|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حلول الروح القدس على التلاميذ هلُمَّ أيُّها الرُّوح القُدُس واملأ قلوب مؤمنيك، أرسل روحك فيُخلقوا : فيتجدّد وجهُ الأرض. "هاءَنَذا أَجعَلُ كُلَّ شَيءٍ جَديدًا" (رؤيا يوحنا ٢١: ٥) "وبينما عُيونُهم إلى السماءِ ويسوع صاعد، إذا رجُلان قد مثلا لهم في ثيابٍ بيضٍ وقالا: "أيُها الجليلُّيون، ما لكم قائمين تنظرون إلى السماء؟ فيسوع هذا الذي رُفِعَ عنكُم إلى السماء سيأتي كما رأيتموه ذاهباً إلى السماء". فرجعوا إلى اورشليم من الجبل الذي يُقال له جبلُ الزيتون، وهو قريبٌ من اورشليم على مسيرةِ سبتٍ منها. ولمّا وصلوا إليها صعِدوا إلى العُليّةِ التي كانوا يُقيمون فيها، وهم بُطرس ويوحنّا، ويعقوب واندراوس، وفيليبُس وتوما، وبرتلماوس ومتّى، ويعقوب ابن حلفى وسمعان الغيور، فيهوذا بنُ يعقوب. وكانوا يواظبون جميعًا على الصلاة بقلبٍ واحد، مع بعض النّسوةِ ومريم أُمِّ يسوع ومع إخوتِه" (أعمال الرسل ١: ١٢-١٤). إن الزمن الفصحي الذي نعيشه بفرح في هذه الفترة المقدسة هو زمن الروح القدس الذي وُهب لنا، من يسوع المصلوب والقائم من الموت. "ذَلِكَ بأنَّ الله يَهَبُ الرُّوحَ بِغيِرِ حِسَاب" (يوحنا ٣: ٣٤). وهذا الزمن، هو زمن النعمة، يُختتم اليوم بعيد العنصرة الذي من خلاله تعيش الكنيسة مجددًّا حلول الروح القدس على مريم والتلاميذ المجتمعين في العليّة بالصلاة. من هو الروح القدس؟ نعلن في قانون الإيمان: "نؤمن بالروح القدس الرب المُحيّ". وهذه هي الحقيقة الأولى التي نقبلها في قانون الإيمان: "أن الروح القدس هو ربّ"، أي أنه إله حق كما هما الآب والابن، وتحقّ له العبادة والسجود والتمجيد والإكرام، كما نرفعهم من خلال صلواتنا للآب والابن. فالروح القدس هو الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس، وهو العطية الكبرى من المسيح القائم من الموت، وهذه العطية تفتح عقلنا وقلبنا على الإيمان بيسوع الإبن المُرسل من الآب والذي يقودنا إلى الصداقة والشركة مع الله. إن الروح القُدُس هو الينبوع الذي لا ينضب لحياة الله فينا. فالإنسان هو كالمسافر عبر صحاري الحياة، يعطش للماء الحي القادر على إرواء رغبته العميقة للنور والحب، للجمال والسلام. نشعر جميعنا بهذه الرغبة العظيمة ، ويسوع هو الذي يعطينا هذا الماء الحي: إنه الروح القدس، المنبثق من الآب والذي يفيضه يسوع في قلوبنا، كما يقول لنا: " أما أنا فقد أتيتُ لتكونَ الحياةُ للناس، وتفيضَ فيهم" (يوحنا ١٠: ١٠). لقد وعد يسوع السامرية بأن يعطيها "ماءً حيًّا" (يوحنا ٤: ١٠) بوفرة وإلى الأبد، لها ولجميع الذين يعترفون بأنه الإبن المرسل من الآب ليُخلِّصنا (يوحنا ٣: ١٧). فيسوع قد أتى ليعطينا هذا "الماء الحي" الذي هو الروح القدس لكي يقود الله حياتنا، ليحركها ويغذّيها. وهنا نتسأل : لماذا باستطاعة هذا الماء الحي أن يروي ظمأنا؟ نحن نعلم أن الماء أساسيٌّ للحياة وبدونه نموت، إنه يروي ويغسل ويخصّب الأرض. في رسالة القديس بولس إلى أهل روما نقرأ هذه الآية الجميلة: "لأنَّ محبَّةَ اللهِ أُفيضَت في قُلوبِنا بالُّروحِ القُدُسِ الذي وُهِبَ لنا" (رومة ٥: ٥). فـ"الماء الحي"، الروح القدس هو عطيّة القائم من الموت وهو يسكن فينا يُطهِّرنا ويُنيرنا، يُجددنا ويُحولنا لنُصبح شركاء في حياة الله عينها أي المحبّة. لذلك يؤكد القديس بولس أن حياة المسيحي يُحركها الروح القدس بمواهبه، وهي: "الفهم، القوة، التقوى، مخافة الله، العلم، المشورة الحكمة" (أشعيا ١١: ٢)، وثماره التي هي: "المحبة والفرح، السلام والصبر، اللطف وكرم الأخلاق والإيمان والوداعة والعفاف" (غلاطية ٥: ٢٢-٢٣). فالروح القدس يدخلنا في الحياة الإلهية " كأبناء في الإبن الوحيد". يقول لنا القديس بولس في الرسالة إلى أهل رومة: "إن الذين يَنقادونَ لِرُوحِ الله يكونونَ أبناءَ اللهِ حَقًا. لم تَتَلقَّوا رُوحَ عُبودِيَّةٍ لِتعودوا إلى الخوف، بل روحَ تَبَنٍّ به نُنادي: أَبّا، يا أَبتِ! وهذا الرُّوحُ نَفْسُه يَشهَدُ مع أَرواحِنا بأنَّنا أَبناءُ الله. فإذا كُنَّا أَبناءَ الله فَنَحنُ ورثة: وَرَثَةُ اللهِ وشُرَكاءُ المسيحِ في المِيراث، لأَنَّنا، إذا شارَكناه في آلامِهِ، نُشارِكُه في مجدِهِ أَيْضًا" (رومة ٨: ١٤-١٧). هذه هي العطيّة الثمينة التي يحملها الروح القدس إلى قلوبنا: حياة الله عينها، حياة الأبناء الحقيقيين، علاقة ثقة وحريّة وتسليم لحب الله ورحمته، والتي تعطينا نظرة جديدة تجاه الآخرين القريبين والبعيدين إخوتنا وأخواتنا بيسوع الذي يجب علينا أن نحترمهم ونحبّهم ونخدمهم. وأخيراً إن الروح القدس يعلمنا أن ننظر بعيني المسيح ونعيش الحياة كما عاشها المسيح، ونفهمها كما فهمها المسيح. لذلك "فالماء الحي" أي "الروح القدس" يروي ظمأ حياتنا لأنه يقول لنا أن الله يحبنا كأبناء له وأنه باستطاعتنا أن نحبّه كأبنائه، وبنعمته يمكننا أن نعيش كأبناء الله على مثال يسوع. لنسمح للروح القدس أن يقودنا، لنسمح له بأن يُكلّم قلوبنا ويقول لنا: "أن الله محبة" وهو ينتظرنا دائمًا، لأنه أب ويحبنا كأبٍ حقيقيّ. لنشعر بالروح القدس ولنصغِ له ولنسر إلى الأمام في درب الحُبّ هذه، درب المحبّة والرحمة والغفران. نسأل العذراء مريم، أن تطلب لنا من الله، مواهب هذا الروح القدّوس، ويفيض فينا ثماره، لكي لا نضّل الطريق، بل يكون لنا النور، الذي يُهدينا بثبات نحو الملكوت السماويّ. فتعالَ يا روح الله، رافقنا في مسيرتنا إلى قلب الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|