الكتاب المقدس مملوء بالرموز00000 الرموز في الكتاب المقدس
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
الكتاب المقدس مملوء بالرموز...لكي تفهمه,لابد أن تفهمها. بل هناك أسفار بأسرها,غالبيتها لا تفهم إلا بمعرفة رموزها.وحينئذ يرفع النقاب عنها فتتضح صورتها وندرك معناها. * هل تستطيع أن تفهم سفر نشيد الأناشيد,بدون المعني الرمزي لكل تعبيراته؟! * وهل تستطيع أن تفهم سفر الرؤيا,بدون أن تفهم ما فيه من رموز تتعدد أنواعها بشكل واسع؟! * وهل تستطيع أن تفهم الرؤي والنبوءات التي وردت في سفر دانيال النبي,أو في سفر حذقيال أو في سفر زكريا,أو في سفر هوشع أنبياء الله,أو غيرهم,إن لم تفهم رموز تلك الرؤي وتلك النبوءات,التي استحقت بعضها أن يرسل الله جبرائيل رئيس الملائكة ليشرحهادا8:16,15؟! * وهل تستطيع أن تفهم سفر اللاويين,وكل ما فيه من ذبائح ومحرقات,ومن نجاسات وتطهير,ومن طقوس وأعياد,بدون معرفة الرموز التي تحققت في العهد الجديد؟! * وهل تستطيع أن تفهم الأحلام التي تفسرت كنبوءات تم حدوثها بدون المعني الرمزي لكل ما ورد في تلك الأحلام؟! ونذكر من بين ذلك الأحلام التي رآها يوسف الصديق وتحققت تك37وكل ما فيها كان رمزا.وبالمثل الأحلام التي فسرها يوسف الصديق لرئيس الخبازين ورئيس السقاة,ولفرعون نفسه تك41,40وكذلك الحلم الذي فسره دانيال النبي لنبوخذ نصر الملك دا2.وكل من تلك الأحلام كان يحوي رموزا وتحققت ووجدت من يفسرها. * في الكتاب توجد رموز إلي السيد المسيح,ورموز إلي القديسة العذراء مريم,ورموز إلي الكنيسة ,ورموز أخري من الصعب إحصاؤها... تابوت العهد كان رمزا للعذراء,وكذلك شوريةمبخرةهرون وعصا هرون التي أفرخت,والباب الذي رآه حزقيال في المشرقحز44:2,1وأحيانا كانت ترمز إليها عذراء النشيد.وكذلك رمزت إليها العليقة المشتعلة بالنار التي رآها موسي النبيخر3:2.وما أكثر الرموز الأخري التي يمكن أن نذكرها في حينها حينما يتطرق البحث إليها... كذلك كنيسة العهد الجديد كانت ترمز إليها الكرمة,والزيتونة,وفلك نوح,وحظيرة الخراف يو10والكنيسة كمبني كانت ترمز إليها خيمة الاجتماع...والسيد المسيح,كم كان أكثر الرموز إليه,حتي في حياة أشخاص مثل يوسف الصديق حينما باعه إخوته,وأخذوا الفضة ثمنا لهتك 37:28ومثل الأمر الذي صدر لأبينا إبراهيم أن يقدم ابنه الوحيد محرقة تك22:2كذلك كان هابيل الصديق رمزا إليه وكان داود النبي رمزا آخر.وكذلك أيوب الصديق في تجاربه وآلامه.وكذلك ملكي صادقتك14. بل كان يرمز له الراعي والملك,والصخرة1كو10:4وكان يرمز إليه خروف الفصحخر12وكل ذبائح ومحرقات العهد القديم,وأيضا تقدمة الدقيقلا2. كان هابيل الصديق رمزا إليه,وكان داود النبي رمزا آخر.وكذلك أيوب الصديق في تجاربه وآلامه.وكذلك ملكي صادقتك14 بل كان يرمز له الراعي والملك,والصخرة1كو 10:4وكان يرمز إليه خروف الفصحخر12وكل ذبائح ومحرقات العهد القديم,وأيضا تقدمة الدقيقلا2 وليس من السهل أن نحصي رموز العهد
