|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إدراك خطة الله وقبول التأديب: 13 هُوَذَا كَسَحَابٍ يَصْعَدُ، وَكَزَوْبَعَةٍ مَرْكَبَاتُهُ. أَسْرَعُ مِنَ النُّسُورِ خَيْلُهُ. وَيْلٌ لَنَا لأَنَّنَا قَدْ أُخْرِبْنَا. 14 اِغْسِلِي مِنَ الشَّرِّ قَلْبَكِ يَا أُورُشَلِيمُ لِكَيْ تُخَلَّصِي. إِلَى مَتَى تَبِيتُ فِي وَسَطِكِ أَفْكَارُكِ الْبَاطِلَةُ؟ 15 لأَنَّ صَوْتًا يُخْبِرُ مِنْ دَانَ، وَيُسْمَعُ بِبَلِيَّةٍ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ: 16 «اُذْكُرُوا لِلأُمَمِ. انْظُرُوا. أَسْمِعُوا عَلَى أُورُشَلِيمَ. الْمُحَاصِرُونَ آتُونَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، فَيُطْلِقُونَ عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا صَوْتَهُمْ. 17 كَحَارِسِي حَقْل صَارُوا عَلَيْهَا حَوَالَيْهَا، لأَنَّهَا تَمَرَّدَتْ عَلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ. 18 طَرِيقُكِ وَأَعْمَالُكِ صَنَعَتْ هذِهِ لَكِ. هذَا شَرُّكِ. فَإِنَّهُ مُرٌّ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَ قَلْبَكِ». إذ ترفض النفس الكلمات الكاذبة لتقبل كلمة الله الحية تكتشف خطة الله من نحوها، خاصة من جهة تأديبها. وكما يؤكد هذا السفر في أكثر من موضع أن ما يحل بيهوذا من تأديبات خاصة السبي إنما هو بسماحٍ إلهي، لكنه هو ثمر طبيعي لشر يهوذا، وكشف عن حقيقة طبيعة الخطية التي قبلها يهوذا بإرادته. شبَّه السبي القادم بصعود أسدٍ من غابته وزحف مهلك الأمم لتخريب الأرض [7]. مرة أخرى يشبهه بهبوب ريح عاصفة سريعة التدمير: "هوذا كسحابٍ يصعد، وكزوبعة مركباته، أسرع من النسور خيله، ويل لنا لأننا قد أُخربنا" [13]. إنها صورة مؤلمة لهجومٍ عنيفٍ يثيره العدو... يظهر كسحابٍ من يقدر أن يصعد إليه ليحاربه أو يمسك به؟! وكزوبعة عاصفة قادمة من الصحراء من يقدر أن يصدها؟! وكخيلٍ له سرعة النسور من يقف أمامها؟! أليست هذههي صورة حرب عدو الخير للنفس التي تُسلم ذاتها للشر، إذ يصعد الشر في القلب بروح الكبرياء ليهوى بالإنسان إلى أعماق الجحيم، فيكون كسحابٍ مخادعٍ لا يحمل مياه النعمة التي تروي الأرض فتقدم ثمرًا، بل سحاب الكبرياء وحب المجد الباطل. إنه كزوبعة عاصفة تفقد النفس بصيرتها الروحية وقدرتها على معرفة أسرار الله، وكالخيل المسرع بعنف يحطم ويخرّب، في سرعة النسور التي تخطف الفريسة وتنطلق بها. ما يحل بنا من تأديبات إلهية هو بسماح إلهي، إذ يسمح لنا أن نذوق عربون ثمر الخطية لعلنا نرجع عنها ونلتجئ إليه. لهذا يكمل حديثه، مقدمًا علاجًا شافيًا للنفس: "اغسلي من الشر قلبكِ يا أورشليم لكي تخلصي، إلى متى تبيت في وسطكِ أفكاركِ الباطلة؟!" [14]. بالتأديب الإلهي تدرك النفس حاجتها للغسل لكي تخلص، أي لتنعم بشركة المجد... فتحمل جمال عريسها وبهاءه عليها. هذا الغسل هو من نعمة الله الغنية، لكن الله لا يغسلها بغير إرادتها، لذا يقول: "اغسلي". الأمر بين يديها، لها أن تسلم ذاتها لروح الله القدوس فيغسلها، ولها أن تبقى في خطاياها وسط عنادها وعصيانها. يقول الأب شيريمون: [في هذا كله إعلان عن نعمة الله، وحرية الإنسان، حتى متى رغب في السلوك في طريق الفضيلة يقف سائلًا مساعدة الرب]. ويرى الأب سيرينوس في هذه العبارة تأكيدًا لسلطان الإنسان على الخطية، إذ يقول: [إذا ما جاهدنا كبشرٍ ضد الاضطرابات والخطايا تصير هذه تحت سلطاننا، وفق إرادتنا، فنحارب أهواء جسدنا (الشريرة) ونهلكها، ونأسر حشد خطايانا تحت سلطاننا، ونطرد من صدورنا الضيوف المرعبين، وذلك بالقوة التي لنا بصليب ربنا، فنتمتع بالنصرة التي نراها في مثال قائد المئة روحيًا (مت 8: 9) ]. يحدثنا القديس يوحنا الذهبي الفم عن الاغتسال الداخلي، فيقول: [إن تصلي بأيدٍ غير مغسولة هو أمر تافه، أما أن تصلي بذهنٍ غير مغتسل فهو أبشع الشرور. اسمعوا ما قيل لليهود الذين انشغلوا بالدنس الخارجي: "اغسلي من الشر قلبك يا أورشليم... إلى متى تبيت في وسطكٍ أفكارك الباطلة؟!" [14]. ليتنا نحن أيضًا نغتسل لا بالوحل وإنما بماءٍ نظيف، بالصدقة لا بالطمع. لنحد عن الشر ونفعل الخير (مز 27: 27) ]. ليغتسل قلبنا، الذي هو أورشليمنا الداخلية، فيقدر على معاينة الرب، ويقبله ساكنًا فيه، بل ويبيت، عوض أفكارنا الباطلة التي استقرت واستراحت فيه زمانًا طويلًا! يعود فيذكرنا بأن التأديب قد أوشك حلوله قريبًا جدًا، إذ بلغ صوت القادمين جبل دان وانتقل بسرعة البرق إلى جبل أفرايم [15] ليبلغ أورشليم ذاتها. فلا مجال للتأخير بعد! لا يليق بها أن تلوم الرب المؤدب أو تلوم أداة التأديب، بل تلوم نفسها، إذ يقول: "لأنها تمرَّدت عليّ يقول الرب. طريقك وأعمالك صنعت هذه لكِ هذا شركِ، فإنه مرّ، فإنه قد بلغ قلبك" [17-18]. بإرادتك اخترت الشر والعصيان، فاحتلت المرارة قلبك عوض ملكوت الله المفرح! كما يقول: [لنغتسل نحن أيضًا لا بالوحل بل بماء لائق، بالصدقة لا بالطمع. لنترك الشر ونصنع الخير (مز 37: 27)]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | التأديب |
آرميا النبي | كأس التأديب |
آرميا النبي | من أجل رفع التأديب |
آرميا النبي | سرّ التأديب |
آرميا النبي | إدراك الدعوة الإلهية |