|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نزع ذكر الأشرار مِنْ تَحْتُ تَيْبَسُ أُصُولُهُ، وَمِنْ فَوْقُ يُقْطَعُ فَرْعُهُ [16]. حين يفقد الإنسان بإصراره على الشر غنى نعمة الله الفائقة، يصير كمن تجرد من أصوله، أي من آبائه المباركين، فيكون كشجرة يبست جذورها لا حياة بعد فيها. وأيضًا يفقد نسله كشجرةٍ يبست فروعها، فلا يكون فيها ثمر. هذا ما سقط فيه أشرار كثيرون، مثل يربعام وبعشا وآخاب، ولم يبقَ واحد من نسلهم حيًا. إن كانت قد يبست جذورنا، فقد قدم السيد المسيح نفسه أصلًا يفيض في داخلنا بحياته الإلهية، وتنتعش أغصاننا لتحمل ثمر روحه القدوس من محبة وفرح وسلام وطول أناة ولطف وصلاح وإيمان ووداعة وتعفف (غل 5: 22-23). جاء النص في كتابات البابا غريغوريوس (الكبير) "لتجف جذوره من أسفل، وليفسد محصوله من أعلى". * ماذا نفهم بلقب "جذوره" المختفية عن البصر، التي تنبت فرعًا يُرى علانية، إلا الأفكار غير المنظورة في القلب، هذه التي تُنتج أعمالًا منظورة؟ وهكذا أيضًا بلقب "المحصول" يشير إلى تلك الممارسة المنظورة التي تنتج عن الجذر الخفي... الإنسان الشرير يضع أفكاره في الأمور السفلية، ويتجاهل طلب ملذات الأخضرار الأبدي، وما هو هذا إلا أنه يترك "جذوره تجف من أسفل"؟ "ليفسد محصوله من أعلى"، حيث أن صبره يُحسب كلا شيء في نظر السماء، حتى وإن حُسب صالحًا في عيني الإنسان. هكذا فإن الجذور من أسفل، والمحصول من أعلى، وذلك بأن نرسل أولًا الأفكار الصالحة هنا، حتى نتأهل يومًا ما لنوال ثمر أعمالنا الصالحة في مكافأة أبدية. البابا غريغوريوس (الكبير) ذِكْرُهُ يَبِيدُ مِنَ الأَرْضِ، وَلاَ اسْمَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَرْ [17]. ليس ما يشغل ذهن إبليس مثل المجد الباطل، فبسببه تمرد على الله وسقط. وبسببه يحارب بني البشر ظانًا أنه يملك على قلوبهم وأفكارهم، ويدوم ملكه عليهم إلى الأبد. يتشبه أولاده به، فيطلبون المجد الزمني، ويظنون أن العالم يخلد أسماءهم، مقدمين كل عملٍ بشري يثبت ذكراهم عبر التاريخ. لكن الشر يمحو اسمهم من سفر الحياة. وإذ يُحذف اسم الشرير من سفر الحياة في السماء تُدفن كرامته في التراب، ولا يحمل اسمه إلا الاحتقار والاستخفاف حتى على الأرض، "لا اسم له على وجه البَرْ". ينال هنا عربون الخزي الأبدي والفضيحة التي يواجهها في يوم الرب العظيم. "ذكر الصديق للبركة، واسم الأشرار ينخر" (أم 10: 7). قيل عن الأشرار: "العدو تم خرابه إلى الأبد، وهدمت مدنًا، باد ذكره نفسه" (مز 9: 6). "لأنه مُطالب بالدماء ذكرهم، لم ينسَ صراخ المساكين" (مز 9: 12). "وجه الرب ضد عاملي الشر، ليقطع من الأرض ذكرهم" (مز 34: 16). "لتكن أمام الرب دائمًا، وليقرض من الأرض ذكرهم" (مز 109: 15). "لأن الأحياء يعلمون أنهم سيموتون، أما الموتى فلا يعلمون شيئًا، وليس لهم أجر بعد، لأن ذكرهم نُسي" (جا 9: 5). "سيسقطون من بعد سقوطًا مهينًا، ويكونون عارًا بين الأموات مدى الدهور، فإنه يحطمهم صامتين مطرقين برؤوسهم، ويقتلعهم من أسسهم، ويتم خرابهم، فيكونون في العذاب، وذكرهم يهلك" (الحكمة 4: 19). "اقحل بعضها وأباد سكانها، وأزال من الأرض ذكرهم" (سيراخ 10: 20). وقيل عن الأبرار: "ذكره لا يزول، واسمه يحيا إلى جيل الأجيال" (سيراخ 39: 13). "ليكن ذكرهم مباركًا، ولتزهر عظامهم من مواضعها" (سيراخ 46: 14). "ونحميا يكون ذكره طول الأيام، فإنه أقام لنا السور المنهدم، ونصب الأبواب والمزاليج، ورم منازلنا" (سيراخ 49: 15). *"لتُنزع ذكراه عن الأرض ولا يوجد اسمه في أماكن عامة" (LXX).واضح أن هذا يخص الذين يلزم أن يقطنوا في هذه الظلمة، هؤلاء الذين عيَّنهم المسيح (ليكونوا في الظلمة الخارجية - مت 8: 12 ؛ 25: 30)، هؤلاء الذين يشتركون في العرس بثياب قذرة، فيقول الملك: اربطوا يديه وقدميه... واطرحوه في الظلمة الخارجية، حيث البكاء وصرير الأسنان فإن كثيرين يدعون وقليلين يختارون (راجع مت 22: 13-14).. "واسمهم لا يُوجد"،لأن الأشرار يُطردون من أرض الأبرار، ويؤخذون ليكونوا مع الذين مُحيت أسماؤهم إلى الأبد (تث 32: 26). لهذا ترنم داود في موضع آخر على القيثارة: "محوت اسمهم إلى أبد الأبد" (مز 9: 6). الأب هيسيخيوس الأورشليمي البابا غريغوريوس (الكبير) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب | رعب الأشرار |
بينما كان أيوب يتحدث عن كل الأشرار فجأة حول كلماته إلى رئيس كل الأشرار |
أيوب | رخاء الأشرار |
أيوب | تعاسة الأشرار |
أيوب | دينونة الأشرار |