القديم للسيد المسيح... * أمور أخري عديدة في العهد القديم كانت رموزا,لها معناها في العهد الجديد. مثال ذلك الأعياد التي وردت في سفر اللاويينلا23.وأيضا الختانتك17الذي كان يرمز إلي المعمودية في العهد الجديد كو2:12,11. السلم الذي رآه أبونا يعقوبتك28كان أيضا رمزا والحية النحاسية التي رفعها موسي النبي في البرية كانت رمزا عد21:9,8,يو3:14ومدن الملجأعد35:6كانت رمزا وكذلك الحبل القرمزي الذي استخدمته راحاب يش2:18. * هناك أحداث هامة أيضا كانت رموزا عبور البحر الأحمر له معناه الرمزي في النجاة من عبودية فرعون لذلك نتغني به في تسبحة نصف الليل في الهوس الأول... عبور البحر الأحمر أيضا يرمز كذلك إلي المعمودية,كما شرح القديس بولس الرسول1كو10:2,1. سبي بابل يرمز أيضا إلي السبي الروحي .لذلك نرتل المزمورعلي أنهار بابل هناك جلسنا فبكينا حينما تذكرنا صهيونمز137:1 ويختفي تماما المعني الحرفي لكلمة بابل ولكلمة صهيون ويبقي المعني الرمزي لكلمة:بابل ولكلمة صهيون.ويبقي المعني الرمزي:بابل رمز للسبي الروحي.وصهيون بمعني مدينة الله ومركز العبادة الحقيقية. كنعان أيضا كانت رمزا,وسقوط أسوار أريحا أيضا له معني رمزي روحييش6:20. * زواج موسي النبي بالمرأة الكوشيةعد 12:1.كان يحمل معني رمزيا في قبول الأمم. ولذلك وبخ الرب هرون ومريم لانتقادهما ذلك الزواج,لأنه من عند الرب قد كان.يعاقب مريم عقوبة شديدة.. ونفس الموضوع كان في علاقة ملكة سبأ الأممية مع سليمان الحكيم.ولذلك تعمق أوريجانوس في ذلك, وفي قول الكتاب عن زيارة ملكة سبأ لسليمان: فلما رأت ملكة سبأ كل حكمة سليمان,والبيت الذي بناه,وطعام مائدته,ومجلس عبيده,وموقف خدامه,وملابسهم,وسقاته ومحرقاته...لم يبق فيها روح بعده1مل 10:5.4.قال إن سليمان يرمز إلي السيد المسيح من حيث اسمه المشتق من السلامأش9:6ومن حيث أنه ملك وابن داود يجلس علي كرسيهلو1:32ومن حيث حكمته,لأن الابن هو أقنوم الحكمة1كو 1:24والبيت الذي بناه يرمز إلي الكنيسة التي بناها وأسسها السيد المسيح.وطعام مائدته يرمز إلي سر الافخارستيامت26:26-28وعبيده وخدامه يرمزون إلي الكهنة والشماس,بملابس الخدمة التي يخدمون بها الهيكل,والمحروقات ترمز إلي الذبيحة المقدسة. وكما كان زواج موسي وسليمان رمزا,كذلك كان زواج هوشعهو1:-9نحن إذن أمام رموز مفصلة تفصيلا.فيها كلمات العهد القديم ترمز إلي العهد الجديد... * في الطبيعة أيضا هناك أمور عديدة يمكن أن تؤخذ بالمعني الرمزي,ما ترمز إليه الجبال والتلال والمرتفعات,وما ترمز إليه الأشجار: الكرمة,والزيتونة,والنخلة,والأرز وما ترمز إليه البحار والأنهار وما يرمز إليه النور والظلمة...وكذلك الشمس والقمر والكواكب والنجوم. بل ما ترمز إليه الحيونات أيضا,كالحية والتنين والخنزير والثعالب الصغيرة المفسدة للكرومنش2:15.وما ترمز إليه الحمامة الحسنة.بل حتي النملة والنخلة,وزنابق الحقل وطيور السماء... * هناك أيضا الأرقام ورموزها في الكتاب المقدس... ربما يعطيني الرب فرصة لأنشر لكم عددا من المقالات عن رموز الأرقام في الكتاب,لكي ندرك معني كل رقم,وما تختفي وراءه من معان..وتأملات القديسين في هذه الأرقام. ليس فقط الرقم 7 في شهرته,بل أيضا الرقم3 والرقم8,والرقم6,والرقم5 وباقي الأرقام ومضاعفاتها ,ومدلولاتها.. * أيضا رموز الماء في الكتاب ,ورموز الزيت,والنار..كل منها يحتاج إلي مقال خاص,أو إلي عدة مقالات ,لندرك معانيه.وما ورد عنه آيات ,وكيف أمكن استخدامه أيضا في طقوس الكنيسة وفي أسرارها المقدسة... * بل حتي حبة الحنطة لها معناها في الكتاب,وكذلك الدقيق...وأيضا المعني الرمزي للخمير وللفطيرة. * حيث أن الخمير يرمز إلي الشر والفطير يرمز إلي النقاوة1كو5:7 وبهذا نفهم ما قاله السيد المسيح,احترزوا من خمير الفريسيينلو 12:1ونفهم ما معني عيد الفطير,وكيف كانوا يعيدونه سبعة أيام بعد الفصح وكيف كان الفصح يؤكل مع فطيرخر12:15,8...ونفهم أيضا لماذا نضع خميرا مع القربان الذي نقدمه في صلاة القداس الإلهي... * المن أيضا كان رمزايو6:48-50 وكذلك شجرة الحياة التي وردت في سفر الرؤيارؤ22:2وبالمثل شجرة التين كانت أيضا رمزامت21:19,من24:32 *ما أكثر الرموز التي كانت ترمز أيضا للروح القدس هل نتكلم عن النار؟أم عن الحمامة؟أم عن الريحيو3:8؟أم عن أنهار الماء الحييو7:29,38؟أم نتحدث عن الزيت وما تتبعه من مسحة مقدسة1يو2:27,20أش61:1مز16:9... كلها موضوعات تحتاج إلي شيء من التأمل ومن البحث في آيات الكتاب... *** بسبب ذلك تكونت في تاريخ الدراسات اللاهوتية والكتابية مدرسة التفسير الرمزي وهي تختلف في أسلوبها ومفاهيمها عن مدرسة التفسير الحرفي. اعتبرت هذه المدرسة أن المعني الحرفي هو النشرة الخارجية لأقوال الكتاب أما المعني الرمزي فهو اللب والثمر. ومن أشهر علماء مدرسة التفسير الرمزي العلامة أوريجانوس أستاذ مدرسة الإسكندرية اللاهوتي وأيضا القديس ديديموس الضرير مدير مدرسة الإسكندرية في عهد القديس أثناسيوس الرسول. ونبغ في التفسير الرمزي أيضا القديس أوغسطينوس أسقف هبو.وظهر ذلك في كتبه وفي تأملاته. ولقد غالي أوريجانوس في التفسير الرمزي إلي حد أخرجه عن المعقول... ووقع بذلك في أخطاء كثيرة تؤخذ عليه.مثال ذلك تفسيره لشجرة معرفة الخير والشر التي كانت توجد في وسط جنة عدن تك2:9تك3:3وتدرج في تفسيره إلي اعتبار أن خطية آدم وحواء كانت خطية زني!!وللأسف تبعه في هذا التفسير بعض من المعجبين به ونشروا خطأه وخطأهم في أفكار. الناس حسن أن يوجد تفسير رمزي ولكن لاتصح المغالاة فيه,حتي يصبح كل شيء رمزا!! *** * السيد المسيح نفسه استخدم أسلوب الرمز... مثل قولهاحترزوا من خمير الفريسيينمتي16:6.وقولهجئت لألقي نارا علي الأرض.فماذا أريد لو اضطرمت لو12:49ولم يكن يقصد النار بمعناها الحرفي طبعا.. ومثل قولهمن ليس له,فليبع ثوبه وليشتر سيفالو22:36ولم يكن يقصد السيف بالمعني الحرفي,بل بمعناه الرمزي أو الروحي.. وبنفس الأسلوب قال لسمعان بطرس وأندراوس أخيههلم ورائي,فأجعلكما صيادي الناسمت4:19وطبعا كان يقصد بالصيد المعني الرمزي. وكذلك بالأسلوب الرمزي قاليشبه ملكوت السموات عشر عذاري أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريسمت25:1 وكل هذا المثل رمز حتي المصابيح أيضا والزيت والباعة..والعرس... وبالمثل أيضا قولهلتكن أحقاؤكم ممنطقة,وسرجكم موقدةلو12:35.وكذلك قولهزمرنا لكم فلم ترقصوا,نحنا لكم فلم تبكوامت11:17. والأمثلة كثيرة جدا.. لهذا كان يحتاج أحيانا أن يشرح لسامعيه لكي يفهموا ما يقوله بهذه الرموز... كان يفتح أذهانهم,كما شرح لهم مثل الحنطة والزوانمت13وكان يرفع البرقع الموضوع علي قلوبهم لكي يفهموا2كو3:15. *** ليتنا إذن تكون لنا فرصة للتأمل في رموز الكتاب,وما تحويه من معان عميقة, حتي يمكننا أن نقرأه بفهم.وفي خلال ذلك يرفع كل منا صلاة إلي الرب,قائلا مع المرتل في المزمور:اكشف عن عيني,لأري عجائب من شريعتك مز119.
|