![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() "فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي طَلَبْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ، دعوته فما سمع ليّ، إِنِّيّ أَقُومُ وَأَطُوفُ فِي الْمَدِينَةِ، فِي الأَسْوَاقِ وَفِي الشَّوَارِعِ، أَطْلُبُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ، وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ: أَرَأَيْتُمْ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي؟ فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِيّ. أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ (قوي) الْحَقْلِ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ" [1-5]. يمكننا تفسير هذا الحديث من وجهتين، كحديث الكنيسة الجامعة لعريسها المسيح، أو حديث النفس كعضو في الكنيسة مع مسيحها. حديث الكنيسة الجامعة: حمل هذا الحديث الرمزي صورة حيَّة لأحداث القيامة بالنسبة للكنيسة منذ أرتفع عريسها على الصليب فقد طلبته ثلاث مرات ولم تجده إلاَّ في المرة الأخيرة. أ. ففي المرة الأولى طلبته "في الليل"، ولعل ذلك إشارة إلى الظلمة التي غطت الأرض في لحظات الصليب، إذ يقول الكتاب: "ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم... وإذا حجاب الهيكل قد أنشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين" (مت 27: 45-52). صار النهار ليلًا، وكانت ظلمة على كل الأرض، ولم يستطع حتى التلاميذ أن يدركوا سرّ الخلاص في ذلك الحين... إذ لم يكونوا بعد قد تمتعوا بالاستنارة. طلبوه وهم على فراشهم فما وجدوه ودعوه فلم يسمع لهم. طلبوه وهم في ظلمة الفكر الجسداني البشري، وهم على فراشهم غير قادرين على الجهاد معه أو إدراك أسرار الروح، فلم يجدوه. لعلهم كانوا يتساءلون في داخل أفكارهم: هل هذا هو المسيا المخلص؟! أو على حد تعبير تلميذيّ عمواس فيما بعد: "كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل" (مر 24: 20). ربما كانوا يتوقعون أنه يفلت من أيدي صالبيه وينتقم لنفسه ويقيم مملكته في ذلك الحين، لكن شيء من هذا لم يحدث قط! ب. وفي المرة الثانية طلبته العروس ليلًا، ليس على فراشها وإنما كما قالت: "إِنِّي أَقُومُ وَأَطُوفُ فِي الْمَدِينَةِ فِي الأَسْوَاقِ وَفِي الشَّوَارِعِ"، وهذا إشارة إلى حال التلاميذ بعدما دفن الرب ودخلوا إلى العلية وتحول وقتهم كله إلى ليل، إذ طلبوا الرب وهم خائفين والأبواب مغلقة. لقد حاولوا أن يسترجعوا قوتهم ويقومون يبحثون عنه في المدينة في الأسواق والشوارع. لقد كان الوقت سبتًا، لكنهم لم يذوقوا طعم الراحة، ولا قدروا أن يستكينوا إنما تحولت عليتهم وليس المدينة، وتحولت أفكارهم وربما أحاديثهم معًا إلى أسواق وشوارع، يتساءلون كل في داخله أو مع زملائه: وما نهاية الأمر؟! بحثوا عنه فيما بينهم وهاجوا وماجوا في أعماقهم ولا سلام! ج. أما في المرة الثالثة فقد تم البحث عنه عند القبر الفارغ، فقد خرجت مريم فجر الأحد والظلام باق لم تبالي أن تسير في الشوارع والأسواق حتى اجتازت القبر. لقد خرجت نيابة عن الكنيسة حزينة القلب وسألت الملاك بدموع عمن تحبه نفسها، وما جاوزته قليلًا حتى رأت الرب والتصقت به... لقد أمسكت به أولًا لكنها إذ أرادت أن تبقى هكذا سألها أن تسرع وتخبر التلاميذ أن يلتقوا به في الجليل... وكأن القديسة مريم قد دخلت به إلى الكنيسة بيت أمها وحجرة من حبلت بها. أما حديث الكنيسة: "أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ (قوي) الْحَقْلِ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ" فهو حديث عتاب مملوء حبًا موجه من الكنيسة المسيحية إلى جماعة اليهود. لقد سخروا بالعريس على الصليب قائلين: "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (مت 27: 40)، وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا: "خلص آخرين وأما نفسه فلم يقدر أن يخلصها. إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به" (مت 27: 41-42). وكأن الكنيسة بعد أن دخلت إلى قيامته عادت تقول لبنات أورشليم: لماذا كنتن تستعجلن العريس أن يقوم، أسألكن بحق الأنبياء "الظِّبَاءِ وأَيَائِلِ الْحَقْلِ" أن تتركن إياه ليقوم في اليوم الثالث حيث شاء هكذا! إن كان قد رقد على الصليب فراجعن النبوات واذكرن أنه يقوم متى شاء! لقد عرفت الآن سرّ موته ودفنه، إنه مات عن قوة، وقام ليقيمنا معه! |
|