|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَهتَزّونَ لَهُ فَرَحًا في بَيْتَ لَحْمَ تَرَوْنَ المَسيحَ: هلُمّوا نَسْجُدْ مَعًا لِفادي الأنام عظة عيد الْميلاد الْمجيد تَهتَزّونَ لَهُ فَرَحًا (1 بطرس 6:1) أَيُّهَا الإخوَةُ والأخَوَاتُ الأحبّاءُ في الْمَسيحِ يَسوع. الْمَسيحُ وُلِدَ لَنَا، هَلُمّوا نَسجُدْ لَه! بهذِهِ الأنْتِيفونةِ الكَريمَة، بَدَأنَا الاحتِفالَ بِعَشِيّتِنا الْمِيلادِيّةِ، مُسْتَهِلِّينَ زَمنَ الْميلادِ الْمَجيد! فَرِحينَ بالْمَسيحِ كَلِمَةِ الله، الّذي تَجَسَّدَ في أَحشَاءِ البَتولِ مَريمَ الطّاهِرَة، وَيولدُ لَنَا بَشَرًا، وَيَسكُنُ بَينَنا فَادِيًا لِلبَشَريّةِ جَمعَاء. إذْ إنّهُ لا اِسْمَ تَحتَ السَّمَاء، يَنالُ بهِ النّاسُ الخَلاص، سِوى اسمِ الْمَسيحِ يَسوع. وَفَرَحُنَا هَذَا هُوَ فَرحُ الإيمان. إذْ لَيسَ هوَ فَرَحًا سَطْحيًّا، بِقَدرِ مَا هوَ فَرحٌ دَاخِليٌّ لِلنّفوسِ الْمُؤمِنَة. فَعَلَى السَّطحِ أُمورٌ كَثيرَةٌ تَدْفَعُنَا لِلحُزنِ والاغتِمَام، فَلِكُلٍّ وَاقِعُهُ الْمَمزوجُ بِالضِّيقَاتِ والآلام. وَلَكنَّ الإيمانَ باللهِ الْمُخَلِّص، هوَ مَا يَدْفَعُنَا لأنْ نَفرَحَ فَرَحًا مُقَدَّسًا سَاميًا سَماويًّا، لأنَّ اللهَ عِمّانوئيلَ مَعَنا، حتّى وَسَطَ أَحلَكِ ظُروفِنَا وَأَصعَبِها! إيمانُنا بالْمَسيحِ الّذي أَضَاءَ بِنُورِهِ عَتمَةَ الْمَغارة، يُضيءُ عَتمَةَ دُنيانَا، وَيُنيرُ عَلَينا بِبَهَاءِ نُورِهِ الأزليِّ، مُكْتَسِحًا ظُلْمَتَنا، وَمُبِيدًا عَتْمَتَنَا، وَمُبَدِّدًا قَتَامَةَ إيّامِنا! هوَ: ﴿النّورُ الْمُشرِقُ في الظُّلُمات، وَلَم تُدْرِكهُ الظُّلُمات. هو النّورُ الحَقّ، الّذي يُنيرُ كُلَّ إنسان﴾ (يوحنّا 5:1، 9). فَحَقَّ لَنَا أَنْ تَرتَكِضَ قُلوبُنا غِبْطَةً، وَتَمتَلأَ نُفوسُنا بَهجَةً وحُبورًا، وأنْ نُرنّمَ بِملئِ أَفوَاهِنَا، مُنْشِدين: في بَيْتَ لَحْمَ تَرَوْنَ المَسيحَ هَلُمّوا نَسْجُدْ لَهُ هَلُمّوا نَسْجُدْ لَهُ هَلُمّوا نَسْجُدْ مَعاً لِفادي الأنامْ أَيُّهَا الأحبّة، لَيلةَ الْمِيلادِ الْمَجيد، زَفَّت الْمَلائِكَةُ بِشَارَةَ أَهلِ السَّمَاءِ لِأهلِ الأرضِ، مُنْشِدَةً: "الْمَجدُ للهِ في العُلا، وَعَلَى الأرضِ السَّلام، وفي النَّاسِ الْمَسرَّة"! وَلَكِنْ، كَيفَ لَنَا أنْ نُفسّرَ أنَّ مَيلادَ الْمسيحِ جَلَبَ للأرضِ سَلامًا، وَهَا هِيَ رَاحيلُ تَبكي أَبْنَاءَها