرك التدخل حتي لايطيح ملك النوبة به,وبالفعل تراجع الملك قرياقوس طاعة لأوامر البطرك. ثم جاء الوالي عبد الملك بن مروان آخر الخلفاء الأمويين هاربا من دمشق إلي مصر وذلك لأن قائد الجيش الخوراساني أبو العباس كان متجها إلي دمشق لمحاصرة المدينة غير أن بن مروان وجد أن مصر تشهد أزمة اقتصادية عنيفة وكان أقباط بشمور ثائرين ضد الخلافة الأموية واختاروا مينا بن بوقيرة قائدا للجيش وقاموا بقتل جابي الضرائب ورفضوا الإذعان لدفع الضرائب مما عرض البطرك للاضطهاد. انتهت المعركة الأولي بين البشموريين والأمويين بفوز الأقباط مما دفع بن مروان لزيادة أعداد المقاتلين وعندما فشلوا في اختراق صفوف الأقباط والاستيلاء علي حصونهم قرر بن مروان أن يضغط علي البطرك لاستخدام نفوذه حتي ينسحب البشموريون من المعركة ولكنهم لم يستمعوا له فاعتقد بن مروان أن البطرك هو الذي حثهم علي القتال فتم القبض عليه والقي في السجن. غير أنه في بداية العصر العباسي تمتع الأقباط بحرية العبادة المطلقة وتم الإفراج عن الأساقفة المحتجزين والمسيحيين المظلومين وساد البلاد نوع من الاستقرار ولكن سرعان ما تغيرت الأحوال خاصة بعد تولي الليث بن الأفضل803-799حكم مصر,فقام الأقباط في منطقة حوف بالثورة لأنهم شعروا بالظلم أثناء قياس الأراضي الزراعية التي يملكونها ورغم إنهم كسبوا المعركة في البداية إلا أن العباسيين عاقبوهم أشد عقوبة. وشهدت مصر في تلك الفترة أسوأ مراحلها السياسية والاقتصادية حتي أن الثورة أصبحت مصرية من جانب المسلمين والمسيحيين علي حد سواء للإطاحة بالولاة العباسيين المستبدين.وفي تلك الآونة كان الطاهر بن الحسين رئيسا للجيش وتطلع ابنه عبد الله أن يحل مكانه ولكن طلبة قوبل بالرفض من قبل الخليفة فذهب إلي مصر عام 818 حيث انضم إليه عدد من المصريين وساندوه حتي يكون خليفة علي مصر وكان له ذلك إلا أنه أقام عيسي بن جلودي أمينا علي خزانة الدولة والذي فرض ضرائب باهظة علي البطرك ولم يستطع دفعها وما كان من أقباط بشمور إلا أن قتلوا بعض الجنود العرب الذين كانت مهمتهم جمع الضرائب بالإكراه وبدأت الثورة. وفي عام 823 بدأ المسلمون والأقباط معا في الدلتا يضيقون بسياسة الاستبداد فأعلنوا عدم الخضوع للولاة العباسيين,ثم جاء الخليفة المأمون إلي مصر ووضع حدا لهذه الاضطرابات وطلب من البطرك القبطي يوساب الأول والبابا ديونيسيوس الأنطاكي أن يقنعا البشموريين بإنهاء الثورة وبالفعل كتبا خطابات موجهة للشعب القبطي لتهدئة الأمور والإذعان للخليفة ولكنهم استمروا في الهجوم وهزموا جيش المأمون في أكثر من معركة حتي تولي المأمون بنفسه قيادة الجيش وألحق بهم الهزيمة وانتقم لجيشه فأقتحم جميع المدن والقري المجاورة وأحرقها وقتل أطفالهم وسبي النساء ودمر جميع الكنائس وغادر أقباط بشمور مصر إلي بغداد عاصمة الدولة العباسية آنذاك ولم يذكر تاريخ مصر أي شيء عن بشمور بعد هذه الواقعة. ويقة أن حدود بشمور لم ترصدها بالتحديد جغرافيا مصر,فتاريخ البطاركة يشير إلي أنها تقع شمال الدلتا جنوب بحيرة البرلس أما بن هوكل وهو أحد الكتاب العرب فيقول أنها تقع شمال منطقة دسوق وكفر الساقية وفي مخطوطات أخري ذكر أنها بين دمياط وأشمون.ولذلك يمكن القول إن البشموريين خليط من الأقباط واليونانيين الذين سكنوا جنوب بحيرة البرلس بين فرعي رشيد ودمياط. ونتيجة للثورات التي قام بها الأقباط أصدر الخلفاء أمرا في العالم الإسلامي بتنحية جميع الأقباط من المراكز المهمة بالدولة وعدم تبوئهم أي منصب رسمي ورغم ذلك فإن كثيرا من الحكام أبقوا علي موظفيهم المسيحيين لأنهم كان مشهودا لهم بالاستقامة والأمانة كما ألقت هذه بة التاريخية الضوء علي دور الآباء البطاركة الذين تقلدوا كرسي الكرازة المرقسية. فبدون رعايتهم للأقباط كان من السهل تركهم البلاد بسبب الاضطهادات المتتالية التي تعرضوا لها,فكان دور البطاركة لايقتصر فقط علي الرعاية الكنسية وتدعيم الرهبانية بل حفظ وحدانية الكنيسة والوحدة الوطنية كما تدخل الآباء البطاركة لحل المنازعات بين أفراد الأسر الحاكمة فيما يخص قضايا حرية الدين والضرائب,كانت هذه الفترة أيضا درسا استفاد منه الأقباط فيما بعد,حيث ازداد تمسك الأقباط بعقيدتهم وسجل التاريخ الكنسي دراسات وتعاليم آباء الكنيسة في المجال الروحي والتاريخي ومجال العمارة والآثار والأدب واللغة.وتنبه الأقباط إلي ضرورة التعمق في كلمات الإنجيل ومعرفة الآيات التي أتي ذكرها عن السيد المسيح والمسيحية في القرآن وذلك لبناء جسور التفاهم بينهم وبين المسلمين وقد أثمر هذا التبادل الفكري القدرة علي التغلب علي المشكلات التي واجهوها فيما بعد خلال الحكم العثماني. وبعد ألف وثلاثمائة عام من دخول العرب مصر,بدأت مصر تشهد عصرا جديدا بولاية محمد علي الذي أرسله الوالي العثماني التركي إلي مصر ولأول مرة علي مدار عدة عقود تشهد مصر تقدما ملحوظا في مختلف المجالات |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الأقباط بين الهوية والعقيدة -10 |
الأقباط والفن بين الهوية والعقيدة-9 |
الأقباط والنيروز .. بين الهوية والعقيدة-5 |
الأقباط بين الهوية والعقيدة -3 |