الشُّهَداء، الّذينَ سَقَطوا صَرْعَىً عَلَى يَدِ الطَّاغيَةِ هِيرودُس، وَقَدْ سَمِعَ بِنَبَأ الْميلاد؟! (راجع متّى 13:2-18). لا مَجَالَ لِلشّكِّ أنَّ الْمَسيحَ هو رَئيسُ السَّلامِ وَمَلِكُ العَدْل. وَلَكِنَّ الْمُشكِلَة، تَكْمُنُ في النّاسِ الّذين يَرفُضونَ سلامَ اللهِ، مُنْتَهِجينَ طُرُقًا تُفَضِّلُ العَداوَةَ والخِصام! فَكَيفَ لِمَن لا يملِكُ السّلامَ والسَّكينَةَ في دَاخِلِه، أَنْ يَعيشَ السّلامَ مع رَبِّه وَمَع غَيرِه؟! مَجدُ اللهِ في العُلَى، يُتَرجَمُ سَلامًا عَلَى الأرض. وَعندمَا يِتَحقّقُ السّلامُ في النّفوسِ أوَّلًا، يَكونُ سلامٌ بَينَ النَّاسِ والشُّعوب، ومحبَّةٌ بَينَ الأعراقِ والأديانِ والثّقافاتِ، لا إثارةٌ للنّعراتِ وبحثٌ عَنِ الاختلافاتِ للخِلافَات! فَإذا مَا أَرَادَ النَّاسُ أن يَتَفَاضَلوا، فَلْيَتَفاضَلوا في سِيَرِهم وَرُقيِّهم وَمَدَى فَضيلَتِهم وَرِفعَةِ أَخْلاقِهم. أَمَّا الْمُعْتَقَدَاتُ فَهيَ بَينَ الإنسانِ وربِّه أوّلًا، وَلِكَي تَجعَلَ مِنَ الإنسانِ إِنْسَانًا أَفضَلَ وَأَكمَلَ، ثَانيًا! وَعِندَهَا فَقَطْ يَنْعَمُ بَنو آَدَم بالْمَسَرّةِ، أَي بالخير. لأنّه لا مَسرَّةٌ دُونَ سَلام، ولا سَلامٌ دُونَ عَدلٍ لِكُلِّ النّاس. وَلَكِنَّ البَشَرَ حَالُهم كَحَالِ هِيرودُس! تَسودُهُم شَهَواتُهم، وتمتَلِكُهم أَطْمَاعُهم، وَكُلٌّ يَسْعَى لِتَحقيقِ مَنْفَعَتِه، وتَلْبيةِ رَغباتِه، بِطُرقٍ بَشِعَةٍ وَمُلتَويَة، وَسَعيٍ لِلْقَضَاءِ عَلى الآخرِ وَتَدْميرِه، لِأنّي أَرَى فِيهِ مُنُافِسًا، لا أَخًا وَشريكًا في الإنسانيّة. لِذلك، سَيَبقى النّاسُ يَدُوسونَ بَعضُهم بعضُا، والشُّعوبُ تَسْحَقُ بَعضُها بعضًا، وكُلٌّ يَتَسلَّقُ عَلَى كَتِفِ غِيرِه! لأنَّ العُروشَ والكَرَاسي لا تَحتَمِلُ مَلِكَين اِثْنَين: فَإمّا هيرودس، وَإمَّا الْمَسيح! ثُمَّ أنَّ السَّلامَ هوَ ثَمَرَةُ العَدلِ. وَطَالَمَا أنْ لا عَدَالةَ بَينَ النّاس، وَمادَامَ الأخُ يَأكُلُ أَخَاه، وَالقَريبُ يُبغِضُ ويحسِدُ قَريبَهُ، والنّاسُ تَغِشُّ وتُحابي وتُنافِق، لَنْ يَكونَ هُنَاكَ سَلامٌ! بالتّالي، الخَلَلُ لَيسَ في مِيلادِ الْمَسيح، بَلْ في النّاس! فَمِيلادُ الرّبِّ جَلَبَ سَلامًا مِنَ العُلَى، وَلَكِنَّ النّاسَ رَفَضوهُ وَلَم يَقْبَلوه وَلا يَزالون. هو الّذي: ﴿جَاءَ إلى أهلِ بَيتِه، فَمَا قَبِلَهُ أَهلُ بَيتِه﴾ (يوحنّا 11:1)، ذَلِك: ﴿أَنَّ النُّورَ جَاءَ إلى العَالَم، فَفَضَّلَ النّاسُ الظَّلامَ عَلَى النّور، لأنَّ أعمالَهُم كَانَت سَيّئة﴾ (يوحنّا 19:3). أَمَّا مَا حَصَلَ في الآونَةِ الأخيرة، عَلَى السَّاحَةِ الْمَحلّية، مِنْ أَحدَاثٍ مُؤسِفَةٍ وَأَلِيمَة، فَهوَ شَيء مُدَانٍ وَمُسْتَنْكَر. فَلا أَحدَ يُنْكِرُ عَلَى أَحَدٍ الْمُطالَبةَ بالحُقوق، والاحْتِجَاجَ بِطُرقٍ سِلميَّة. وَلَكِن، أَنْ تَحيدَ بَعضُ الاحتِجَاجَاتِ عَنْ مَسَارِهَا السِّلْمِيّ، مُلْحِقَةً الضَّررَ وَالخَسَائِر، البَشَريّةَ وَالْمَعنَويّةَ والْمَاديّة، فَهَذَا مَرفُوض! وَقَد دَفَعَ الوَطنُ غَاليًا، أَربَعَةً مِن شُهَدَاءِ الوَاجِبِ الأمْنيِّ الْمُقَدَّس، وَمِنْ خِيرةِ شَبابِ الوَطن، ضَحَّوا بِأَنفُسِهم لخيرِ الوَطن، وَسَلامِ أَهلِهِ. كَفَانَا اللهُ وَكَفَى الوَطنَ، شَرَّ العَابِثين والْمُخَرّبينَ وَالطّامِعينَ وَالْمُفْسِدِين! لِذَلِكَ في عيدِ الْميلاد، نَسْأَلُ اللهَ تَعَالى أن يَهبَ النُّفوسَ سَلامًا وَسَكينَة. نَسْأَلُه أَنْ يَهَبَ الشُّهَدَاءَ الرَّحمَة، وَلِعَوائِلِهَم الصّبرَ والعَزاء. وَلِشَعبِنَا نَسْألُهُ تَعالى الوَحدةَ وَالتّماسُكَ، لِدَرءِ كلِّ خَطَرٍ مُحدِقٍ، يُهدِّدُ أَمْنَنَا وَسَلامَنا واستِقرَارَنا. كَمَا نَسأَلُهُ أَنْ يَهبَ قِيادَتَنا دَومًا العَزيمَةَ والحكمَة، لِصُنعِ كُلِّ مَا مِن شَأنِهِ، الرّفعَةَ بهذا الوَطَن، وَتحقيقَ الخيرِ والرّخاءِ لأَهلِهِ وَنَاسِه. في عيدِ الْميلاد، نَسْألُ رَبَّ السَّماءِ الغَوثَ لِكُلِّ مُحتَاج، وَالنَّجدَةَ لِكُلِّ سَائِل، وَالعَزَاء لِكُلّ مُتألّم، والنُّصرَة لِكلّ مَظلوم، والإنْصافَ لِكُلِّ مَقْهور، والفرحَ لِكُلِّ حَزين، والجَبرَ لِكلِّ كَسير، والفرجَ لِكُلِّ مَن هوَ شِدَّة، والشّفاءَ لِكلّ مَريض، والرّاحةَ لِكُلِّ راقِدٍ. في رِسالَتِه لهذَا الْميلاد، يَكتبُ البَطريركُ يُوحنّا العاشِر يَازجي، قائِلًا: "مِنْ عَتْمِ الْمَغَارة، يَطُلُّ الْمسيحُ بَاعِثًا وَمِيضَ الأَمَلِ، لِقُلوبٍ تَرتَجي سَلامَ رَبِّ الخَليقَة. مِنْ بَيتَ لَحم، يُوافي رَبُّ السَّلامِ وَإلَهُ الْمَراحِمِ، لِيَضَعَ عَزاءَهُ في قَلبِ هَذهِ الإنسانيّةِ الْمُتَخبِّطَة! إنَّ البَشَريّة الْمُتَخَبِّطَةَ تَتوقُ إلى سَلامِكَ يا طِفلَ الْمغارة، وَتَرنو إلى صَمْتِكَ أَيّها الْمصلوبُ بِأهواءِ البَشَر..." |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|